من تشيخوف إلى أخيه: العرض الأول انتهى

من تشيخوف إلى أخيه: العرض الأول انتهى

30 اغسطس 2017
(1860 - 1904)
+ الخط -

[عُرف أنطوان تشيخوف بحساسيته العاليّة، سواءً على الصعيد الشخصيّ أو المهنيّ؛ فعمله ككاتب مسرحي حقق له شهرة عالميّة، مع ذلك كان قاسيًا جدًا بالتعامل مع المتعاونين معه، سواء كانوا ممثلين أو مخرجين. في هذه الرسالة، يكتب تشيخوف لأخيه ألكسندر عن العرض الأول لمسرحيّة إيفانوف التي كتبها في عشرة أيّام، والتي أديت للمرة الأول في "مسرح كورش" في موسكو لصاحبه فيودور كورش. العرض لم يعجب تشيخوف، وقام بتعديل الفصل الأخير في النسخة الأخيرة من المسرحيّة.]


موسكو - 20 نوفيمبر 1887
حسنًا، العرض الأول انتهى، وسأخبرك كل شيء عنه بالتفصيل. بداية وعدني كورش بعشر بروفات، إلا أنه لم يعطني سوى أربع؛ اثنتان منهما فقط يمكن اعتبارهما بروفات، أما الباقيتان فكانتا أشبه بمسابقات قام بها "السادة الفنانون" (بالفرنسيّة أصلًا) بالتمرن على النقاشات الفارغة وتقريع بعضهم بعضًا، عدا دافيدوف وغلاما، اللذين كانا يحفظان أدوراهما، أما الباقون فقد اعتمدوا على الملقّن (شخص يجلس في مقدمة الخشبة يلقن الممثلين جملهم) وعلى حسّهم الداخليّ.

الفصل الأول: أنا في الكواليس في صندوق صغير أشبه بزنزانة، أما أسرتي فيرتجفون في مؤخرة المسرح بين الجمهور، عكسي أنا، كنت مسترخيًا وواعيًا من دون أي شعور بالقلق. الممثلون كانوا متحمسين ومتوترين ويقومون بعلامة الصليب. ارتفعت الستارة.. الممثل الذي لم يحضّر لدوره؛ بدا غير واثق، ينسى دوره، والزهور التي قدّمت إليه جعلت المسرحية غريبة وغير مفهومة منذ الجملة الأولى، حتى بالنسبة لي أنا.

كيسيليفسكي الذي كنت أعقد عليه آمالًا كثيرة، لم يقل أي جملة بصورة صحيحة، حرفيًا ولا أي جملة، بل كان يقول جملًا من تأليفه، بالرغم من ذلك وبالرغم من أخطاء مدير الخشبة، الفصل الأول كان عظيمًا، كان هناك الكثير من التحيات من قِبل الجمهور.

الفصل الثاني: الكثير من الممثلين على الخشبة، أشبه بالزوّار، لا يعرفون أدوارهم، يخطئون. يقولون أشياء غير منطقية. كل كلمة يقولونها كانت تجرحني كسكين في ظهري. لكن، يا للإلهام، هذا الفصل أيضًا كان ناجحًا، كان الجمهور يصيح بأسماء الممثلين، وقد نادوني لأخرج إلى الخشبة مرتين. كان هناك الكثير من المباركات والتهنئات.

الفصل الثالث: التمثيل لم يكن سيئًا، كان نجاحًا هائلًا، وكان عليّ أن أخرج إلى الخشبة ثلاث مرات، وكلما خرجت كان دافيدوف يصافحني، وغلاما ومانيلوف يضعان كفيهما على قلوبهم، كانت لحظات انتصار للموهبة والعزيمة.

الفصل الرابع - المشهد الأول: لم يكن ما حصل سيئًا، الجمهور ينادينا مرة أخرى، ثم استراحة، الجمهور ليس معتادًا على مغادرة مقاعده بين المشاهد للذهاب إلى البار، همسات، ترتفع الستارة. حسنًا: من شرفات المسرح، بالإمكان رؤية مائدة العشاء، الفرقة تعزف الموسيقا وتشد انتباه الجمهور، يخرج وصفاء (أصدقاء) العريس، هم سكارى لذا يتصرّفون كالمهرجين ويرقصون بسذاجة، الضجيج وجو الحانة جعلني مضطربًا وبائسًا.

بعدها، من المفترض أن يخرج كيسلفسكي إلى الخشبة، المفترض أن يكون الأمر شعريًا، أن يلقي مقطعًا يحرّك المشاعر، لكنه لم يحفظ دوره، كما أنه مخمور، والحوار الشعري القصير تحول إلى شيء مضجر ومقرف؛ ما تسبّب بارتباك الجمهور؛ ففي نهاية المسرحية يموت البطل لأنه لم يستطع نسيان الإهانة التي تعرض لها.

تَعِب الجمهور وخفت حماسته، ولم يفهم سبب موت البطل. الممثلون أصرّوا على هذه النهاية، لكن لدي نسخة أخرى بنهاية مختلفة. الجمهور ينادي على الممثلين ويناديني، ومن بين النداءات أسمع هسهسة تغطيها أصوات التصفيق ووقع الأقدام الصاخب على الأرض.

بشكل عام أنا متعبٌ ومتضايق، كان الأمر مثيرًا للغثيان، علمًا أن المسرحية نالت نجاحًا معقولًا.

قال روّاد المسرح إنهم لم يشهدوا شيئًا كهذا من قبل على الخشبة، ضجيج التصفيق والصفير كان هائلًا، كما لم يسمعوا عن عرض ناقشه الجمهور بهذا الحماس، الذي سببه مشاهدتهم لمسرحيتي، ولم يحدث مسبقًا في مسرح "كورش" أن تتم مناداة الكاتب إلى الخشبة بعد الفصل الثاني من المسرحيّة.

 

المساهمون