كان يا ما كان.. مسلسلات سورية للأطفال

كان يا ما كان.. مسلسلات سورية للأطفال

01 ديسمبر 2016
(مشهد من مسلسل كان يا ما كان)
+ الخط -

"آن أوان الحكاية، فلنستمع للكلام، للحكاية غاية، متعة وانسجام"، على لحن تلك الشارة جلس أطفال جيل الثمانينيات أمام التلفزيونات لمتابعة أشهر مسلسل سوري كان يعرض للأطفال، "كان يا ما كان"، مسحورين بمشاهد الخيال الدرامي، ومبهورين بالخدع التقنية التي تخللت العمل، على الرغم من أنه لم يعتمد على تقنيات معقدة وعالية الجودة، وإنما ارتكز على بعض خدع الغرافيتي البسيطة، وشكّلت تلك الخدع نقلة نوعية في الدراما السورية الموجّهة للأطفال، حيث استطاعت أن تؤمّن بيئة خيالية بعيدة عن الواقع، رغم عجز السوريين حينها عن إنتاج أفلام الرسوم المتحركة.

جذب المسلسل الأطفال بشكل كبير، واستطاع جذب الكبار أيضًا، وبسبب غياب القنوات المخصّصة للأطفال حينها، وتخصيص التلفزيون السوري ساعة زمنية واحدة في المحطات المحليّة للرسوم المتحركة، حصد المسلسل أعلى نسبة متابعة، واستطاع أن يغيّر المسلسل المنهجية المتبعة في دراما الأطفال، من خلال الرؤية المبهرة، وعن طريق الخدع البصرية والإكسسوار، إضافةً إلى سرد القصّة بطريقة عجائبية مستوحاة من "ألف ليلة وليلة"، وإضافةً لابتكاره شخصيات لم تُطرح من قبل، كالسحرة والجن والشياطين، والعمالقة والأقزام.

بعد نجاح المسلسل بأجزائه الأربعة، حاول التلفزيون السوري إنتاج مسلسلات تسهم في تحريض خيال الطفل بالدرجة الأولى، فأنتج مسلسل "الرجل الآلي" للأطفال، معتمدًا على الخيال العلمي، وإدراج التكنولوجيا والاختراعات ضمن الحبكة الدرامية، حيث تدور قصّة المسلسل حول المخترع، "الدكتور عرفان"، الذي جسده الممثل حسن عويتي، ويقوم باختراع رجل آلي وقلم سحري، ويسافر ليترك تلك الاختراعات بين يدي ابن أخيه عمار، الذي يستغل تلك التكنولوجيا ليغشّ في الامتحانات المدرسية.

تابع التلفزيون السوري إنتاج مسلسلات الأطفال حتى نهاية التسعينيات. وفي عام 1999، أنتج أول فيلم كرتوني سوري بعنوان "الجرّة"، ورغم الإنجاز، الذي حققته سورية في هذه الخطوة وضخامة العمل، إلا أنه لم يلقَ النجاح المطلوب، فعلى مدى عشر سنوات كانت أعمال الأطفال بيئة خصبة للخيال والفكر، وكان من المتوقّع أن يفتح أول فيلم كرتوني أبوابه على عالم الخيال، ولكن "الجرة" جاء بطابع إسلامي بحت، إضافةً إلى تقليص دور الإناث في الحكاية وتهميشهن، وتقديمهن بشكل محتشم بلباس الحجاب، والتشديد على المصطلحات الإسلامية والأناشيد والأدعية الدينية.

في بداية الألفية، تراجعت صناعة مسلسلات الأطفال في سورية، وترافق ذلك مع افتتاح قنوات خاصة للأطفال باللغة العربية، تعرض الرسوم المتحركة وبرامج الأطفال طوال الوقت، وكانت "سبيس تون" أول تلك القنوات، وتمكّنت من جذب الأطفال في الوطن العربي كله، وليس في سورية وحسب.

في عام 2006، قدّم دريد لحام عملًا من تأليفه وإخراجه للأطفال، وهو فيلم بعنوان "الآباء الصغار"، في محاولة لإحياء دراما الأطفال، ورافقته ببطولة العمل الفنانة، حنان ترك، ولاقى العمل صدىً واسعًا، إلا أن نجاحه كان مرتبطًا باسم دريد لحام، فلم يتشجّع صنّاع الدراما على إنتاج دراما للأطفال.

وبعد انقطاع لعدة سنوات عن إنتاج الأعمال التلفزيونية للأطفال، عاد التلفزيون السوري لإنتاجها في عام 2015، من خلال عمل "زيت وزعتر"، وهو عمل يحاكي مشاكل الأطفال في مدارسهم بعيدًا عن الأزمة، إلا أن الانقطاع الطويل، والتطوّر التقني الذي طرأ في السنين الأخيرة، وظروف الحرب، حالت دون أن ينجح العمل، لتبقى تجربة التسعينيات، ظاهرة لن تتكرّر مرّة أخرى.

المساهمون