مصر: الاعتقال العشوائي يتسع للجميع

مصر: الاعتقال العشوائي يتسع للجميع

17 مايو 2014
الأمن يعتقل طالباً عقب مظاهرات رافضة للانقلاب (أرشيف/Getty)
+ الخط -


منذ 3 يوليو/تموز 2013، وباب الاعتقالات العشوائية في مصر يتسع للجميع، الانقلاب العسكري جعل السجن بيت المعارض، مفتاحه قائمة من التهم الملفقة تارة بغرض الانتقام الشخصي وانهاء خصومات فردية لرجال الأمن وأخرى بالتلفيق ضد المتظاهرين السلميين، في حالة من حالات شرعنة الاعتقالات اللاقانونية  في مصر.

كريم قاتل

من محافظة دمياط، حضر إلى القاهرة لإنهاء أوراق سفر والدته للخارج، مر بميدان التحرير يوم 25 يناير الماضي، ليتفاجأ بقوات الأمن تلقي القبض عليه ضمن 228 شاباً آخر ووجهت إليهم التهم نفسها، وهي حمل سلاح بدون ترخيص وقتل المتظاهرين والتعدي على الأمن وإتلاف الممتلكات العامة والخاصة. هذا ما حدث مع كريم رشدي البالغ من العمر 22 عاماً.

 يقول شقيقه أحمد: بحثنا عن كريم 3 أيام متواصلة عندما تأخر في العودة في المستشفيات وأقسام الشرطة بالقاهرة، حتى علمنا احتجازه لدى قوات أمن طره وورود اسمه في القضية رقم 291 اداري عابدين 2014 وتوجيه التهم السابقة إليه .

حركة الحرية للجدعان أعلنت، في بيان سابق لها، أن "حصيلة الاعتقالات التي شهدها يوم 25 يناير/كانون الثاني أثناء الاحتفال بالذكرى الثالثة للثورة، بلغت أكثر من ألف معتقل في جميع أنحاء الجمهورية، ما بين مناضلين خططوا وشاركوا في الثورة ومنعوا من الاحتفال بها، ومعتقلين عشوائياً شاء حظهم العثر أن يكونوا موجودين في أماكن التظاهرات، وأطفال تحت السن القانوني، وصحفيين كانوا يقومون بعملهم، ومحامين ذهبوا لمتابعة أوضاع معتقلين فزج بهم معهم".


وأضافت الحركة فى بيانها أن قائمة الاتهامات التي وجهت للمقبوض عليهم تضمنت "الانضمام لجماعة محظورة؛ وقطع الطرق؛ والإتلاف العمدي للممتلكات العامة؛ والانضمام لعصابة؛ واستعمال القوى والعنف؛ وحيازة أسلحة ومفرقعات؛ وحيازة أدوات معده لإيذاء الغير؛ والاعتداء على قوات الأمن، وغير هذا من التهم الملفقة".


شمس والاستفتاء

"أدلينا بأصواتنا في الاستفتاء الأخير وبعد أن انتهينا طلبت منه أن يعود لمكتب المحاماة الخاص بي لإحضار أوراق هامة، تغيب ما يقرب من ساعتين وجدته يتصل بي ليخبرني: بابا أنا أتقبض علي ومش عارف واخدني على فين؟". بهذه الكلمات بدأ سعد الدين سليمان والد الطفل شمس الدين حديثه سارداً تفاصيل إلقاء القبض على نجله الذى لم يتجاوز السادسة عشرة من عمره أثناء عودته إليه فى محيط قصر النيل .

شمس الدين الذي لم يشارك يوماً في أي نشاط سياسي ولم ينضم لحركة أو ائتلاف أو حزب، كان واحداُ من بين عشرات المعتقلين بالصدفة والذين يتم إلقاء القبض عليهم لمجرد تواجدهم في مكان الحدث. 28 يوماً هي المدة التي قضاها شمس الدين متنقلا بين أقسام الشرطة بداية من قسم الأزبكية، وقصر النيل وصولا إلى سجن طره برفقة ما يقرب من 33 شاباً لقوا نفس مصيره.

تهم عديدة وجهت لطفل لم يتجاوز بعد سن الرشد ، تنوعت جميعها ما بين التعدي على قوات الأمن وإتلاف الممتلكات العامة والخاصة ومنع الناس من ممارسة حقوقهم السياسية في الاستفتاء على الدستور، يضيف والده : كل هذه تهم باطلة والدليل على ذلك أن ابني تمت تبرئته في الجلسة الأولى من محاكمته ولكن ما حدث يجعلني أتساءل لماذا يتعامل الأمن بهذا الأسلوب.

محمد تهمته حيازة لاسلكي!

 محمد عامر توجه صباح يوم الخامس والعشرين من يناير الماضي إلى ميدان العتبة،  كما تروي والدته، تقول، وهو في طريقه من منشية ناصر الى ميدان العتبة، وجد جهاز لاسلكي ملقى على الأرض، التقطه بيديه وقدمه لأحد أمناء الشرطة الواقف بالقرب من مكان وقوع الجهاز، فما كان من أمين الشرطة سوى أن يضع محمد في سيارة الترحيلات بدعوى " هتيجي معانا نكشف على شخصيتك ونسيبك".

لم يتصور محمد أن هناك اتهامات سوف توجه له، وأن المسألة كلها ستكون مجرد استجواب بصورة عادية ويعود مرة أخرى، لكن الأمر تتطور ليصبح متهما بـ "المشاركة في المظاهرات، وترويع الآمنين ممن يتواجدون في ميدان التحرير، والانضمام لجماعة حظرت الحكومة نشاطها".

عقب وصول محمد إلى القسم الذي قال له أحد العساكر انه "قسم الجمالية"، استطاع ان يجري مكالمة هاتفية من تليفونه ويتصل بوالدته ويقول لها "أنا في قسم الجمالية يا ماما"، لم تكن تتصور الأم أن يتم القبض على ابنها، الذي سيسلم نفسه بعد ساعات قليلة لتأدية الخدمة العسكرية .


أحمد وبسام 

"خرجا لشراء مستلزمات للكمبيوتر ولم يرجعا"، بتلك الكلمات بدأت والدة أحمد وبسام تروي قصة القبض على ولديها، حيث خرجا متجهين لشراء مستلزمات للكمبيوتر من منطقة وسط البلد، وأثناء خروجهما من محطة مترو محمد نجيب بمنطقة وسط البلد، كان هناك تجمع لمظاهرات، وأحد الأشخاص يتم ضربه، فتوجه أحمد وأخوه ليرى ماذا يجري مع هذا الشاب ليفاجآ بالقبض عليهما.


تقول والدته انقطعت اتصالاتنا بأحمد وبسام تماماً، وأغلق هاتفاهما، بحثت عنهما في كافة المستشفيات والمناطق المحيطة بوسط البلد، وفي جميع أقسام الشرطة، على مدار يومين كاملين، حتى عثرت على أسميهما داخل سجلات قسم عابدين.

هيثم أبو خليل مدير مركز ضحايا لحقوق الإنسان يصف هؤلاء المعتقلين بأنهم ليسوا معتقلين بالصدفة ...هؤلاء معتقلون بالظلم والتلفيق وعدم وجود ضمير أو أخلاق لدى عناصر وزارة الداخلية التي قبضت عليهم ..؟  مضيفا : أما الانتهاكات فجريمة على جريمة لأنهم في الأصل أبرياء! وأقول للجهات التي تحتجزهم: تمسكوا ببقايا الوطنية وأفرجوا عن أولادنا وأهلنا.