إنتاج "ضوء سائل" في درجة حرارة الغرفة

إنتاج "ضوء سائل" في درجة حرارة الغرفة

20 يونيو 2017
(نيكي تومبلين )
+ الخط -
بلغ علماء الفيزياء هدفهم في الحصول على "ضوء سائل" في درجة حرارة الغرفة (درجة حرارة قياسية تقاس عندها باقي الصفات الفيزيائية) للمرّة الأولى، مما يجعل هذا التكوين الغريب للمادة سهل المنال عن أي وقت مضى.

عرف العلماء منذ عقود عدّة وحتى الآن، أن الضوء يسلك كالموجة، يتمدّد خارجًا من مصدره إلى أن يمتصه جسم ما أو يعكسه، والذي بدوره يصبح مُضاءً.

بيّنت الأبحاث في السنوات الأخيرة أن الضوء يمكنه أيضًا أن يسلك سلوك السائل، متدفقًا حول الأجسام ومعيدًا تشكيله على الجانب الآخر. فيما سبق، رُصدت هذه الظاهرة فقط في ظل ظروف قصوى معينة، مثل غرف المختبرات المُبرّدة لدرجة حرارة تقترب من الصفر المطلق.

يكشف البحث الجديد المنشور في مجلة Nature Physics أن الضوء يمكنه السلوك مثل حالة "السائل الفائق"، والتي فيها تتدفّق جسيمات الضوء حول الأجسام بدون احتكاك أو لزوجة إطلاقًا. في هذه الحالة، يكشف الضوء عن التأثير المثير "للتدفق عديم الاحتكاك"، مُنعطفًا حول العوائق بدون تموّجات أو دوامات على الإطلاق. والجدير بالذكر، أن هذا التأثير تمكن ملاحظته في ظل درجة الحرارة القياسية وفي الضغط المحيط.


إحداث تأثير التدفق عديم الاحتكاك
قام علماء من معهد أبحاث النانوتكنولوجي في إيطاليا CRN NANOTEC، بالتعاون مع جامعة بوليتكنك مونتريال في كندا، وكلية لندن الإمبراطورية، وجامعة سالينتو في إيطاليا وجامعة آلتو في فنلندا، بإحداث التأثير عن طريق وضع طبقة رقيقة من الجزيئات العضوية بين مرآتين فائقتي الانعكاس، منتجين مائعًا هجينًا من الضوء والمادة.

قال ستيفن كينا كوهين، من جامعة بوليتكنك مونتريال في تصريح له "بهذه الطريقة، يمكننا جمع خصائص الفوتونات (الجسميات التي يتكون منها الضوء) _ مثل الكتلة الفعالة للضوء والسرعة الشديدة _ مع التآثرات القوية (القوة النووية الشديدة) الناجمة عن الإلكترونات الموجودة داخل الجزيئات". "في ظل الظروف العادية، يتموج المائع ويدور حول أي شيء يُعيق انسيابه أو تدفقه. لكن في المائع الفائق، يُكبح هذا الاضطراب حول العوائق، مما يجعل التدفق مستمرًا في طريقه بدون تغيير".

يُشار أحيانًا إلى حالة الميوعة الفائقة هذه بصفتها الحالة الخامسة للمادة، أو تكاثف بوز - آينشتاين (حالة من حالات المادة في ظل درجات حرارة منخفضة للغاية تعادل الصفر المطلق). تسلك الجسيمات في هذه الحالة كموجة مفردة تُرى بالعين المجرّدة، وتتذبذب عند التردّد نفسه، وللمفارقة تجمع بين سمات المواد السائلة والصلبة والغازية.

قال دانييلي سانفيتو، الذي ترأّس فريق الدراسة "إن الملاحظة الاستثنائية في عملنا أننا أثبتنا أن الميوعة الفائقة يمكنها الحدوث أيضا في درجة حرارة الغرفة، وفي ظل الظروف المحيطة، باستخدام جسيمات "ضوء – مادة" تدعى بولاريتونات (أشباه جسيمات)".


التأثيرات العملية والتطبيقية للاكتشاف
بالنسبة للتأثيرات العملية للاكتشاف، وفقًا لفريق البحث فإن أكثر فائدة واضحة بالفعل تتعلق بالمواد فائقة التوصيل التي يمكنها نقل الكهرباء بدون مقاومة. عامّة، يتحتم تبريد هذه المواد بشكل جذري، عادة باستخدام النيتروجين السائل. إذا توصل المهندسون إلى طريقة لتسخير واستغلال الميوعة الفائقة الحادثة في درجة حرارة الغرفة، قد ينتج عنها أجهزة ضوئية جديدة مُحسنة مثل أجهزة الليزر والصمامات الثنائية الباعثة للضوء (مصابيح الـ LEDs) والألواح الشمسية والخلايا الضوئية.

قال باحثون من جامعة بوليتكنك مونتريال في تصريح لهم: "حقيقة أن مثل هذا التأثير قد لُوحظ في ظل الظروف المحيطة يمكنها إشعال الشرارة لبدء قدر هائل من العمل المستقبلي".

"ليس فقط لدراسة الظواهر الأساسية المتعلقة بتكاثفات بوز- آينشتاين، لكن أيضا لتصور أجهزة مستقبلية تعتمد المائع الفائق الضوئي وتصميمها حيث تُوقف مفقودات الطاقة كلية ويمكن استثمار الظواهر الجديدة غير المتوقّعة".


(مصادر)

المساهمون