تدريس الفلسفة.. الطلاب الأكثر ذكاءً

تدريس الفلسفة.. الطلاب الأكثر ذكاءً

28 مارس 2017
(إشارة القرود الثلاثة، الصورة: killerb10)
+ الخط -


هناك العديد من المحاولات لتحسين أداء الطلاب أكاديميًا، ما يؤدّي إلى مجموعة من النتائج، والتي قد تكون إما مضلّلة أو مصدرًا للإلهام. وتشمل هذه الجهود عدم تعيين الواجبات المنزلية للطلاب وإعادة معايرة الاختبارات الموحّدة لمراعاة مزايا الخلفية غير المنصفة أو إخضاع الطلاب لمبادرة المعايير الحكومية للأساس المشترك، والتي يصعب فهمها.

ولكن محاولة حديثة من المملكة المتحدة وجدت حلًا آخر، والذي بدا في الواقع بأنه فعّال؛ إذ تم تدريس الطلاب الفلسفة.

وأظهرت دراسة نشرت في العام الماضي أن الأطفال من عمر 9 إلى 10 سنوات، والذين اشتركوا في سلسلة طويلة من الدروس التي تركز على الفلسفة، قد أظهروا تحسنًا كبيرًا في الدرجات مقارنة بأقرانهم في المجموعة الضابطة. وشملت الدراسة أكثر من 3 آلاف طفل في 48 مدرسة ابتدائية في جميع أنحاء إنكلترا. والأطفال الذين أخذوا دروساً في الفلسفة تحسّنت مهاراتهم في الرياضيات والقراءة بنحو شهرين من التقدّم الإضافي بالمقارنة مع الطلاب الذين لم يأخذوا الدروس.

وقد كان الهدف الفعلي للدروس هو تحسين ثقة الطلاب في طرح الأسئلة وبناء الحجج، ولكن المكاسب على الصعيد الأكاديمي الإضافية لا يمكن إنكارها.

ماذا فعل الطلاب في هذه الدروس الأسبوعية لمدّة ساعة؟ لقد تحدّثوا عن مفاهيم مثل المعرفة والحقيقة والعدالة والإنصاف، والتفكير في أسئلة مثل "هل ينبغي التبرّع بقلب صحي لأشخاص لم يعتنوا بأنفسهم؟" أو "هل من الصحيح حرمان أي شخص من حريتهِ؟"، وكان لديهم أيضًا وقتٌ مخصصٌ للتفكير الصامت. ومن الجدير بالذكر أيضًا أنه كان هناك تحسن أكاديمي ملحوظ عند طلاب من ذوي الدخل المنخفض. وتحسنّت مهارات القراءة لأولئك الذين أخذوا الدروس بنسبة أربعة أشهر، ومهارات الرياضيات بنسبة ثلاثة أشهر. وكانت هناك فوائد أخرى كذلك.

وكتب الباحثون ستيفن غورارد ونادية صديقي ووبنغ هوات من جامعة دورهام: "إن ردود الفعل من المعلّمين طوال فترة التجربة تشير إلى أن دروس الفلسفة أتاحت للتلاميذ الفرصة للتفاعل وتطوير ثقافة كاملة من التفكير والاستماع والتحدّث واستخدام الحجج المنطقية في المدرسة. وقال المعلّمون أيضًا بأنه كان للدروس أثر مفيد على مستويات أوسع مثل الثقة والصبر واحترام الذات".

ومن المثير للاهتمام أن برنامج "الفلسفة للأطفال" (P4C)، جرى إيجاده أصلًا في عام 1970 في الولايات المتحدة على يد البروفيسور ماثيو ليبمان من نيو جيرسي، والذي أدّى لاحقًا إلى إنشاء معهد للنهوض بالفلسفة للأطفال (IAPC)؛ إذ قام ليبمان وزملاؤه بدراسة أولية لبرنامجهم في عام 1980 باستخدام 40 طالبًا من مدرستين في منطقة مونتكلير في نيو جيرسي.

وتم تقسيم الطلاب إلى مجموعتين، "مجموعة التدخّل"، والتي يقوم ليبمان بتدريسها P4C مرتين في الأسبوع لمدّة تسعة أسابيع، في حين أن المجموعة الضابطة كانت تدرس الدراسات الاجتماعية. وأظهرت دراسة ليبمان تحسّنًا كبيرًا في التفكير المنطقي والقراءة حسب اختبار كاليفورنيا للنضج العقلي (CTMM). وقد تم اختبار الفروقات في درجات القراءة وُوجد أنّها متقدمة بنحوٍ مماثل بعد عامين ونصف العام.

وظهرت نتائج تجربة أخرى أكبر في عام 2004. ولكن في هذه المرّة تم اختبار 200 طالب (100 لكل مجموعة) على مدى فترة سنتين. وأفاد الباحثون مرّة أخرى بتحسّن كبير في القراءة والتفكير النقدي.

ومن المؤكّد أن سقراط كان ليؤيد هذه النتائج، وأن تعليم الطلاب الفلسفة سيجعلهم أكثر ذكاءً أكاديمياً وأفضل استعداداً للحياة بعد سن الرشد.

المساهمون