السيسي يستنزف رجال الأعمال.. المؤيّدون و"الإخوان" في سلّة واحدة

السيسي يستنزف رجال الأعمال.. المؤيّدون و"الإخوان" في سلّة واحدة

23 اغسطس 2017
(عبد الفتاح السيسي، تصوير: كازوهيرو نوجي/ فرانس برس)
+ الخط -

أصدرت لجنة التحفظ وإدارة أموال جماعة "الإخوان المسلمين"، مطلع الأسبوع الجاري، قرارات بالتحفظ على 18 شركة تدّعي اللجنة أنها تتبع "جماعة الإخوان". من بين الشركات التي تم التحفظ عليها "راديو شاك" و"موبايل شوب" و"كمبيوتر شوب" و"دلتا آر إس للتجارة" والشركة المالكة للموقع الإخباري "مصر العربية".

قرارات التحفّظ الجديدة جاءت بعد أيام قليلة من التحفظ على أموال 16 شخصًا بعضهم من رجال الأعمال كعمر الشنيطي، صاحب "الشركة العربية الدولية للتوكيلات التجارية" المالكة لسلسلة مكتبات "ألف" بفروعها الـ37، وكذلك رجل الأعمال مصطفى صقر، صاحب شركة "بيزنس نيوز للصحافة والطباعة والنشر والتوزيع" المالكة لجريدة "الديلي نيوز"، وهي جريدة سبق أن نشر فيها الرئيس عبد الفتاح السيسي مقالًا لتشجيع المستثمرين الأجانب على الاستثمار في مصر.


كيف نفهم قرارات التحفظ الجديدة؟
تضاف قرارات التحفظ الجديدة إلى سلسلة قديمة من القرارات التي شملت مئات الأشخاص، من بينهم قيادات بارزة في جماعة "الإخوان المسلمين"، لكن سبب إثارة القرارات الجديدة للذعر والجدل أكثر من السابقة هو أنها تحمل عددًا من المؤشرات شديدة الخطورة عن مآل الأوضاع في مصر.

شملت القرارات الجديدة أسماء خمسة من أبناء الداعية الإسلامي يوسف القرضاوي وأسماء بعض من أزواجهم، وهو ما يعدُّ مؤشرًا إلى اتساع دائرة الاشتباه السياسي، فلم يعد النظام الحاكم يكتفي بالتحفّظ على أموال الأشخاص المعروفين بانتمائهم إلى "الإخوان" فقط، بل وسع الدائرة لتشمل كل من له علاقة بالجماعة وأفرادها، حتى ولو كانت علاقة قدرية ليس له يد فيها كعلاقات القرابة والنسب.

كما شملت قرارات التحفّظ أسماء عدد من رجال الأعمال المستقلّين بل والمناهضين لجماعة الإخوان أيضًا، رغم أن بعضهم له علاقات استثمارية مشتركة مع رجال أعمال في دول خليجية كالإمارات والسعودية، فعلى سبيل المثال يمتلك رجل الأعمال عمر الشنيطي علاقات وطيدة مع مستثمرين خليجيين ويدير مشاريعهم في مصر، كما أنه معروف باستقلاله وبكونه عضو سابق في حزب مصر القويّة، وهو أحد الأحزاب التي شاركت في المظاهرات المناوئة للرئيس الأسبق محمد مرسي، وبالتالي فإن اتهامه بالانتماء إلى الإخوان أمر غير منطقي.

كما أن رجل الأعمال مصطفى صقر الذي تمّ التحفظ على أمواله وشركاته، له استثمارات معروفة مع رجل أعمال سعودي، وسبق وكتب الرئيس السيسي مقالات في جريدته لطمأنة المستثمرين إلى الأوضاع في مصر، وتنظّم شركته فعاليات مشتركة مع عدد من الوزارات، وبالتالي فإن اتهامه بالانتماء إلى "الإخوان" أمرٌ عبثي.


لا توجد إجابة
يدفعنا التحفظ على أموال الشنيطي وصقر، رغم كونهما معروفين بعدم انتمائهما إلى "الإخوان"، للبحث عن أسباب أخرى لهذا القرار. بالطبع لا توجد إجابة رسمية عن هذا التساؤل لكن أحاديث الظل يصبح لها وجاهة في مثل هذه الظروف، وما يقال حول الأمر هو إن هناك "جهات سيادية" ترغب في مشاركة الشنيطي وصقر في أعمالهما أو السيطرة عليها لكنهما يرفضان ذلك، فكانت هذه بمثابة "قرصة أذن" لهما ولغيرهما ممن قد يرفض مستقبلًا.

تفسير آخر للأمر مفاده أن السلطة أصبحت تضيق ذرعًا بكل مستقلّ حتى وإن لم يكن معارضًا، فالقاعدة الآن أصبحت "من ليس معي قلبًا وقالبًا وبالشكل الذي أريده فهو ضدّي بالضرورة"، وفي مصر الآن ليس مسموحًا أن يكون هناك أحد ضّد السلطة، أي ليس مسموحًا وجود مستقلّين باعتبار عدم السماح بوجود معارضين أمرٌ مفروغ منه.

بعض قرارات التحفّظ التي اتخذت غير مفهومة المنطق وهو أمرٌ خطير للغاية، إذ يشير إلى أنه لم تعد هناك قاعدة تتبعها السلطة في التحفّظ على الشركات وأموال الأفراد، وهو ما يضع كل رجال الأعمال تحت سكين النظام الحاكم، وهو ما يهدّد مناخ الأعمال في مصر، ويجعله بيئة طاردة للاستثمار.


شبهات حول لجنة التحفّظ
يدور عدد من الشبهات حول لجنة التحفظ وإدارة أموال جماعة "الإخوان المسلمين"، فاللجنة إدارية وليست قضائية، حسبما أقرّت محكمة القضاء الإداري في حكم سابق لها، وهو ما يُثير الكثير من علامات الاستفهام حول السلطات التي تمتلكها اللجنة وأحقيّتها في ممارستها، كما يجعل تسييس اللجنة عملية سهلة.

كما أنه لا يوجد أساس معروف تعتمد عليه اللجنة في تحديد من هم "الإخوان" الذين سيتمُّ التحفّظ على أموالهم سوى "تحريّات الشرطة"، بحسب تصريحات عدد من أعضاء اللجنة، وسمعة الشرطة المصرية في التحرّيات مشكوك فيها و"مسيّسة" كما هو معروف للجميع، وبالتالي فإن الأساس الذي تعتمد عليه اللجنة أساس فاسد.

المساهمون