صفقات "إكسبوتك" غزة.. لا تحاول مرّة أخرى

صفقات "إكسبوتك" غزة.. لا تحاول مرّة أخرى

29 نوفمبر 2016
(من معرض تكنولوجيا المعلومات بغزة، الصورة: صفحة إكسبوتك/ فيسبوك)
+ الخط -
لقيت المناقصات الخاصّة بأهم معرض تكنولوجي فلسطيني "إكسبوتك"، انتقادات لاذعة من بعض شركات الإنتاج الإعلاني والفنّي في غزّة، بعد أن عادت كل مناقصات هذه السنة، إلى الشركة نفسها التي حصلت على كل المناقصات خلال السنوات الستة الماضية. ما طرح أسئلة حول نزاهة اتحاد شركات أنظمة المعلومات الفلسطينية "بيتا".

يعتبر معرض "إكسبوتك"، من أهم المعارض في مستوى فلسطين مواكبة للتطوّر التكنولوجي داخل المؤسّسات الخاصّة والوطنية والخدمات المقدمة من خلاله، وهو ما يفتح أمام الشركات فرصة لعرض منتجاتها، وبعض الابتكارات الشبابية وغيرها، ويُقبل عليه عشرات آلاف الزوّار من قطاع غزة والضفة الغربية. ومع ذلك تتنافس الشركات من حيث الجودة والأسعار للحصول على المناقصات المعلنة من طرف الاتحاد، لكن كل محاولات التنافس باءت بالفشل، لأنها تصبّ في حصّة شركة واحدة معروفة على مستوى فلسطين.


بداية المشكلة
شركة "فلكس" للدعاية والإعلان، إحدى الشركات التي دخلت المناقصة، دار بين مديرها ومدراء شركات أخرى، وبين أعضاء اتحاد "بيتا" اجتماعًا خلصوا منه بوعود مفادها، أن مناقصة العام الجاري 2016، ستكون من نصيب شركات متنوعة، في مناقصة تصميم وبناء المعرض ومناقصة المطبوعات ومناقصة الحملة الإعلانية، وطلبوا منهم تقديم تصوّرات وإنشاء المعرض بصورة مختلفة عن الأسلوب التقليدي المتّبع لشكل المعرض في السنوات السابقة.

حرصت الشركة، على تقديم تصوّر يواكب المعارض التكنولوجية العالمية، ولكنها تفاجأت برفض طلبها، بسبب لجنة التقييم الفني رغم إشادتهم العمل، "لكن توجد أسباب تمنعهم من منح الصفقة، وهي أن الميزانية المقترحة أعلى من الميزانية المرصودة، ولا يوجد خبرة سابقة للشركة مع المعرض، إضافة لعدم عضوية الشركة مع اتحاد "بيتا".

مدير شركة "فلكس" للدعاية والإعلان عدلي نزال، لم يقتنع برد الاتحاد، بخصوص عضويته في الاتحاد وخاصة أنه يعمل في مجال الدعاية والإعلان، وأن الاتحاد متخصّص في أنظمة المعلومات والتكنولوجيا، ولا توجد أي صلة مع تخصّصه، إضافة أن إلى تفاصيل المناقصة غير واضحة بخصوص مقاسات المواد المنتجة وجودتها، فضلًا على أنهم لم يتلقوا أي ردّ عن استفساراتهم حول الشروط اللازمة.

يعلّق مدير "فلكس"، أن هناك تفاصيلًا غير واضحة في المناقصة، وقد تكون الأسعار المقترحة مغلوطة، ولذلك تقدمنا لشكوى للإدارة العامة لـ"بيتا" على السياسة المتّبعة والمغالطات التي حصلت معنا، لكن المشكلة، هي قيامهم بتحديد موعد يجمع بيننا وبين إدارة غزة التي اشتكينا ضّدها. ورفضنا ذلك لأنه ليس عادلًا أن نجلس مع خصمنا دون وجود طرف ثالث خارجي يشرف على الجلسة من أجل الخروج بالحل.


احتكار الصفقات
قبل حصول شركة "فلكس" على اعتذار المناقصة، توجّه مديرها لإدارة "بيتا" لتسليم بعض عينات الأعمال لموظفة بالداخل، بعد أن علم من أنهم استقبلوا عينات أعمال غير مطروحة في المناقصة من الشركة التي حصلت على الصفقات، لكن الموظفة رفضت استلامها من المدير نفسه، وبعد إلحاح أخبرته أنها ستأخذ العينات منه لكنها متأكّدة أنها ستعود إليه دون فتحها، وبعد أقل من ساعة وصلته رسالة عبر بريده الالكتروني تفيد بعدم حصول شركته على أي صفقة. وعند تواصله مع أحد أعضاء مجلس إدارة "بيتا"، لمعرفة أسباب رفض المناقصة، اكتشف أن العضو يجهل هذا القرار، رغم أن البريد أشار أنه قرار من مجلس الإدارة.

في عام 2012 تقدّمت الشركة بمناقصتها بناءً على جودة العمل، علمًا أن الاتفاق في الاجتماع التمهيدي حينها كان ينصّ أنه في حال حصلت أي شركة على مناقصة تصميم البناء، لا يمكن لها الحصول على مناقصة المطبوعات. لكنه تفاجأ بعدم حصوله على الصفقة واحتكار جميع الصفقات من طرف شركة واحدة، وعندما اطلع مدير الشركة على المعرض وجد الجودة المقدمة عادية جدًا، وقدم خلال المناقصة جودة أفضل منها. وفي عام 2013 قرّرت الشركة مقاطعة عروض المعرض، وبعده بعام 2014 تقدّم مجدّدًا وتكرّرت معهم الحادثة.

يضيف المتحدث " طرح مناقصة هو إجراء شكلي فقط، وإذا أرادوا العمل مع شركة إنتاج إعلاني فليعملوا معها مباشرة، لماذا تُطرح مناقصة وفي الّأخير تعود للشركة نفسها التي يتعاملون معها منذ سنوات".


من تحت الطاولة
ما واجهته "الهيثم" للدعاية والإعلان لا يختلف كثيرًا عن شركة "فلكس" مع اتحاد "بيتا"، لكنها على مدار سبعة سنوات، كانت تقدّم عروضًا للمناقصة، ولا تحصل على أيّ عرض، وعندما توجّه زياد اليازجي المندوب العام لها إلى مقرّ اتحاد "بيتا"، وطلب مقابلته لاستفسارات الجودة، رفضوا الحديث معه، لكنه لحظتها شاهد شخصًا يجلس في الداخل مع موظفي الاتحاد يطلعون على عروضه، وعندما سألهم مندوب شركة "الهيثم" عن الموجود بالداخل، قيل له أن الذي بالداخل هو مندوب من مؤسسة "مشارق" للتجهيزات والإنتاج الإعلاني.

يقول اليازجي: "عروضهم غامضة، ولا تحتوي على أي توضيحات، توجهنا للاتحاد لنيتنا معرفة طبيعة المناقصات وجودتها، لكن لا أحد أفادنا، ووضعنا أقل الأسعار وأعلى معايير الجودة في غزة على المطبوعات، لأننا نريد معرفة مصير منح صفقات حيث أنهم طالما تحدّثوا عن الجودة، لكن الأمر محسوم للآخرين مثل كل سنة".

ويستطرد المتحدّث، أنه اتصل بموظفة بالاتحاد، واعترفت له أن الصفقة رست على شركة "مشارق" بمبلغ 6700 دولارًا على المطبوعات، والشركات الأخرى قدّمت عروضًا بـ 1700 دولار و1800 دولار، مضيفًا أن شكرته قدمت عرضًا بسعر 1900 دولار وبجودة عالية.

الغريب، أن ما حصل مع اليازجي هو أن مديرة "بيتا" في غزّة عرضت عليه عضوية في الاتحاد، مقابل حصوله على امتيازات والحصول على عروض إعلانات واحتفالات، ويعلّق المتحدث: "لأحصل على عروض عمل يجب أن أكون عضوًا في اتحاد "بيتا"؟، وأدفع عضوية سنوية قيمتها 900 دولار، وخلالها تمنحني مناقصات من تحت الطاولة، لكن لن أستفيد شيء من العضوية".

يؤكد اليازجي أنه قدم شكوى إلى إدارة رام الله بإمضاء الشركة التي يمثلها وشركات "فلكس" وشركة "أصايل" للإنتاج الفني والإعلاني، فطالبت إدارة رام الله من اتحاد "بيتا" في غزّة إرسال عروض الأسعار لها، ووجدوا أنها طريقة غير مرضية، وأرسلوا إليهم من جديد للاستفسار لكنهم لم يحصلوا على توضيح أو رد من طرفهم.


الاتحاد منحاز
طاهر اليازجي، صاحب شركة "أصايل" للإنتاج الفني والإعلاني، تقدّم بعد إعلان صفحة المعرض عن المناقصة على فيسبوك بتاريخ 17 من أكتوبر الماضي، وكان أمامه سبعة أيّام لإعداد خطة العمل والتصاميم الكاملة وأسعار المطبوعات والخطّة الإعلانية، لكنه صُدم بظروف المناقصات بعد أن اشتراها، وكانت على حدّ وصفه غامضة جدًا، وهي للمرّة الثالثة تتقدم لطرح مناقصات المعرض، وقدم أقل الأسعار بمبلغ 18 ألف دولار.

صاحب الشركة تفاجأ من القرار، وبعد تقديم اعتراضه على النتيجة، كانت ردود اتحاد "بيتا" "باردة جدًا"، وأخبرهم أن اللجنة القائمة على فتح أظرفة العروض "ليست نزيهة"، ومنحازة لشركات أخرى، لكنهم أعلموه أن فتح الأظرفة ليست من سياستهم".

تشكيك طاهر اليازجي في اللجنة، جاء بناءً على اطلاعه المسبق في تصاميم وشكل المعارض السابقة لـ "إكسبوتك"، إضافة لخبرة شركته الطويلة مع عدة مؤسّسات محليّة ودولية، وتقديمه نفس معايير الجودة التي تقدمها الشركة المنافسة بأقل الأسعار، في ظل اطلاعه على التفاصيل عبر معارف له.


غموض
الغريب في الأمر، أن الشركة التي رست عليها عروض المناقصات من اتحاد "بيتا" خلال السنوات الستة الأخيرة لمعرض "إكسبوتك"، لا تملك مطبعة، وهي تقوم بالاعتماد خلال طباعتها للوازم المعرض على مطابع محلية تملك عضوية في الاتحاد الذي يقدّم نفسه عبر موقعه الالكتروني، أنه قائمة أعضاءه تضم أكثر من 150 شركة عاملة في مجال تكنولوجيا الاتصالات والمعلومات، ولكن الشركة الفائزة بالمناقصات، تعمل فقط في مجال الدعاية والانتاج الاعلاني المرئي والمسموع وللتجهيزات.

إحدى شركات الإنتاج الإعلاني والإعلامي في غزة، رست عليها مناقصة التغطية الإعلانية، وقاموا بإشعارها للحضور في اليوم الموالي لتوقيع العقد، وعند حضوره في الموعد المحدّد طلبوا تأجيله ليوم آخر، وتلقى بعدها مباشرة رسالة اعتذار مفادها أن المناقصة رست على الشركة نفسها التي فازت بكل الصفقات في السنوات الأخيرة، وعندها اتصل بالمدير العام لاتحاد "بيتا" واخبره عما جرى، لكنه رفض إفصاحنا بكل التفاصيل حفاظا على مصالحه مع الشركة المنافسة.


علاقة قرابة
خلال البحث عبر موقع اتحاد "بيتا"، وجدنا ان منصب نائب رئيس مجلس الإدارة، هو محمد حبوش، وهو ابن عم صاحب شركة "مشارق" للتجهيزات والإنتاج، وهي التي تحصل على كل صفقات المناقصة علي منذ ستة سنوات.

المدير العام لاتحاد شركات أنظمة المعلومات الفلسطينية (بيتا) إبراهيم الديسي، تواصل مع الشركات التي تقدمت له بشكوى، وخلال مناقشتهم لاحظ أن الشكوى ذاتها تتكرّر كل عام، لكنه يشير خلال مراجعته الأولية أن الإجراءات سليمة كانت وفيها شفافية. ويوضح أن سياسة الاتحاد في المناقصات لا تُعلن عن الأسعار المتّفق عليها، وفتح المناقصات يكون غير معلن، رغم أنه شخصيًا يؤيّد علنية الأسعار، مضيفًا أن هذا ما نوقش مع مجلس الإدارة، وسينطلق في الإعلان عن المناقصات ابتداءً من السنوات القادمة.

لا ينكر الديسي، جودة العمل لدى الشركات المنافسة التي لم تُرسى عليها المناقصة، لكنه يجد أن هناك مشكلة في تقديم الاسعار القليلة، واللجنة تقييم حسب جودة العمل. 

يقول الديسي: "انتبهنا في الاتحاد لنقطة قرابة مدير الشركة التي حصلت على العرض هذا العام وأحد أعضاء لجنة التقييم، وقمنا بوضع من ينوب عنه ونتوجّه للعام القادم لتشكيل لجنة خارج الاتحاد، تقيّم المناقصات كاملة بالمعارض وغيرها، والتوجّه لشركة استشارات وإجراءات طرح المناقصات، لتعطي ملاحظاتها"، ويضيف "في النهاية ليس هناك من لا يخطيء ولكننا نتوجه للتطوير الأداء النظامي بشكل أفضل".

وائل بعلوشة، مدير مكتب الائتلاف لأجل النزاهة والمسائلة "أمان في غزة"، أوضح أنه من مبادئ الشفافية أن تتم دعوة كل من تقدّم للمناقصات في جلسة ويتمّ افتتاح الأظرفة أمام الجميع، ومن حق الجميع الاطلاع على عملية فتح الأظرفة، ويجب أن تكون منح الصفقة بناءً على المعايير المعلنة عنها، والتزام اللجنة بها، متأسفًا من كون القانون لا يلزم بهذه العلنية".

المساهمون