في ذكرى ميلاد داروين.. خمسة مفاهيم خاطئة حول التطور

في ذكرى ميلاد داروين.. خمسة مفاهيم خاطئة حول التطور

13 فبراير 2017
+ الخط -

في ذكرى ميلاد داروين الـ208 (12 فبراير/ شباط 1809 – 1882)، نقدم أكثر المفاهيم الخاطئة شيوعًا حول نظرية التطور، تلك النظرية التي جعلت من داروين واحدًا من أهم العلماء ـ أو كما يقول ديفيد كوامن في كتابه "داروين مترددًا": "لو أن المجتمع العلمي هو الذي يصدر النقود لكان من المسلم به أن توضع صورة وجه داروين على الدولار، ذلك لأن داروين «واصل» ثورة كوبرنيكوس ضد فكرة مركزية الإنسان كمحور للكون، ولم «يكملها»". سبب هذا هو أن المعركة لا تزال قائمة. فكثيرون، حتى بين من يقولون إنهم يوافقون على نظرية داروين عن التطور (أيًّا ما يكون فهمهم لها) يرفضون استيعاب التداعيات الكاملة لما كتبه".

يتابع: "فأكبر أفكار داروين، الأكبر من مجرد التطور، كانت أكبر وأشد وأخطر مما يحتمل. هذه الفكرة هي ما أطلق عليها «الانتخاب الطبيعي» وعدها الآلية الرئيسية للتغير التطوري. حسب وجهة نظر داروين (التي تأكدت منذ ذلك الوقت بالأدلة البيولوجية على مدار قرن ونصف القرن)، فإن الانتخاب الطبيعي عملية لا غرض لها، لكنها فعالة. إنها عملية تغيير شخصية، عمياء عن رؤية المستقبل، ليس لها أهداف، بل لها نتائج فقط. ومعيارَا التقييم الوحيدان لها هما: النجاح في البقاء، والنجاح في التكاثر. ومن خلال التغيرات العشوائية الواسعة، التي تُغربَل وتتراكم، تُنتج أشكالًا عملية من النظام".


التطور مجرد نظرية
يُساء فهم النظرية العلمية لدى العامة على أنها فرضية، يطلق العلماء على التطور اسم "نظرية التطور"، لكن ذلك تقديرًا لمكانته العلمية المقبولة بشكل جيد. يستخدم مصطلح "نظرية" بالطريقة نفسها التي تُفسر بها نظرية الجاذبية سبب سقوط تفاحة نحو الأرض عندما تسقط من يدك. لا يوجد شك في أن التفاحة ستسقط على الأرض، وبالطريقة نفسها لا يوجد شك أن البقّ (حشرة من نصفيات الأجنحة) المقاومة للمضادات الحيوية ستستمر في التطور ما لم نضبط استعمالنا للمضادات الحيوية.

على الرغم من استخدام عامة الناس لكلمة "نظرية" في محادثاتهم اليومية على أنها فرضيات غير مؤكدة، فإن الوضع يختلف حين تستخدم في مصطلح علمي؛ فإن "النظرية العلمية" تعني التفسير الأفضل للحقائق التي نراها حولنا في الطبيعة، والتي يتم الوصول إليها باستخدام الأساليب العلمية، وتُختبر مرارًا وتكرارًا ويتم تأكيدها باستخدام الملاحظة والتجربة.


البشر متحدرون من القرود
لا، لم يكن أسلافنا القدامى قرودًا. تشير نظرية التطور إلى أن لدينا أسلافًا مشتركة مع السعدان والقرود - وهم أقرب الأقارب لنا من بين الأنواع الموجودة. بمعنى آخر، فإن الإنسان والقرود يتحدرون من سلف مشترك. يتشارك البشر والشمبانزي في أكثر من 90% من تسلسلهم الجيني. لكن هذا السلف المشترك الذي جاب الأرض منذ 7 ملايين سنة تقريبًا لم يكن سعدانًا أو بشرًا، لكنه كائن يشبه القرد.


الانتخاب الطبيعي غائي
توجد العديد من الكائنات الحية غير متكيفة مع بيئتها بشكل مثالي. على سبيل المثال، أسماك القرش ليس لديها مثانة الغاز التي تستخدمها الأسماك العظمية (كيس مملوء بالهواء) كي تتحكم في عملية الطفو والعوم في المياه متى أرادت ذلك. هل يدحض هذا نظرية التطور؟ لا، على الإطلاق. يفضل الانتخاب الطبيعي الأفضل مما هو متاح ويتم ذلك بشكل عشوائي، ولا يعمل بشكل موجّه أو هادف على تحويل جميع الكائنات الحية إلى كائن حي فائق.

سيكون من المريح حقًا إذا تمكن البشر من إجراء عملية البناء الضوئي؛ فسيمكنهم علاج الجوع فورًا من خلال الوقوف تحت ضوء الشمس (وبذلك يكونون قد توصلوا لأفضل نظام للحمية الغذائية وأكثرها رواجًا: وهو البقاء بالداخل). لكن للأسف، القدرة الجينية على إجراء عملية البناء الضوئي غير موجودة في الحيوانات. لا يزال انتخاب أفضل خيار ممكن هو الوسيلة المؤدية إلى تنوع مدهش من الأشكال القادرة على التكيف جيدًا مع بيئتها حتى لو لم يكن ذلك التكيف مثاليًا.


لا يمكن للتطور تفسير الأعضاء المعقدة
يقول الخلقيون إن العين كتركيب معقد لا يمكنه أن يكون قد تطور، لأن قدرة العين على توفير البصر تعتمد على الترتيب المثالي والكامل لأجزائها، إذاً ما فائده نصف عين؟ في الإجابة على هذا النقد، أشار داروين إلى أنه حتى العين غير المكتملة قد توفر بعض الفوائد (مثلًا، تساعد الكائنات على التوجه نحو الضوء)، وبالتالي البقاء على قيد الحياة لمزيد من الصقل التطوري. ساندت الأحياء داروين: فالأبحاث حددت عيوناً أوليّة وأجهزة لاستشعار الضوء في جميع أنحاء المملكة الحيوانية. ففي الرخويات، مثل الحلزون والديدان الحلقية، تنتشر خلايا مستشعرة للضوء على سطح الجسم يمكنها تمييز الضوء من الظلام، وحتى عند تتبع تاريخ تطور وراثة العيون علميًا ومن خلال المقارنة بين الجينات (يظهر أنه في عوائل الكائنات الحية المختلفة تطورت العين باستقلال عن بعضها).


التطوّر يتعارض مع الدين
من الضروري توضيح أن نظرية التطور لا تتناول أصل الحياة، لكنها نظرية لتفسير كيفية تغير الأنواع عبر الزمن. على عكس ما يعتقده العديد من الناس، يوجد صراع ضعيف بين التطور وأكثر الأديان الشائعة. أخيرًا كرر البابا فرانسيس عدم وجود تعارض بين العقيدة الكاثولوكية والتطور. كما أعلن الكاهن مالكوم براون، من كنيسة إنكلترا الرسمية، قائلاً إن "الانتخاب الطبيعي، كطريقة لفهم العمليات التطورية الفيزيائية عبر آلاف السنين، يبدو منطقيًا". كما أضاف "يحتاج الدين الحنيف العمل بشكل بناء مع العلم النافع" والعكس بالعكس.

المساهمون