فيلم "حيوانات ليلية".. ثلاث قصص منفصلة في اتجاه واحد

فيلم "حيوانات ليلية".. ثلاث قصص منفصلة في اتجاه واحد

18 اغسطس 2017
+ الخط -

بعد تجربته الإخراجية الأولى سنة 2009 في فيلم "A Single Man" الذي حاز على ترشيح للأوسكار، قدم توم فورد السنة الماضية فيلم حيوانات ليلية "Nocturnal Animals"، وهو مقتبس عن رواية "Tony and Susan" للكاتب الأميركي أوستن رايت، بطولة إيمي أدامز، وجيك جيلنهال.

يتكوّن الفيلم من ثلاث قصص مختلفة، تتمحور حول شخصية سوزان، فنانة ومالكة لمعرض فنّي معاصر، متزوجة من رجل أعمال يخونها مع أخريات ويهملها. أم لابنة وحيدة تعيش بعيدًا عنها.

يصل إلى سوزان (إيمي أدامز) من طرف زوجها السابق إدوارد (جيك جيلنهال) رواية مهداة لها ومعنونة بـ" Nocturnal Animals"، وهي الرواية التي تشرع في قراءتها لتأخذنا إلى قصّة الفيلم الثانية التي نشاهد فيها تخيّلات سوزان لأحداث الرواية الدائرة حول رجل يدعى توني (جيك جيلنهال)، تتم مهاجمة سيارته أثناء سفره ليلًا ثم اختطاف ابنته وزوجته أمام عينيه دون أن يتمكّن من إنقاذهما، وبين القصّتين، نعود مع سوزان إلى الماضي لنتعرّف على كيفية لقائها بزوجها الأوّل (أيضًا يؤدي دوره جيك جيلنهال) والأسباب المؤدّية إلى انفصالهما.

في مرحلة زواج سوزان وإدوارد، نرى إدوارد يعمل على كتابة رواية قام بتقديم بعض منها إلى زوجته ليعرف رأيها، والتي دون مراعاة لمشاعره قالت له أنه يكتب رواية عن نفسه- ونصحته بترك الكتابة والالتفات إلى مجال آخر أو العودة إلى الجامعة لاستكمال دراسته، معلّلة كلامها بأنّها تفكّر بواقعية وأن فكرة تسخير زوجها لحياته في كتابة الروايات فقط مثيرة للسخرية وبعيدة عن الواقع تمامًا، وهو ما يؤدّي إلى نشوب شجار بين الزوجين واتهام إدوارد لها بأنّها لا تؤمن بموهبته، وأنّها أصبحت "تتحدث كوالدتها" البراغماتية. وهكذا تتحوّل صفات إدوارد الحساس الرقيق والتي جذبتها بالبداية إلى سبب رئيسي لانفصالها عنه.

مع الوقت نفسه تتعرّف سوزان على هيوتون، الشاب الوسيم الذي يطمح للنجاح في عالم المال والأعمال، والذي تدخل معه في علاقة غرامية قامت على إثرها باتخاذ قرار الطلاق من زوجها لتتمكّن من الزواج من هيوتون. وعلى الرغم من أنّ إدوارد يمسك بها ويرجوها أن تعيد النظر في علاقتهما بدافع الحب الذي يجمعهما، إلا أنّ سوزان ترفض بدعوى أنّها غير سعيدة وأنّه شخص حساس أكثر من اللازم.

في القصّة الثالثة، والتي تظهر على هيئة الرواية التي تقرأها سوزان، نجد محققًا يدعى بوبي، مكلّف بالتحقيق في مقتل زوجة وابنة توني بعد أن اغتُصِبتا. وبتراكم الأحداث يعترف المحقّق لـ توني أنه يعاني من سرطان الرئة ولا يستطيع مساعدته في القبض على الجناة لكنه يحثّه على "أخذ ثأره بيده". وهنا تأخذ الرواية البوليسية منحىً فلسفيًا من حيث الأسئلة التي تطرحها: ماذا لو امتلك الضحية مصير القاتل واستطاع أن يتحكّم فيه؟

تبدو الرواية التي أرسلها إدوارد إلى سوزان وكأنّها رسالة تخبرها أنه قد نجح في حياته، على عكس ما كانت تظن، وأنّه تمكن من نسيانها ونسيان ما فعلت به والاستمرار في حياته الطبيعية بينما بقيت هي حبيسة "واقعيتها" التي لم تتسبّب إلا في تعاستها، والأهم، أنّه تمكن من كتابة رواية ممتازة لدرجة أدخلت الرعب والتوتر إلى حياة زوجته السابقة، حتى وإن كان، مرّة أخرى قد قام بكتابتها عن نفسه، تمامًا كما فعل عندما سخرت منه في البداية.

يبدو لافتًا كون التنقلات التي تحدث بين القصص الثلاث تفادت الإرباك. فالماكياج المتقن والديكور المختلف ساعد في التعرّف على أي من القصص الثلاث قد انتقلنا. غلبت على المشاهد ما يؤثر على المتلقي ويُدخله في حالة نفسية يشعر فيها بالانزعاج وساهم في هذا أيضًا الإضاءة والموسيقى التصويرية للفيلم.

المساهمون