كيف يصطادون الموظّفين على مواقع التواصل الاجتماعي؟

كيف يصطادون الموظّفين على مواقع التواصل الاجتماعي؟

24 يونيو 2017
(أويفيند هوفلاند)
+ الخط -

تعد منصّات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك مكانًا مثاليًا لأرباب العمل، للبحث عن موظفين محتملين، ولكن هل يمكن لأدوات البحث الدقيقة أن تسمح للشركات بالتمييز بين الموظف المحتمل الجيّد وغير الجيّد؟

قبل أربعة أشهر تقريبًا، وبينما كانت ليزا دوراهي تتصفّح فيسبوك، وجدت أمامها إعلانًا لوظيفة في الشاشة الرئيسية. لم تكن ليزا تبحث حقيقة عن وظيفة، وكانت هذه مرّة من المرات النادرة التي تتصفّح فيها الأم لثلاثة أطفال مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن المنشور كان يتحدّث عن وظيفة بدوام جزئي في وكالة توظيفٍ وبدا الأمر مناسبًا لها ولوقتها.

ضغطت ليزا على الرابط واتبعت الخطوات، وقامت بتعبئة طلب لهذه الوظيفة، وبعد ثلاثة أيّام، خاضت المقابلة، وبدأت تعمل في وكالة توظيف HCG بنيوزيلندا. تقول ليزا، إن ذاك الإعلان الذي رأته كان يبدو أنه يستهدفها هي شخصيًا أو أي شخصٍ مثلها.

إعلانات فيسبوك ليست ظاهرة جديدة، ولا شكّ كنت قد رأيت إعلانات مماثلة في صفحتك الرئيسية قبلًا. ولكنك قد ترى أيضًا إعلانات وظائف لمناصبٍ ومجالاتٍ تقع خارج خط عملك العادي. وهذا على الأرجح يحصل لأن أرباب العمل يبحثون عن شخص بمهاراتك أنت تحديدًا استنادًا إلى المعلومات التي يعلمها فيسبوك عنك عن طريق سلوكك ومنشوراتك على الموقع وأيضًا عن طريق المعلومات التي تضيفها أنت كذلك.

وفي الوقت الذي يبدأ فيه عدد أكبر من أرباب العمل باستخدام هذه الأداة، فإن البعض يحذّر من أن القدرة على الحصول على مرشّحين محدّدين للوظائف المحدّدة يمكن أن يسمح أيضًا لبعض أرباب العمل بالتمييز على أساس السن أو العرق أو الدين أو الجنس لبعض الوظائف.

يعمل الأمر كالآتي: إعلانات فيسبوك هي خدمة تدفع مقابلها الشركات ليسمح لها بنشر إعلاناتها في الصفحات الرئيسية لمستخدمي الموقع. وعند وضع الإعلان، يُمكن للمعلن أن يختار أنواع الأشخاص الذين يريد أن يروا إعلانه بدقّة بناءً على متغيّرات مثل العمر والجنس والاهتمامات والعرق والدين وعدّة أشياءٍ أخرى.

وفيسبوك ليس شبكة التواصل الاجتماعي الوحيدة التي تسمح بالإعلانات الموجّهة والمُسْتَهْدَفَة، فأيُّ منصّةٍ تعمل على أساس جمع بيانات المستخدم، يمكنها القيام بالأمر نفسه. وعلى سبيل المثال، فإن غوغل بلس وانستغرام المملوك من فيسبوك يسمحان بذات الخدمة. وفي المقابل، فإن موقع لينكد إن يسمح لأرباب العمل أن يضعوا إعلانات موجّهة، ولكن فقط على أساس العمر والجنس، وليس على أساس العرق أو الأفضلية الجنسية.


مليار موظفٍ محتمل
يُقدر يورغن سوندبرغ مؤسّس وكالة Link Human بلندن، والمتخصصة في التسويق الرقمي، بأن 10% من وكالات التوظيف في لندن والبالغ عددها 20,000 تستخدم الآن إعلانات فيسبوك. ويضيف يورغن: "يعد فيسبوك من أكثر المواقع التي تملك معلوماتٍ عن الناس من بين جميع الشركات التقنية حول العالم". وقال متحدّث باسم فيسبوك إنه لا يمكن للموقع مشاركة عدد أرباب العمل الذين يستخدمون هذه الأداة ورفض التعليق على الأمر.

ويقول ريستيل مدير شركة Social-Hire بالمملكة المتّحدة: "بوجود أكثر من 1.13 مليار مستخدمٍ فعالٍ يوميًا على فيسبوك، فإنه يعد المكان الأفضل للعثور على موظفين محتملين لجميع أنواع الوظائف. ومن المرجح أن يرغب أصحاب رؤوس أموال المشاريع في مواكبة الأصدقاء، لذا فإن فيسبوك يوفّر اختراقًا هائلًا لجميع القطاعات".

هذه المجموعة الضخمة من الأشخاص على فيسبوك تعني أن على المعلنين أن يكونوا محدّدين ودقيقين في استهدافهم. وعندما لا يكونون كذلك، فنحن في نهاية المطاف نرى إعلانات الوظائف التي لا تهمّنا بشكل غريب وقد نضحك عليها أحيانًا. ولكن فيسبوك لا يسمع بأي هامش من الأخطاء أثناء التعامل مع خدماتهِ، حيث يقدّم الموقع الكثير من الجوائز للمعلنين مثل أن يأخذ منهم رسوم إعلاناتٍ أقل إذا ما كان الجمهور والزبائن مهتمين بالخدمة أو المنتج الذي يقدمه المعلن.


قبّة مقابل كل حبّة
وتستخدم إيميلي ريتشارد، مؤسّسة وكالة HCG فيسبوك لملء شاغرٍ من بين كل ثلاثة شواغر. وتقول أيضًا إنها ستصرف 20 دولارًا نيوزيلانديًا (14$ أميركيا) للوصول إلى 10,000 مستخدم بالاعتماد على الديموغرافية المستهدفة، وتوضّح إيميلي، أن هذا فعّال جدًا من حيث التكلفة. وتضيف أن على المسؤول عن الإعلان أن يكون مدركًا لقدرة الشركات على استخدام وظيفة التوجيه والاستهداف من أجل التمييز العنصري والعرقي والديني والعمري، وتشرح: "أعتقد بأني لو وضعت الأمر في الأيادي الخاطئة، فإن الأمر قد يكون مضّرًا بشكلٍ لا يصدق بالمساواة بين الجنسين والمساواة العرقية وكل تلك الأشياء التي عملنا بجد من أجل الوصول إليها طوال حياتنا وحياة من سبقونا".


مطلوب موظفون ليسوا نباتيين
ولأغراض اختبار مدى استهداف إعلان الوظيفة فقط، حاولت بي بي سي كابيتال وضع إعلان وظيفة اختباري على فيسبوك. أولًا، اخترنا استهداف الذكور فقط الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و25 عامًا والذين يعيشون في نيويورك. ثم اخترنا "استبعاد" جميع الرجال الذين كانوا آباءً أو في علاقة. ويمكن للمرء أن يستبعد أي أحد على أساس العرق، ثم استبعدنا جميع النباتيين والخضريين والرجال الذين يحبون الشوكولاتة.

وتمت الموافقة بعدها على الإعلان الوظيفي الذي كان محددًا وموجهًّا بشكل دقيق لوظيفة "سوبرستار ميديا " ليتمّ عرضه على 430,000 شاب من العزّاب الذين لا يملكون أطفالًا والذين يحبّون أكل اللحوم.

تقول دافيدا بيري، الشريك الإداري لشركة شوارتز وبيري للمحاماة في نيويورك، إن استهداف مرشحين معينين للوظائف من خلال إعلان فيسبوك قد يشكّل انتهاكًا لعدة قوانين. فقي الولايات المتحدة، تحظر قوانين حقوق الإنسان الفيدرالية التوظيف عن طريق التمييز ضد الأشخاص على أساس السن أو العرق أو الدين أو الجنس أو الحمل أو الإعاقة أو التوجه الجنسي. وفي المملكة المتحدة، من غير القانوني التمييز عند التوظيف أن يكون هناك تمييزًا على أساس العمر أو الجنس أو الحمل أو الميول الجنسية أو الدين أو الحالة الاجتماعية. وكذلك مكان الإعلان يمكن أن يكون تمييزيًا أيضًا. على سبيل المثال، إذا كنت تعلن عن وظيفة ما فقط في مجلّات رجّالية.

لذلك على الرغم من أن الإعلانات المستهدفة والموجهة نفسها قد لا تبدو تمييزية، إلا أن عملية استهدافها لبعض الأشخاص واستبعاد الآخرين يمكن أن تكون كذلك. وعلى الرغم من أن العملية المستخدمة لنشر بعض الإعلانات الوظيفية قد تكون غير قانونية، إلا أن هذه الحالات "الفاشلة للتوظيف" من الصعب جدًا إثباتها ومن الصعب جدًا إثبات التمييز ضد شخص ما في القوى العاملة" حسب كلام بيري.

وتضيف بيري، لو أن أرباب العمل ينشرون مع الوظيفة "أنماط الاستهداف"، فحينها يمكن أن يؤدّي هذا إلى تداعيات قانونية مثل غرامات أو أوامر من المحكمة، ولكن للأسف يكون الاستهداف فقط من جهة رب العمل ولا يظهر للعامة ما هي الفئات المستهدفة.

تنصّ سياسة الإعلان في فيسبوك على أنه "يجب ألا تستخدم خيارات الاستهداف للتمييز ضد المستخدمين أو مضايقتهم أو إثارة حفيظتهم أو التضييق عليهم"، كما أن المعلنين على فيسبوك ملزمون بالتأكد من التزام إعلاناتهم بالقانون. وقد رفض فيسبوك التعليق على ممارسة التوظيف المستهدفة على منصتهِ.


قوّة الخير
على الرغم من المخاطر، إلا أن المتخصّصين في التوظيف عبر الإنترنت يحثّون الناس على عدم التفكير في أسوأ السيناريوهات. ويستخدم مؤسس وكالة Link Human تشبيه "القوة" من سلسلة Star wars ليقول بأن الإعلانات المستهدفة والموجهة تعتمد على اليد التي تستخدمها، فمثال القوة في ستار وورز، يمكن استخدامها من قوى الظلام وأيضًا من قوى الخير.

كان وسيبقى هناك دائمًا لاعبون أوغاد يستغلون شرعية بعض الأمور لتمرير سياساتهم وانحرافاتهم، وهو ما لا ينفي الشرعية قطعًا. ولو كنت رب عملٍ أو موظفًا في وكالة توظيف، فتذكر بأن الجميع يصرخون من أجل التنوّع في الحياة، لذلك لا يوجد أي سبب قد يدفعك لاستخدام أدوات التنوّع من أجل التمييز".

المساهمون