الكرة المصرية في ملاعب غزّة وبيوتها

الكرة المصرية في ملاعب غزّة وبيوتها

08 فبراير 2017
(مشجعو المنتخب المصري في غزة)
+ الخط -

خسر منتخب مصر بطولة كأس الأمم الأفريقية لهذا العام، لكنه كسب فريقًا شابًا استطاع كسر النحس عن المنتخب الذي أصابه ولم يصعد أو يحصل على أي بطولة قارية وغيرها منذ عام 2010، إلى جانب كسب روح الوحدة العربية التي تضامنت بشكل كبير مع الشعب المصري والمنتخب الذي لطالما مثل صورة الرياضة العربية في أفريقيا والخارج.

من أشكال التضامن الخارجية، كانت هذه المرة من المدينة الصغيرة المحاصرة، غزة، التي شجعت المنتخب المصري كأنه منتخبها، وتخطت كل الخلافات السياسية التي أثرّت على مُجمل القطاع منذ خمسة أعوام.

كما لو كانت في مصر هي الصورة نفسها في غزة، فتجمع الغزيون على مدار مباراتين في نصف النهائي والنهائي لتشجيع المنتخب المصري، وحتى باعة الأعلام المصرية كانوا في غزة على بوابة ساحة المعارض على أرض السرايا، والكل يقف متحمس ينظر إلى شاشات العرض على مدار 90 دقيقة مع كل هجمة وفرصة للمصرين ليهتف ويصفق لهم.
الرياضة وحدت الشعبين.

ما لم تستطع السياسة أن توصله في إطار الوحدة بين مجتمع قطاع غزة ومصر استطاعت الرياضة اليوم إيصاله، عندما ضجت مواقع التواصل الاجتماعي بفيديوهات تجمع المشجعين غزة في ساحة السرايا ومشاهدة مباراة مصر وبوركينا فاسو وهم يهتفون فرحًا ويرقصون بعد تصدي الحضري لركلة الجزاء الأخيرة والتي فارت مصر من بعدها.

الكثير من المصريين اندهشوا لتلك الفيديوهات من غزة والبعض منهم تعجب أن هذه المدينة هي ذاتها التي يتحدث عنها بعض الإعلاميين المضللين أنها "تضم عناصر إرهابية تضر النظام المصري" على حسب قولهم في عدة تصريحات تلفزيونية، وحتى أن الكثير منهم سخر من الإعلاميين الذي يودون اتهام الفلسطينيين، خصوصًا أهالي سكن قطاع غزة، بالإرهاب. وكانت أكثر المنشورات تقول ما مفاده "دول الارهابيين الي كنتم تقولوا عنها يا الاعلاميين المحترمين بصو ازاي بيشجعونا كأننا بلدهم".


قطبا الكرة المصرية في غزة
ما يخفى على كثير من المصريين أيضًا، أن كثيرًا من بيوت غزة تضم مشجعين من ناديي الزمالك والأهلي المصريين كما حال البيوت المصرية، ورغم هيمنة الكرة الإسبانية على الساحات العربية والمشجعين، إلا أن للكرة المصرية روحًا لا يمكن أن تموت في غزة، فكانت بداية انتقال الجماهيرية للكرة المصرية إلى قطاع غزة مطلع الستينيات.

إلى جانب ذلك، فكان طلاب قطاع غزة يسافرون لمصر لإكمال دراستهم ضمن المنح المصرية لهم، وقبلتهم السياحية كانت استاد القاهرة. يقول الصحافي الفلسطيني فتحي صباح، وهو مشجع زملكاوي بالأساس: "الأجيال التي نهضت على الرياضة في قطاع غزة كانت بدافع من الرياضة المصرية، وكلنا يتذكر تمامًا النجوم المصريين من الخطيب إلى شحاته إلى إمام".

يذكر صباح أن مشجعًا لنادي الزمالك كان قبل 20 عامًا يعمل بائعًا للبوظة، وكان في كل فوز لمباريات الزمالك على صعيد مشاركته المحلية والقارية يوزع البوظة مجانًا على الأطفال محتفلاً في فوز الزمالك، وينوه أن هوس الكرة المصرية في غزة كانت تدفع الكثيرين لانتظار المجلات والصحف الرياضية وقتها لمواكبة كل الأحداث الرياضية النجوم، والكثير منهم كان يبدع بحفظ التفاصيل الدقيقة على النجوم ويتحدث عنها كأنه حكواتي رياضي أمام اصدقائه.

في ظل ذلك، كان لا بد لسكان قطاع غزة تنظيم روابط لتشجيع الفريق المصرية، وعل إثر الروابط يتوحد تشجيع المنتخب المصرية في آن واحد، فتأسست أول رابطة لمشجعي النادي الأهلي المصري في فلسطين وبالتحديد غزة عام 2008، ليلحقها تأسيس رابطة مشجعي نادي الزمالك المصري في غزة عام 2009.

تتمثّل هذه الروابط في إحياء التضامن بين الشعبين عبر الرياضة، إلى جانب تجمع المشجعين فيها بشكل دوري للتحدث في أخبار وشؤون النادي، وإقامة حفلات انتصار النادي في أي بطولة يحصل عليها، وإحياء أهم الذكريات التاريخية للنادي باحتفال يواكب احتفالات النادي الأساسي في مصر. حتى أن الرابطتين كانتا قد أضاءتا الشموع داخلها على أرواح قتلى أحداث جمهور الاهلي في بور سعيد عام 2012 الذي راح ضحيته أكثر من 70 مشجعًا، وأحداث استاد الدفاع الجوي عام 2015 الذي راح ضحيته اكثر من 20 مشجعًا زملكاويًا.

المساهمون