هوس التكنولوجيا في الجزائر.. جيل صناعة الروبوت

هوس التكنولوجيا في الجزائر.. جيل صناعة الروبوت

28 يوليو 2017
(المنافسة المدرسية للعلوم/ الجزائر)
+ الخط -


يمكن أن تصبح هواية الجيل الجديد من الأطفال وطلاب المدارس تصميم وبناء الروبوتات في مختلف أشكالها، وخلق ورشات خاصّة لممارسة شغفهم بالتكنولوجيا وهوسهم بالذكاء الصناعي، وقد بدأت ملامح هذه الهواية تظهر لدى العرب، حيث انخرط أطفال وشباب من الجزائر، الأردن، لبنان، قطر، وفلسطين في عالم "بناء الروبوتات".


تصميم الروبوت في الجزائر
أظهرت المشاركة الأخيرة لفريق جزائري في مسابقة "فيرست" العالمية للروبوت بالولايات المتحدة الأميركية، هوس الأطفال والشباب الجزائريين بهذا العالم، حيث تابع مئات الآلاف منهم المسابقة التي جرت في واشنطن خلال الفترة الممتدة من 16 إلى 18 يوليو/ تمّوز لتشجيع الفريق وتفاعلوا معه عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

تحوّل أعضاء الفريق المشارك إلى نجوم للمهوسين بالتكنولوجيا، وهو يضمّ طالبين يدرسان في السنة الأولى جامعي، وطالبين في مرحلة الثانوية، بالإضافة إلى أربعة طلاب بالثانوية ساهموا في عمل الفريق ولم يتمكّنوا من السفر إلى الولايات المتحدة الأميركية. وكان اختيار الفريق للمشاركة في المسابقة العالمية قد تم في إطار منافسة قوية شهدت مشاركة أكثر من 200 طالب جزائري في مرحلة الثانوية.

واستطاع الفريق جذب اهتمام طلاب الثانويات والجامعات، لدى مشاركته يوم 21 يوليو/ تموز الجاري، في الصالون الدولي للدراسة والملتقيات في الخارج بالجزائر العاصمة. وجاء حضور الأعضاء المبدعين لمشاركة الشباب المهتمين خبراتهم في مجال بناء وتصميم الروبوتات وتشجيعهم على الانخراط في هذا العالم الذي يستقطب بشكل متزايد الأطفال والطلّاب على حدّ سواء.

وفي الإطار نفسه، يتلقّى عدد كبير من الأطفال الجزائريين الذين تتراوح أعمارهم بين 6 سنوات و14 سنة، والطلاب الذين لا تتجاوز أعمارهم 19 سنة، دورات تدريبية في مجال الروبوت، حيث أطلق المركز الجزائري "ستيم" برنامج العطلة الصيفية لتكوين طلاب المرحلة "الابتدائية والمتوسّطة والثانوية" وتدريبهم على تصميم الروبوت من خلال القيام بعدة أنشطة يوميًا لمدّة أسبوعين. ويعمل المتدرّبون تحت إشراف معلمين ومهندسين مختصّين يقومون بتوجيههم طوال اليوم وتأطيرهم للقيام بالأنشطة التي تستند إلى علوم الكمبيوتر، الروبوتات، الإلكترونيات والرياضيات، وكيفية دمجها.

ويشهد اهتمام الأطفال والشباب الجزائريين بالتكنولوجيا والروبوت تطورًا ملحوظًا، في ظلّ منافسة قويّة بين فرق صغيرة تكون في الغالب بين 4 و10 أعضاء، يعملون على خلق وتطوير روبوتات قادرة على أداء مهام بسيطة، مثل تحريك الأشياء أو رفعها.


تألّق عربي في المسابقات العالمية
برز إبداع الأطفال والشباب العرب في مجال الروبوت في المسابقات العالمية، حيث أثبتت عدّة فرق أنها قادرة على المنافسة والتألّق على المستوى الدولي، وبالتالي فرض وجودها في ثورة الذكاء الصناعي وأن الجيل الجديد من الشباب العرب أيضًا يمكن أن تكون هوايته تصميم الروبوت، حيث تمكن مجموعة من الطلاب العرب الذين تتراوح أعمارهم بين 9 و14 سنة، في شهر أبريل/ نيسان من السنة الجارية، من الفوز في مسابقة "فيرست ليغو" العالمية للروبوت التي احتضنتها ولاية تكساس بفضل بنائهم لنماذج بسيطة لأنظمة روبوتات حقيقية، ويتعلّق الأمر بفريق "روبو ستارز" الأردني ممثلًا عن مدرسة الملك عبد الله الثاني للتميّز الواقعة بمدينة إربد، متفوقًا بذلك على مئات الفرق المشاركة، من جهته سجل فريق "سمارت روبوتيكس" القطري فوزًا مستحقا في المسابقة نفسها وحصل على جائزة التصميم الميكانيكي للروبوت، ممثلًا عن مدرسة أبي بكر الصديق الإعدادية المستقلة للبنين. وقبل ذلك فاز الفريق اللبناني"فاست" ببطولة العالم في مسابقة "الفرست ليغو ليغ" سنة 2015.

وتشجّع مسابقة "فيرست" جيل الأطفال والشباب الذين هم على استعداد لمواجهة التحدّيات العالمية وخوض تجربة بناء الروبوت. وتجري هذه المسابقات بين فرق تضم أعضاء متقاربين من حيث العمر عادة، تعمل على تصميم وبناء نموذج من الروبوتات يمكنها القيام بمهام محدّدة، شرط أن تتمحور حول المشكلة التي تطرحها المسابقة وتساهم في حلّها. وفي الساحة الدولية دائمًا، شارك خمسة طلاب مصريين في معرض دولي فى ولاية كنتاكى بالولايات المتحدة الأميركية، حول الروبوت خلال شهر أبريل 2017.

وعلى المستوى العربي، تنظم الجمعية العربية للروبوت، سنويًا، البطولة العربية المفتوحة للروبوت وتفتح باب المشاركة للطلاب من مختلف المراحل التعليمية الذين تتراوح أعمارهم ما بين 6 سنوات و23 سنة من أجل إبراز مهاراتهم وقدراتهم وإبداعهم في مجال الذكاء الصناعي.

وكانت طبعة مارس/ آذار 2017 التي احتضنتها الدوحة قد شهدت مشاركة عدّة دول. حيث صرحت في وقت سابق مريم العوضي، رئيس اللجنة المنظمة للبطولة العربية المفتوحة العاشرة للروبوت، أن قطر تملك 60 فريقًا يشاركون في بطولة الروبوت. وفي إطار عمل الجمعية على تأسيس جيل مبدع في عالم التكنولوجيا، أصدرت مجلة خاصّة بـ الروبوت. وانعكس هذا الإبداع بشكل واضح في مهرجان "أيام العلوم" في فلسطين، حيث نقلت وسائل إعلام عربية، أن الروبوتات التي تم بناؤها من قبل الأطفال غزت المهرجان بشكل كبير.


وجه العالم مستقبلًا
اهتمام جيل الأطفال والطلاب اليوم ببناء "الروبوتات"، يعزّز الدراسات التي تتحدّث عن شكل الحياة في المستقبل في ظلّ تطور "الذكاء الصناعي"، فبعدما صرحت المديرة التنفيذية لشركة التأمينات البريطانية "آكسا" السيدة "أماندا بلانك" لصحيفة الدايلي تليغراف قبل شهرين من الآن بأن مواليد سنة 2017 قد لا يحتاجون مطلقّا لتعلم السياقة، لأنه مع التطوّر التكنولوجي السريع قد تكون السيارات ذاتية القيادة منتشرة في الطرقات البريطانية بحلول سنة 2032، ومن المتوقّع أن يصبح بناء الروبوتات مع حلول السنة نفسها هواية يمارسها الأطفال والشباب في ورشاتهم الخاصّة، إذ يخلقون في كل مرة روبوتات لمساعدتهم في حل مشاكلهم والقيام بمختلف الوظائف التي يقومون بها اليوم بأنفسهم.

وكانت دراسة أجراها مركز علمي في كاليفورنيا ونشرت في مارس 2017، تشير إلى أن التحوّل نحو الذكاء الرقمي سيغير سوق العمل، وأن 85 في المئة من الوظائف التي ستكون موجودة في سنة 2030  لم تظهر بعد، على أن يتمّ تكليف الروبوتات بالوظائف الحالية، ففي سنة 2016 أوكلت سويسرا للروروتات وظيفة لإيصال البريد والطرود، في حين أخذت مكان النادل في المطاعم الصينية، وفي الفنادق ظهرت روبوتات الاستقبال، مثل "شيهيرا كاناي"، في برلين التي تتكلّم 19 لغة.

وفي اليابان يتكون طاقم عمل فندق "هين نا في ساسيبو" من الآلات والروبوتات، بينما في بلجيكا، وظف فندق "الماريوت" منذ سنة 2015 روبوتًا اسمه "ماريو" يستقبل ضيوف الفندق ويتكلّم 19 لغة أيضًا. وفي مؤتمر الذكاء الاصطناعي الذي عقد في شهر يونيو/ حزيران 2017 بمدينة جنيف، أدهشت الروبوت "صوفيا" الحضور، التي يخيل لمن يقابلها للوهلة الأولى أنها بشر حقيقي، ويتمّ تطوير أمثالها لمرافقة المسنين، ومساعدة الأطفال المتوحّدين.

وإذا اقتنعنا حقاً بأن الروبوتات ستقوم في المستقبل بالوظائف التي يقوم بها البشر اليوم وإذا اقتنعنا أيضًا بأن وظيفة الجيل الجديد لن تنحصر في تطوير الروبوتات، فإن السؤال الذي يثير فضولنا سيكون عن نوع الوظائف التي سيقوم بها الإنسان مستقبلًا؟

المساهمون