الافتراضي والمعزّز: كوكبان آخران للبشر

الافتراضي والمعزّز: كوكبان آخران للبشر

13 نوفمبر 2016
(محاكاة لجهاز الواقع الافتراضي، تصوير: فلاشبوب)
+ الخط -

يترّقب العالم في الآونة الأخيرة اقتحام شركة "آبل" مجالي الواقع الافتراضي VR والواقع المعزّز AR، بعد استحواذها العام الماضي على شركة "ميتايو" المتخصّصة في تقنيات الواقع المعزّز، وإن كانت أغلب التطبيقات العملية المنتشرة لهذه التقنية لا تزال تقتصر على مجال الترفيه بشكل أساسي، حيث ترجح إحصائيات مركز "بييكام" أن قيمة سوق الواقع المعزّز في الاستخدامات الصناعية فقط ستبلغ 800 مليون دولار بحلول عام 2020، فخلال (5 إلى 10) أعوام تصل هذه التقنيات إلى مرحلة النضج حسب معهد "جارتنر" المختص بالتقنيات الناشئة.

تعتمد الـ VR تقنية غمر المستخدم ببيئة ثلاثية الأبعاد، بواسطة ما يشبه خوذة تلبس على الرأس، تعزله عن محيطه الخارجي، بينما تقوم تقنية AR بإسقاط عناصر ومعلومات افتراضية إلى العالم الحقيقي، يراها المستخدم من خلال نظارات خاصة، وتتجه كلا التقنيتين لردم الهوة بينهما، فيعتزم باحثو تقنية الواقع المعزّز تقديم تجربة غامرة كاملة قريباً، وبسبب متطلّبات الأمان تتّجه تجارب الواقع الافتراضي، لإدخال جزء من العالم الحقيقي للتقليل من احتمال حدوث الغثيان، الدوار والصداع.

أوّل حديث عن فكرة الواقع المعزّز كان عام 1901، في رواية "المفتاح العمومي" لليام فرانك بوم، صاحب رواية "ساحر أوز"، وفي عام 1936 نشر ستانلي فينبوم قصته القصيرة "نظارات بجماليون"، التي تصف نظارات تلتصق بالعينين، وتُدخل العميل في تجربة ثلاثية الأبعاد تتضمن اللمس والرائحة.

عمِل مورتون هيجز، على مدى خمسة أعوام، على جهازه "السينسوراما" في كتاباته، ووصف رؤيته لسينما المستقبل والمسرح التجريبي، وفي عام 1962 تمكّن من تسجيل براءة اختراعه، التي احتوت فقط 5 مقاطع فيديو.

وصف هاوراد رينجولد في كتابه "الواقع الافتراضي" 1991، تجربته في شريط "دراجة هوائية في بروكلين"، حيث أن "السينسوراما" منحته شعور الميلان على الدراجة واهتزازها إضافة لرائحة مدينة بروكلين، كما كان يشعر بالهواء في وجهه. وانتهى عمل هيجز بعد فشله في الحصول على تمويل لأبحاثه.

بعد ذلك بستة أعوام أنشأ إيفان سوذرلاند أوّل نظام يجمع الواقع الافتراضي والمعزّز وأسماه (HMD)، اختصارًا لجهاز العرض المرتبط رأسيًا، الذي يتم تعليقه بالسقف ويتدلى ليصل رأس المستخدم بسبب وزنه الثقيل.

اليوم يعتمد الـ VR على مبدأ (Telepresence)، وهو كمفهوم إتاحة الفرصة للمستخدم بالشعور وكأنه ماثل في بيئة أخرى مصنعة تكنولوجياً، يستطيع التأثير بها، وتعتبر هذه أهم الشروط للحصول على "المثول" الأفضل.

مجال رؤية بزاوية (80 درجة وأعلى)، دقة عالية (108p وأعلى)، ثبات بكسلي منخفض (3 ميلي ثانية وأقل)، مجال تحديث عال (بين 60 و 90 هرتز)، عرض عام حيث تضاء جميع البكسلات في ذات الوقت، عدستان على الأكثر أمام كل عين، تدريج بصري ملائم، خفوت منخفض (خلال 25 ثانية)، وترجمة بدقة 1 ميليمتر، توجيه بدقّة ربع مليمتر، وصوت يصل لمسافة متر ونصف المتر في كل سماعة.

أما الـ Ar فتعتمد على وجود علامات تستطيع الكاميرا التقاطها، وتعرض المعلومات المرتبطة بها، أو عن طريق الارتباط بالموقع الجغرافي (GPS)، وحين التقاط نقطة معينة تستعمل خوارزميات لتعريف الصور وعرض معلومات كل منها.

يخطو كل من النظامين خارج مجال الترفيه خطوات خجولة، لكنها تعطي انطباعًا مستقبليًا، ففي بعض التجارب كانت النتائج إيجابية، في الثمانينيات تم تطوير برامج محاكاة لتدريب الطيّارين في القوّات الجوية الأميركية، ومنذ 2003 اعتمد الجيش الأمريكي تقنية الواقع المعزّز في برامج تدريباته، كما استعملت برامج محاكاة لتعليم سائقي الشاحنات في بلجيكا، واستعملت أيضًا برامج لتعليم الأطفال عبور الشوارع، لكنها أوقفت حرصًا على عدم الخلط بين الواقع والتجربة.

في مجال الطب خضع 16 جراحًا مقيمًا على فئتين لتجربة، إحداها تعتمد منصّات الواقع الافتراضي والأخرى تستمع لتعليمات من المشرفين. جاءت الفئة الأولى أسرع بنسبة 29% في عملية استئصال المرارة، وتم تسجيل تجارب للمعالجة النفسية في معالجة الفوبيا تتضمن الواقع الافتراضي.

وفي سنة 2005 استخدمت تكنولوجيا تجريبية لعرض بيانات المريض مثل ضغط الدم وصور الأشّعة وتعرض مخططاً للأوعية الدموية عبر الواقع المعزّز وبرنامج (VeinViewer).

وفي هذا العام أفسحت فرقة (أ- ها) النرويجية مجالًا في حفلها لتجربة تتضمّن الفنون الجميلة والعمارة عبر الواقع الافتراضي، وينتظر خلال هذا الشهر نقل المباراة النهائية في بطولة العالم للشطرنج بهذه التقنية لتكون أوّل حدث رياضي ينقل بكامله على هذه الطريقة، وتستعمل منظمات مثل يونيسيف وأمنيستي برامج تدريبية تعتمد المبدأ نفسه لمتطوّعيها تعرّضهم لخطر النمور في نيبال، أو تظهر لهم ملامح الصراع في سورية.

يموّل الاتحاد الأوروبي مشروع (iTacitus) لتعليم التاريخ الأوروبي، حيث تظهر المعلومات بعد تركيز عدسة الكاميرا على المعالم التاريخية، ونشرت شركة (SAP)، بالمشاركة مع شركة (Vuzix) مقطعًا يوضح مهندسًا يقوم بعمله خارج المبنى وداخله بواسطة نظارات الواقع المعزّز.

إضافة لمجالات أخرى، كالتجميل والتسويق والترجمة والسياحة وحدائق الألعاب والسينما ومجال الإباحية، تتوفر أجهزة أخرى هي:

(Google cardboard): وهو أسهل وأرخص طريقة لتجريب الواقع الافتراضي، يعتمد على وضع الهاتف المحمول في صندوق من الورق المقوى يحوي عدسات خاصة.

(Samsung gear VR): وهي أفضل المنصات المعتمدة على الهاتف المحمول، تحوي مجسات أكثر من منصة غوغل، وتحوي برامج وألعاباً مضمنة.

(Oculus Rift): المدعومة ماديًا من قبل فيسبوك، تتيح حريّة حركة الرأس، ويجب وصلها بحاسوب ذي مواصفات عالية.

(HTC Vive): أيضًا يتم وصلها بحاسوب ذي مواصفات عالية، وتحقق إمكانية الإمساك بما يراه المستخدم أثناء تجربته.

(Sony PlayStation VR): تم طرحها بنصف سعر منصّة (HTC) وتتميّز أنها ترتبط بمنصّة "بلاي ستيشن 4"، دون الحاجة للحاسوب، وتعتمد سوني في هذه الصفقة استغلال مبيعها لـ 40 مليون وحدة من (PS4) مما يجعلها الأفضل حالياً في السوق.

(HoloLens): نظارات أصدرتها مايكروسوفت، وتعمل على نظام ويندوز10 تتيح التفاعل مع الحاسوب بدون تواصل فيزيائي، ويرى المستخدم العالم أمامه مضافة إليه مجسّمات ثلاثية الأبعاد بتقنية الهولوغرام وتتضمّن النظارة معالجًا للرسوميات ومعالجًا لتقنية العرض ثلاثي الأبعاد، ومستشعرات لحركة المستخدم، وسمّاعات مدمجة.

(Daydream View): بدأ بيعها في العاشر من الشهر الجاري، وتعمل بالتوافق مع منصة (daydream)، وعدد قليل من الهواتف مثل: ( Pixel, Pixel XL , ZTE axon 7)، تم تصنيع النظارات من القماش والألياف الدقيقة.

(Google Glass): منذ بدايات 2013، وعبر "هاشتاغ #ifihadglass"، تم اختيار 8000 شخص ذي كفاءة لتجربة النظارة، بمبلغ 1500 دولار، وتلقّت حملة انتقادات هائلة بسبب مخاوف انتهاك الخصوصية، وأوقفت غوغل إنتاج مزيد من النظارات في يناير 2015، بانتظار جيل جديد يعمل عليه طوني فاضل، مدير قسم (Ipod) السابق في شركة Apple لإعادة تصميمها.

المساهمون