هل انتهى عصر العمل الحرّ؟

هل انتهى عصر العمل الحرّ؟

26 يوليو 2017
(كاييماج / سام إدواردز)
+ الخط -

دعت شركة IBM –في خطوة غير متوقّعة- موظفيها الذين سمحت لهم بمزاولة عملهم من المنزل إلى العودة إلى مكاتبهم، فهل يُعتبر هذا مؤشّرًا على أن عصر نمط العمل الحرّ سينتهي؟

ينظر كثيرون إلى العمل من المنزل بشكل سيئ، إذ إن الانطباع العام عن العمل الحرّ هو قلّة الإنتاج وعدم وجود الجديّة الكافية للعمل، لنأخذ مسلسل سمبسون الشهير، إذ يعمل البطل كمفتش للأمن والسلامة في أحد المفاعلات النووية من أريكته المريحة في المنزل، ويكاد أن يتسبّب بكارثة مدمّرة، بسبب قلّة تنظيمه وغبائه، لرب العمل.

ورغم كل هذه الانطباعات السيئة عن العمل الحرّ من المنزل، إلا أن عجلة التطوّر التقني، التي جعلت إمكانية العمل من المنزل واقعًا، دارت بسرعة كبيرة، كما تطوّرت تقنيات الاتصال اللاسلكي والسلكية وظهر مفهوم حقّ العمال بالحصول على توازن عادل بين حياتهم الشخصية والعمل، ما ساهم في جعل العمل الحرّ في المنزل واقعًا بالنسبة لملايين الناس.

.
ألمانيا متأخّرة عن الركب
بدا العمل الحر في ألمانيا أسلوبًا واعدًا من العمل في البداية، فأن يعمل الموظفون من المنزل دون أن يكونوا ملزمين بتسجيل حضورهم والاجتماع في مكان واحد هو أمر جديد على هذه البلاد، وبدا أنه سيكون ذا شأن في منظّمات العمل في المستقبل، لكن بعد أن دعت شركة ياهو الأميركية الضخمة موظفيها عام 2013 للعودة إلى المكاتب، تغيرت النظرة الوردية إلى هذا النمط من العمل.

على الرغم من سير عدد من الشركات على خطى شركة ياهو في استدعاء موظفيها إلى المكاتب مرّة أُخرى -ومنها شركة IBM متعدّدة الجنسيات- إلا أن أعداد العاملين من المنزل تزداد بصورة مستمرّة، ما ولد العديد من الأسئلة الكبيرة والمهمّة حول مستقبل العمل من المنزل، وخصوصّا في ألمانيا التي ليس لديها باع طويل في هذا النمط من العمل كشأن بقية المجتمعات الأخرى، إذ بلغت نسبة الألمان العاملين من منازلهم-وفقًا لدراسة أجريت في العام 2015- 15%، وهذا أقل بـ 10% من المعدل الوسطي في هذه الدراسة، وأقل بكثير من الدول المجاورة كالسويد وهولندا وفرنسا وبلجيكا، إذ يعمل 25-40% من موظفي هذه البلدان من منازلهم بشكلٍ منتظم.

يرى فيرنر آخورست Werner eichorst من معهد مستقبل العمل (IZA)، أن أرباب العمل في ألمانيا ما زالوا يصرّون على وجود موظفيهم على مقربة منهم، وأن فلسفة العمل التقليدية مازالت مسيطرة على ألمانيا، لدرجة أن تغيّب الموظف عن الحضور إلى الدوام يؤثّر سلبًا على ثقة زملائه به، وهذا يختلف عن وجهة نظر الموظفين الألمان العاملين من منازلهم، إذ يرى هؤلاء أن المنزل بيئة ملهمة للعمل وتساعد على رفع كفاءته بشكل واضح، على عكس العمل المقيّد في المكاتب، فشعور الموظف بوجوب حضوره إلى المكتب وبقائه طوال مدّة العمل سيولد نتائج عكسية.

تدلّ كثير من المؤشرات على أن الرغبة بالعمل من المنزل في ألمانيا لم تتراجع، إذ تشير أحد أبحاث المعهد الألماني للبحوث الاقتصادية (DIW) والذي نُشر عام 2016 أن ثلث العاملين يودّون العمل من المنزل، وأن نسبة الثلثين ممن شملتهم الدراسة أجابوا أنهم لم يحصلوا على فرصة للعمل من المنزل من قبل لكنهم يتمنّون حدوثها، في الوقت الذي ينفر أرباب العمل من فكرة العمل من المنزل، حتى في الحالات التي يكون فيها الحضور إلى المكاتب غير ضروري.


العقبات البيروقراطية
أُجريت مقابلات مع سبع شركات ألمانية كبيرة للسؤال عن سياساتها الداخلية التي تتعلّق بعمل الموظفين من المنزل، وأشارت كل الإجابات إلى أن قوانين تأمين العمال تعرقل مرونة العمل، وتجعل تمكين هذا النمط أشبه بتحدٍ. لكن كلًا من الشركات السبع أوضحت أنها ترى فرصًا عديدةً ومتنوّعة لإمكانية العمل من المنزل ولو بشكل جزئي.

المساهمون