الطاقة النووية.. خرافة اسمها التلوّث

الطاقة النووية.. خرافة اسمها التلوّث

12 مارس 2017
(اختبار نيفادا، الصورة: وزارة الطاقة الأميركية)
+ الخط -


لم يكن أحدٌ ليحلم بإنتاج طاقة هائلة من الذرّات وأنويتها، إلا بعد ظهور (النظرية النسبية) للعالم آلبرت آينشتاين، التي تنص على أن الطاقة والكتلة تعبيران مُتلازمان، أي أنك تستطيع "تحليل" الكتلة لِتُنتج لك كمية هائلة من الطاقة، وتستطيع أن تُحوّل كمياتٍ كبيرة من الطاقة إلى كتلة ضئيلة. التطبيق العملي التام على المواد العادية صعبٌ بلا شك، ولم يتمّ حتى الآن، إلا على العناصر النشطة إشعاعيًا (الثوريوم، اليورانيوم والبلوتونيوم والفرانسيوم).

يتكوّن المفاعل النووي من وعاء سميك الجدار (خرسانة كونكريتية) واحتواء القلب على الوقود النووية (أحد نظائر اليورانيوم)، ومواد أُخرى تُبطئ وتُهدئ من عملية الانشطار النووي وتسيطر على أعداد الانشطار؛ حيث إن استمرارها قد يُسبّب كارثة، فوسائل للتبريد تدفع الحرارة بعيدًا عن قلب المفاعل وقد تتمّ الاستفادة من الحرارة الصادرة عنه لأغراض أخرى.

يُستعمل الماء عادة في تبريد المفاعلات النووية، ويدفع الماء من قاع المفاعل ليدخل إلى قلبه، محيطًا بالوقود النووي وملامسا له، فترتفع درجة حرارة الماء ويتحوّل إلى بخار يستعمل في إدارة التوربينات وتوليد الكهرباء.

ما أن تَذكر الطاقة النووية أمام أحدهم، حتى يتذكّر كوارث أليمة سبق حدوثها؛ مثل كارثة فوكوشيما بعد زلزال اليابان، أو كارثة تشيرنوبيل في أوكرانيا، التي تُعد أكبر حادثة نووية مدنية توفيّ خلالها 36 شخصا وأصيب حوالي 2000 شخص بالتلوّث الإشعاعي.


خرافة التلوّث
لكن، هل حقًا أن الطاقة النووية شيء مذموم ولا يصلح لخطورته الكبيرة؟ فالطاقة النووية إذا ما تمّ التحكّم فيها بصرامة، قد تكون إنتاجًا مُذهلًا وغير مُكلف.

هُناك دول عُظمى عرفت استغلال الطاقة النووية بالشكل الأمثل، فلو ألقينا نظرة سريعة سنجد أن 16% من الطاقة الكهربائية في العالم يتمّ توليدها عن طريق المفاعلات النووية. اليابان تحصل على 30% من إنتاجها من الكهرباء عن طريق الطاقة النووية، بلغاريا والمجر وسلوفاكيا وبلجيكا وكوريا الجنوبية والسويد وأوكرانيا وسلوفينيا وسويسرا كلّها تستمدُّ ثلث طاقتها الكهربائية من المفاعلات النووية.

الإشعاع النووي يأتي من مصادر طبيعية عديدة، والمصادر الصناعية تشكّل حوالي 1% فقط من الإشعاع الذي يتعرّض له جسم الإنسان بشكل يومي، كما أن الخوف من إمكانية انفجار المفاعلات المسؤولة عن توليد الكهرباء أصبح شبه معدوم، لأن تخصيب اليورانيوم منخفض جدًا في الاستخدامات السلمية، على العكس تمامًا من الأسلحة النووية.

كما أن خطورة العيش بالقرب من مفاعل نووي ما هي إلا خرافة، فالحماية والتدعيم التي تمنع الإشعاع من التسرّب إلى خارج قلب المفاعل أصبحت متطورة جدًا. في الواقع، يعرّضك وقوفك بالقرب من محطة نووية لسنة كاملة، إلى مستوى إشعاع يساوي تقريبًا ربع مستوى الإشعاع الذي تتعرّض له عند أخذ أشعّة مقطعية في المستشفى، وثلث الإشعاع الذي تتلقّاه في رحلة بالطائرة من باريس إلى نيويورك.

اقتصاديًا
كميّة الوقود النووي المستخدم لتوليد الطاقة ضئيل جدًا مقارنة باستخدام النفط أو الفحم، على سبيل المثال، طن واحد من اليورانيوم يولّد لك الكهرباء أكثر من ملايين البراميل النفطية أو ملايين الأطنان من الفحم.

بصورة أقرب، فإن حبيبة يورانيوم واحدة تُنتج كميّة من الطاقة تماثل ما ينتجه 474 لترا من النفط، أو طن واحد من الفحم. وهي كمّية تكفي لتشغيل كهرباء منزل لمدّة أربعة أشهر تقريبًا، دون أي انبعاث للكربون.

الطاقة الشمسية كلفتها أكبر بكثير من الطاقة النووية، ولها متطلّبات صيانة كبيرة ومشاكل مع الأتربة والظروف الجويّة غير المُناسبة، فضلًا عن أن الطاقة النووية هي طاقة نظيفة إذا ما تم توظيفها بشكل جيّد، فلا دخان ولا أوكسيد النيتروجين ينطلق منها، ولا حتى ثنائي أوكسيد الكربون (كما يحصل عند توليد الطاقة من حرق النفط)، فالخطوة البشرية القادمة في مواجهة الاحتباس الحراري هي الطاقة النووية.

أهم نقطة تميّز الدول التي تستعمل الطاقة النووية هي أن مصادر اليورانيوم كثيرة وسهلة النقل (إذا ما تم استخدامها استخداما مدنيا بالطبع) على عكس البترول، إنه زمن حفنات اليورانيوم.

المساهمون