السيسي في الفيسبوك: حلفت إني همشي (2-2)

السيسي في الفيسبوك: حلفت إني همشي (2-2)

30 ابريل 2017
(احتجاجات في ألمانيا، الصورة: وكالة الأناضول)
+ الخط -


عطفًا على المقال السابق، فليس ثمّة فارق بين خطابات السيسي، والمنشورات المكتوبة على صفحته الرسمية، عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، والتي اختلطت لدى كثيرين من متابعيها بالصفحات الساخرة، والتي تنتقد ما يُنشر في الموقع الرسمي وتتهكّم عليه، بينما اعتبروا أن الصفحة قد سُرقت، وشكّكوا في صحّة ما ينشر فيها، فضلًا عن أن يكون مصدره رئاسة الجمهورية، والتي تتولّى مهمّة التواصل مع جماهير مواقع التواصل الاجتماعي.

ردود فعل واحدة ومتشابهة في سخريتها من تعليقاته السياسية، والعبارات التي يوردها في صياغات باهتة وكأنّها نصوص سفلية، تحوي طلاسم وألغازًا يفكُّ شفرتها وطابعها السحري، تعليقات روّاد مواقع التواصل الاجتماعي والعديد من "الهاشتغات" وصفحات "الكوميكس"، والتي تُضمر داخلها قتامة وعبثية السياق الرسمي الواردة فيه تلك العبارات، فتعيد صياغة مقولاته وتعبيراته الخاصّة، في مشهدية مغايرة، تصنع انفعالاتها الجديدة وتفضح تناقضاتها المكبوتة، مرورًا بالسخرية والتهكّم وإدانة سلوكه الذي لا تخلو منه درجة المرارة والألم.

قبل أن تنتهي فعاليات مؤتمر الشباب الذي بدأ قبل أيّام في مدينة الإسماعيلية، رافقت التعليقات المتندّرة على مجموعة من العبارات الركيكة التي انتشرت على الصفحة الرسمية لعبد الفتاح السيسي، عبر موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، في صياغاتها الرديئة، والتي لا ترقى إلى أن تكون استعارة لكليشيهات قديمة ومستهلكة يجري حشدها وتوظيفها في التعبئة والترويج للنظام.

تفضح عبارات، مثل التي دونتها صفحته: "نريد أن نراجع حجم تجرّدنا والتوازن بداخلنا قبل أن نتحاور مع بعضنا البعض"، أو في منشور آخر: "أخشى من كثرة الكيانات التي يتمّ تشكيلها حتى لا تتقاطع وتتضارب الاختصاصات بينها"، محاولاته المبتذلة لوضع صياغات تبدو له قويّة ومدويّة.

لكنها من ناحية، تستر عجز النظام وإخفاقه في بلورة مفهوم واضح ومعنى محدّد تتحدّد معالمه، ومن ناحية أخرى، تعرّي طريقته في النهب والفوضى والعشوائية، والتي تطاول كل شيء، في تعاطيه واستخدامه المفردات والكلمات والأحداث، ومثلها البشر والعدالة والأمن، والتي يتمّ إهدارها في جسد مهشّم ضعيف.

ففي إحدى التدوينات التي يعرّج فيها الجنرال المصري بالحديث عن قضية تيران وصنافير فيقول: "‏عن تيران و صنافير: "لا أحد يجامل على حساب بلده والموضوع أمام البرلمان والقضاء ولا نتدخل" #اسأل_الرئيس #ابدع_انطلق".

لكن السيسي دشّن اتفاقية تقتضي بإعادة ترسيم الحدود البحرية مع السعودية، وتسليم الجزيرتين لها بالرغم من الرفض الشعبي العارم وصدور حكم قضائي من أعلى هيئة قضائية في مصر، بتأكيد مصرية الجزيرتين ورفض تسليمها للرياض، بينما ظلت الدولة الخصم في القضية وتسعى لنقل تبعية الجزيرتين بإصرار شديد ونقل المعركة من الساحة القضائية بعد الفشل في ذلك إلى البرلمان أو طرحها لاستفتاء شعبي للبت في ذلك وسط حيل غرائبية تطعن في مصداقية النظام واستقلاله السياسي.

ومن بين ما نشرته الصفحة تدوينة جاء فيها: "الدين العام قفز من 700 مليار جنيه إلى 3.4 تريليون جنيه"، ثم ذيلت الصفحة التعليق بهاشتاغ #اسأل_الرئيس #ابدع_انطلق. وتفاعل الآلاف مع المنشور، والذي علق عليه عدد كبير منهم بشكل ساخر.

وفي ظلّ ما تعانيه مصر من ارتفاع كبير في نسبة الدين العام، سواءً الداخلي أو الخارجي، بعد ارتفاع سعر الدولار رسميًا؛ نظرًا لقرار تعويم الجنيه في سوق الصرف، سخر المتابعون من هذا التعليق الذي جاء في ظلّ عقد المؤتمر الدوري الثالث للشباب، والذي أقيم بمحافظة الإسماعيلية، شرق القاهرة، باعتباره أحد إنجازاته التي يفتخر فيها بمضاعفة الدين العام، ومن ثم، الإعلان عنه في تلك المناسبة.

كتب أحد المعلقين ساخرًا: "على فكرة يا جماعة الناس اللي زعلت من الأدمن، الأدمن مفكر إن الـ 700 مليار أكبر من 3.4 تريليون، عشان الـ 700 فيها صفرين".

ووسط تعليقات تنوّعت بين السخرية والشكوك من اختراق الصفحة بسبب المنشورات غير المفهومة، قامت بعدها الصفحة الرسمية للرئيس المصري بحذف بعض "البوستات" المنشورة بها، والتي انتشرت على فيسبوك بعد اختفائها من الصفحة الرسمية، وكتب فيها: "أخشى من استدعاء الواقع الحقيقي".

ولو أن ثمّة أزمة قد تواجه المرء في محاولة تفكيك هذه العبارة، فلن تكون في سبيل محاولة فهمها، لكن في مدى استجابة العبارة لجرعة مضاعفة من السخرية، والتي بلغت مداها. فهي تستعصي على أي معنى قد يتطابق معها وتنتفي مشروعية التفكير بها بشكل جاد، والذي سيضحي مواجهة هذيانية غير معقولة وعبثية.

تصدّر هاشتاغ "مش عايزينك" تريند تويتر، والذي احتل الموقع الرابع عالميًا والأوّل على مستوى مصر، خلال الساعات الأولى التي أعقبت تصريح عبد الفتاح السيسي، خلال كلمته، الثلاثاء الماضي، قائلًا: "أقسم بالله لو الشعب مش عايزني ما هقعد ثانية في المكان ده"، خلال كلمته بمؤتمر الشباب.

وتفاعلت الصفحة الرسمية لـ حركة 6 أبريل مع "السيسي" قائلة: "غير مسبوق ما فعله في ثلاث سنوات من تخريب وتفريط وإهدار لمقدرات الوطن، غير مسبوق القتل والخطف والتعذيب والظلم للمصريين".

وأضافت في تدوينة أخرى: "#مش_عايزين_السيسي.. آخر الجنرالات الحاكمين". حسب ما نشرت عبر صفحتها الرسمية.

وقالت الناشطة الحقوقية منى سيف: "عشان بدل ما تضخ فلوس في بناء مستشفيات ومدارس وفتح حدائق عامة، اشتريت سلاح وبنيت أكتر من 14 سجن جداد #مش_عايزينك".

وعلقت الصفحة الساخرة باسم عبد الفتاح السيسـي: "حلفت إني همشي لو المصريين قالولي مش عايزينك فعملوا هاشتاج #مش_عايزين_السيسي وبقى الأوّل فالوطن العربي فأنا هصوم ثلاث أيّام عشان الحلفان بتاعي".

المساهمون