أصواتُ الغرف

أصواتُ الغرف

23 اغسطس 2017
سيروان باران / العراق
+ الخط -

الساعةُ ثالثةٌ ليلًا، 
يستيقظُ أفرادُ الجيرانِ الأربعةُ في الوقتِ ذاتِهِ،
كلٌّ يبقى في غرفتِهِ، 
أتجسّسُ عليهم من منظاري ذي العدساتِ الأربعِ،
من الغرفةِ الأولى يصلُني صوتٌ:
أنا الولدُ الأكبرُ،
رأسي في مُؤَخَّرِة السريرِ وقدمايَ في مُقدَّمِتهِ،
من كلِّ عظمةٍ في هيكلي تخرجُ شمسٌ لها ألمٌ في نَواةِ الجسدِ،
ألمٌ يُنصِّبُ الشجرَ حارسَنا الأعمى،
إنَّ بينَ الورقةِ والوُرَيقةِ عمرًا من الضبابِ،
ومسالكَ من النَّضَارَةِ ،
تنظرُ الورقةُ إلى الوُرَيقةِ بعينِ الرمادِ،
تنظرُ الوُرَيقةُ إلى الورقةِ بعينِ المَحْوِ،
لكنْ كلتاهما ما تزالانِ على غصنٍ واحدٍ،
للريحِ الكلمةُ الفَّصْلُ،
أيّةُ موسيقى في الريحِ تُباغتُهما؟
ترقُصُ الورقةُ على حافةِ البركانِ،
ترقصُ الوُرَيقةُ على حافةِ الشجنِ،
أيَّتُها اللذّةُ مُجَزَّأةً أتجرّعُكِ،
فأنا لسْتُ من يتحرّى منبَعَ النهرِ ومصبَّهُ،
بل أمتزجُ بهِ غرقًا.

من الغرفةِ الثانيةِ صوتٌ:
أنا الولدُ الأصغرُ،
في عيدي ميلادي أسدلت أمي الستائرَ،
لا لِتُغنّيَ: Happy birthday to you ،
بل لكيلا يستدلَّ الصاروخُ الليزريُّ على قبوِنا،
والشموعُ الخمسةُ في الكعكةِ ليسَتْ أعوامي الخمسةَ،
هم إخوتي الذين...
أيُّها العالمُ القذرُ،
إخوتي الخمسةُ لم تأتِهم سيّارةُ الإسعافِ،
ممنوعًا كانَ التجوُّلُ في عيدِ ميلادي،
والضيفُ الوحيدُ الذي زارَنا هوَ الموتُ.
ملاحظةٌ: أحدُ البرامجِ الترفيهيّةِ الأجنبيّةِ يعرِضُ خبرًا
فحواهُ أنَّ رجالَ الإطفاءِ هُرِعُوا إلى بيتٍ ثمَّ تبيّنَ لهم أنَّ النداءَ مَزْحَةٌ،
لقد كانَ الأولادُ يعبثونَ بأرقامِ الهاتفِ.

من الغرفةِ الثالثةِ يصلُني صوتٌ:
أنا أختُهما، 
حتّامَ يا أمي تقولينَ لي: لا تلعبي بالنارِ؟
كبِرْتُ وكبُرَتْ معي النارُ،
بئسَ الحياةُ حياةٌ بلا نارٍ.

المساهمون