الذكورية في ألعاب الفيديو.. بطلات للزينة فقط

الذكورية في ألعاب الفيديو.. بطلات للزينة فقط

20 يناير 2017
(ألعاب نينتندو، تصوير: شينو)
+ الخط -


عندما طرحت "نينتندو" لعبتها الشهيرة "دونكي كونغ"، تمحورت قصّتها حول الغوريلا "دونكي كونغ" الذي يخطف الأميرة "بولين"، ويحاول البطل "ماريو" إنقاذها. وفي هذه اللعبة التي تحتوي على ثلاث شخصيات، كان بإمكانك فيها أن تلعب بشخصية الشاب "ماريو" أو بشخصية الحيوان الشرير، ولكن لا يمكنك أن تلعب بشخصية الأميرة.

هذه العقلية الناجمة عن الثقافة التي كانت طاغية في الكتب والحكايات، والتي تجعل شخصية الأنثى دائمًا تتطلّب بطلًا لينقذها، كشخصيات "سندريلا" و"بياض الثلج" وغيرهما، هي العقلية ذاتها التي كانت تتحكّم بكلاسيكيات ألعاب الفيديو، فالشخصيات النسائية كانت مهمشة بشكلٍ كبير، ووجودها كان يبدو للزينة لا أكثر، وربّما يعود ذلك لفكرة مسبقة لدى صنّاع ألعاب الفيديو، وهي أن ألعابهم موجّهة للذكور أصلًا، وهي خارج نطاق اهتمام الفتيات، مستندين إلى إحصائيات أجريت في تلك الحقبة، تشير إلى أن الذكور يشكّلون النسبة الأكبر من عشّاق ألعاب الفيديو. 

وتعود بدايات ظهور شخصيات نسائية في ألعاب الفيديو إلى الألعاب القتالية التنافسية، التي يتشارك بها لاعبون، وحتى في هذه الألعاب القتالية، كانت خيارات اللاعبين في البداية بشخصيات من الذكور فقط، كما هو الحال في الأجزاء الأولى من Street fighter، وفي ما بعد أضيفت الشخصيات النسائية المقاتلة، ولكن كان عددها قليلاً جدًا، فمقابل ما يعادل ستّ شخصيات من الذكور، هنالك شخصية نسائية واحدة، إضافةً إلى ذلك، فإن تلك الشخصيات كانت تعاني من مستوى طاقة منخفض، مقارنةً بمستوى طاقة الشخصيات الذكورية. ويبدو أن الحضور النسائي في تلك الألعاب كان مقتصرًا على الجسد فقط، فتعمد صانعو تلك الألعاب أن يبرزوا مفاتن الشخصيات النسائية بشكل واضح، لجذب اللاعبين الذكور لاختيار تلك الشخصيات، وإرفاق تلك الشخصيات بحركة واستعراضات إيحائية، فعلى سبيل المثال في لعبة Mortal kombat، تقوم الشخصية "جيد" عند فوزها على خصمها برقصة استعراضية على العمود، على طريقة راقصات "الستريبتيز".

وظلّت الشخصيات النسائية لسنوات مهمشة في ألعاب الفيديو، وينحصر دورها إما بشخصية تقوم بتقديم المعلومات للأبطال في اللعبة، أو بشخصية يتم إنقاذها، وفي أحسن الأحوال تلعب دورًا ثانيًا إلى جوار البطل الذكر، كما هو الحال في ألعاب "كراش" و"سونيك".

في عام 1996، أُطلق أول جزء من سلسلة الألعاب الشهيرة Tomb Raider، وقدّمت اللعبة شخصية "لارا كروفت" التي جسّدت البطولة المطلقة في اللعبة، وكانت سابقة نسائية في ألعاب الفيديو. إلا أن الأمر الغريب في تلك السلسلة الناجحة، والتي تسبّبت في تحوّل "لارا كوفت" إلى أيقونة، جسّدت في ما بعد بسلسلة أفلام قدّمتها أنجلينا جوني، لم يكن صانعوها يخططون حينها لتقديم بطلة نسائية، فهم أكدوا، أنه في البداية كان من المخطط أن يلعب دور البطولة الرئيسية رجل، ولكن التخوّف من تنميط اللعبة بسلسلة أفلام Indiana Jone، كان سببًا في إعطاء دور البطولة إلى أنثى، ورغم نجاح اللعبة، إلا أن هذه التجربة لم تشكل حافزًا كبيرًا أمام صنّاع ألعاب الفيديو للاهتمام بالشخصيات النسائية.

وأما على صعيد الألعاب الرياضية، فغيّبت الأنثى بشكل تام عن جميع الرياضات، باستثناء لعبة "التنس". فعلى صعيد كرة القدم، التي تصدر منها ألعاب ونسخ سنوية من شركات مختلفة في كل عام، والتي تفتخر بها لعبتا "فيفا" و"بيس" كل سنة، من دقّة عالية وتطوّر تقني، جعلت شخصيات اللعبة تشابه شخصيات اللاعبين الحقيقيين، كما يتفاخرون باحتواء اللعبة على الفرق والأندية الحقيقية من كل أنحاء العالم، فإن هذا النوع من اللعبة تجاهل وجود فرق وأندية تلعبُ فيها النساء، ولم تقحم "الفيفا" المنتخبات النسائية إلا في نسختها من العام الجاري.

ولكن الشّركات التي همّشت النساء في ألعاب الفيديو، حاولت أن تستثمر طاقتهم الشرائية في الأعوام الأخيرة، التي شهدت تصميم العديد من ألعاب الفيديو الموجّهة للنساء، والتي قوبلت النساء ضمن إطار الجمال والموضة والأزياء والطبخ، فأنتجت العديد من الألعاب سهلة "التكنيك"، وهي جميعها غير معقدة، ذات ألوان وردية كما هو الحال بـ "كاندي كراش"، ولا تواكب التطوّر التقني الكبير الذي شهده عالم ألعاب الفيديو.

المساهمون