"البائع المتجوّل" في غزّة.. ردّاً على عنصرية ترامب

"البائع المتجوّل" في غزّة.. ردّاً على عنصرية ترامب

28 فبراير 2017
(مشهد من الفيلم الإيراني البائع المتجوّل)
+ الخط -
هي المرّة الأولى التي يُعرض فيها فيلمٌ إيراني في قطاع غزّة، كأحد أشكال التضامن ضدّ العنصريّة؛ ربّما تكون خطوة قد تُثمر في إعادة وإحياء عرض الأفلام في القطاع الذي يتعطّش سكانه لوجود سينما، وبالتزامن مع ليلة عرض نتائج الأوسكار، أطلقت المخرجة الفلسطينيّة، مي عودة، مبادرة عرض فيلم "البائع المتجوّل" للمخرج الإيراني، أصغر فرهادي، في دور العرض الفلسطينيّة تضامنًا مع السينما وانتقادًا لقوانين ترامب العنصريّة.

"لأنّ السينما أتت لتوحّد الشعوب لا لتفرّقها أو تزيد من انقسامها، نتضامن اليوم مع المخرج الإيراني، أصغر فرهادي، من خلال عرض فيلمه المرشّح لجائزة الأوسكار (البائع المتجوّل)، كأفضل سلاح في مواجهة العنصريّة والتطرّف"، هذا ما قالته المخرجة الفلسطينيّة عودة، مضيفة: ""يجب علينا أن نؤكّد حضورنا دائمًا بأفلام مستقلّة عربية، وأجنبية تعزّز ثقافتنا نحو مستقبل جيّد يتغلّب على العقبات، حيث انطلق العرض الأوّل من قطاع غزّة، ثمّ القدس والناصرة ورام الله، وبيت لحم لاحقًا".

تُتابع المخرجة، إنّها تواصلت مع فرهادي الذي أبدى سعادة غامرة، حينما علم أن فيلمه يُعرض في فلسطين المحتلّة، متحدّثة عن قصّة "البائع المتجوّل" الذي تدور فكرته حول امرأة وزوجها، يعيشان في شقّة سكنية بإيران، تشقّقت جدرانها، فأرادا البحث عن أخرى في الوقت الذي يتمرّنان فيه على تمثيل مسرحية "موت البائع المتجوّل"، خلال الأحداث يجدان الشقّة التي تحدث بها مشاكل درامية، إذ تنتقل الأحداث من المسرحية إلى حياتهم الواقعية.

وتشير المتحدّثة، إلى أن مخرجي الأفلام الخمسة المرشّحة لجائزة أفضل فيلم أجنبي وجهوا رسالة تضامن مع "أصغر فرهادي"، وقالوا إن القرارات أدّت لمزيد من التفرقة لا سيما وأن الفن يجمع بين الناس وتوحيد الشعوب.

أمّا عن عرض الفيلم في قطاع غزّة، "في الحقيقة؛ يفتقر القطاع إلى وجود دور سينما، وثمّة محاولات تتحايل على الواقع بعرض أفلام فلسطينيّة، عربية وأجنبية أحيانًا، في مبادرات فردية أو تشاركيّة برعاية جهة ما، كمؤسّسة فلسطينيات التي احتضنت مبادرة عودة في غزّة".

في السياق؛ يقول محمّد البرعي، عضو الملتقى السينمائي الفلسطيني، إن العرض في غزّة كان بهدف الاعتراض والاحتجاج، وهو بمثابة رسالة للسياسيين الأميركيّين أيضًا أن الفن يوحّد الشعوب ولا يفرّقها، غير أنّ رسالة الفن "سامية"، ولا يجب معاقبة الفن في إطار سياسي و جعل السينما جزءاً أصيلاً من الصراعات السياسية وانعكاساً سيئاً على الحراك الثقافي والفكري والسينمائي بين شعوب العالم التي يجمع بينها الفنّ والجمال والموسيقى.

ويضيف: "عرض الفيلم في غزّة لم يكن من أجل قيمته الفنية أو مشاهدته لأجل النقد، بل على العكس، جاء العرض في إطار دعم حقّ السينمائيين الإيرانيّين للمشاركة في مهرجان توزيع جوائز الأوسكار، حيث لا يحقّ للإدارة الأميركيّة وسياسييها منع أي فنان، سواء كان مخرجاً أو ممثلاً أو موسيقياً أو رساماً أو كاتباً أو شاعراً، أو مواطناً عادياً من حريّة التنقل والحركة ودخول أميركا لأسباب عنصرية وسياسية".

ويعتبر البرعي، أن القانون الأميركي الخاطئ الذي حاول أن يمنع الإيرانيين من دخول الأراضي الأميركيّة، أعطى الفيلم دعاية مجانية يتمنّاها أي مخرج وأي شركة إنتاج، "وهو ما يؤكّده على السينما الإيرانيّة، وتحديدًا على هذا فيلم "البائع المتجوّل" الذي رغب معظمنا بمشاهدته" بحسب قوله.

ويؤكّد، أن رسالة القطاع بعرض الفيلم مرّة ومرّات لاحقة، تهدف للوصول إلى السياسيّين بألّا يدمّروا ما تصنعه السينما من وحدة وتفاهم ومحبّة بين كل شعوب الأرض، إذ عليهم ألا يُقحموا السينما بهذه الصراعات. ويتمنّى أن يكون عرض "البائع المتجوّل" في غزّة هو بداية حقيقيّة فعلية لانطلاق مهرجانات وتبنّي عرض العديد من الأفلام لاحقًا، من أجل دعم الصورة البصرية والسينما وتحديدًا في قطاع غزّة.

بدورها، تقول مرح الواديّة، وهي أحد المنظمين للعرض في القطاع: "لعلّ مبادرة عرض الفيلم الإيراني، تكون بداية فعلية على أرض غزّة بلفت الانتباه إلى ضرورة وجود دور عرض سينمائيّة تلبي رغباتنا كمواطنين، كما أن العرض يأتي احتجاجًا على السياسة العنصرية التي يتبعها ترامب وإدارته الجديدة ضدّ بعض الدول". وتعتقد أن الفلسطينيّين في قطاع غزّة أكثر ما يُمكن لهم أن يشعروا بمعنى العنصريّة ووجوب مواجهتها خصوصًا بمنطقة شبه معزولة عن العالم منذ أكثر من عشرة أعوام.

وتفيد أن الانسجام وشغف الجمهور الذي حضر العرض كان واضحًا، حيث طالب ناشطون بتكرار عرضه مرّة أخرى لمن لم يتسنّ له الحضور. وتُلفت إلى أن فكرته جريئة وتعالج قضايا واقعية تخشى أحيانًا المجتمعات المغلقة من عرضها لاعتبارات أن المجتمع "محافظ"، على الرّغم من أهميّتها.

وتشير الواديّة، إلى أن ثمّة أفكاراً جديّة ستترجم على الأرض بعد عرض الفيلم، تسعى إلى إقامة عروض سينمائيّة أخرى في محاولات للتغلّب على الواقع البائس الذي يشهده القطاع حسب وصفها.

المساهمون