مستغلو كورونا [3-8]...شركات للمستلزمات الطبية تلاعبت بالسوق المغربية

مستغلو كورونا [3-8]... شركات للمستلزمات الطبية تلاعبت بالسوق المغربية

الدار البيضاء

كوثر كمار

avata
كوثر كمار
27 مارس 2020
+ الخط -
أسهمت شركات للمستلزمات الطبية المغربية في خلق سوق سوداء للكمامات بمختلف أنواعها بعد تزايد الطلب عليها إثر أزمة فيروس كورونا المستجد (كوفيد-19)، عبر قيامها بالبيع لعامة التجار وغير المتخصصين، وفق ما يؤكده رئيس كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب محمد الحبابي، والذي قال لـ"العربي الجديد": "خالفت تلك الشركات قانون المستلزمات الطبية رقم 84.12، والذي ينصّ في الفقرة 11 من المادة 1 منه على أن التوزيع على العموم للمنتجات الصيدلية غير الدوائية المشار إليها في المادة 4 من القانون رقم 17.04 بمثابة مدونة الأدوية والصيدلة، والتي تعتبر مستلزمات طبية في مفهوم المادة 2 أسفله، يتم حصرياً صرفها من طرف صيادلة الصيدليات طبقاً للمادة 30 من القانون السالف ذكره".

ويُراد بمنتجات صيدلية غير دوائية في مدلول قانون مدونة الأدوية والصيدلة مواد التضميد والمنتجات المعدّة لأغراض طبية، والمقدمة في شكل معقم وفقاً لشروط التعقيم المنصوص عليها في دستور الأدوية. ويؤكد الحبابي أن الصيدليات المغربية تعاني نقصاً في الأقنعة الطبية، ولم يتمكن وصيادلة آخرين من الحصول على كميات جديدة من الكمامات من شركات المستلزمات الطبية لأن المخزون لديها قد نفد.

وسجل المغرب، 275 حالة من المصابين بفيروس كورونا حتى 26 مارس، وفق ما أعلنته وزارة الصحة، في تصريح نقلته وكالة المغرب العربي للأنباء، بينما تم تسجيل أربع حالات وفاة جديدة ليرتفع عدد الوفيات جراء الإصابة بالفيروس إلى عشر حالات.


استغلال الفرصة 


ارتفع سعر علبة الكمامات الجراحية المكونة من 50 قطعة في الصيدليات إلى 500 درهم (52.73 دولاراً)، في حين كان سعرها لا يتجاوز 33 درهماً (3.48 دولارات) سابقاً، كما يقول الحبابي، وهو ما تدعمه الجمعية المغربية لمهنيي المستلزمات الطبية التي طالبت شركات المستلزمات الطبية بعدم بيع الكمامات إلى الوسطاء، والاقتصار على المتخصصين في الميدان الصحي بالمغرب، بحسب ما يقوله رئيس الجمعية أنور يديني، لـ"العربي الجديد"، مؤكداً رصد شراء وسطاء لا علاقة لهم بمجال المستلزمات الطبية كميات كبيرة من الكمامات والمعقمات، بهدف إعادة بيعها في السوق المغربي.

وتزايدت أسعار المطهرات في المغرب بعد نفاد مخزونها لدى الصيدليات، كما تبيّن لمعدة التحقيق في جولة شملت 10 صيدليات في مدينة الدار البيضاء، ولمواجهة النقص أصدر مجلس المنافسة المغربي لائحة أسعار لتحديد أسعار البيع القصوى للمطهرات الكحولية، بناء على قرار وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة رقم 6865 مكرر، الصادر في 17 من مارس/ آذار 2020 والذي يقضي باتخاذ تدابير مؤقتة ضد ارتفاع أسعار المطهرات الكحولية لكن العديد من المغاربة ما يزالون يبحثون عن المطهرات في الصيدليات إلا أنها غير متوافرة في حين يبيعها سماسرة عبر "فيسبوك" بأسعار عالية.

النقص الكبير، كان فرصة تمكن عبرها صاحب محل لبيع الألبسة الرياضية في سوق درب عمر بمدينة الدار البيضاء، وسط غرب المغرب، من بيع كمامات جراحية احتفظ بها منذ 12 عاماً داخل مخزنه، مستغلاً ارتفاع الطلب عليها مع انتشار فيروس كورونا المستجد COVID-19، ليبيع العلبة التي تحتوي 50 قطعة بـ 75 درهماً، أي ما يعادل 7.85 دولارات، وفقاً لحديثه الذي وثقته معدة التحقيق خلال جولة ميدانية.

وتخالف طرق التخزين هذه الاشتراطات الصحية المعمول بها، كما توضح دنيا مديوني مديرة شركة للمستلزمات الطبية، قائلة لـ"العربي الجديد"، أن عملية تخزين الكمامات تخضع لمعايير للحفاظ على جودتها، كوضعها داخل علب مغلقة بعيدة عن الغبار والرطوبة.


وعلى الرغم من إقبال المغاربة على شراء الكمامات الجراحية لحماية أنفسهم، فإن الطبيب العام صلاح الدين رفاليا والذي يعمل في القطاع الخاص، يؤكد أن الكمامات الجراحية التي يستعملها المغاربة لا تقي من فيروس كورونا، فهي مخصصة لأطباء الجراحة داخل غرف العمليات كإجراء وقائي لحماية المرضى، والأفضل هي أنواع N95 وfpp2 وfpp3 لكونها عبارة عن أقنعة تنفسية متطورة تعمل على تنقية الهواء أثناء التنفس باتجاهين، لكنها تتطلب التدريب على استخدامها حتى لا يشعر مستعملها بالاختناق.


بيع الكمامات على الأرصفة والفيسبوك

تنتشر تجارة الكمامات الطبية بالقطعة على الأرصفة في الدار البيضاء، ومن بين الحالات التي وثقتها معدة التحقيق، أحد الباعة ممن يتاجرون في الكمامات الجراحية وكمامات FPP2 المزودة بفلتر بالقطعة، قائلاً لمعدة التحقيق إنه يحصل عليها من سماسرة عبر فيسبوك.

وعبر "فيسبوك" تواصلت معدة التحقيق مع مسؤول المبيعات في مختبر لإنتاج المواد الكيميائية وتوزيع المستلزمات الطبية بمدينة الدار البيضاء، عبر إعلان نشره على صفحة باسم متجر فيسبوك، للترويج لكمامات طبية جراحية بسعر 250 درهماً (26.30 دولاراً) للعلبة التي تحتوي على 50 قطعة.

وتظاهرت أنها تبحث عن ألف علبة، لكن الكمية لم تتوفر لدى مسؤول المبيعات، فاقترح أن يلعب دور الوسيط بينها وبين مالك مختبر يبيع علبة الكمامات الجراحية المكونة من 50 قطعة بسعر 250 درهماً، ويشترط دفع المبلغ في نفس اليوم قبل ضياع الصفقة.

وأثناء وجودها في المختبر وثقت قيام مالكه الذي يحتفظ موقع "العربي الجديد" باسمه، بإقناع زبون كاميروني يقيم في المغرب بشراء 50 علبة كمامات جراحية لكنها مفتوحة وممزقة، زاعماً أن العلب تضررت بسبب وضع كراتين ثقيلة فوقها، لكن الكمامات سليمة.


تجار الأزمات


قدّم مالك المختبر لمعدة التحقيق عرضين لتأمين الكمامات الجراحية، يتمثل الأول بشراء 8000 كمامة طبية متوفرة لدى تاجر بمدينة الدار البيضاء، شريطة دفع المبلغ في نفس الساعة، أو انتظار يوم واحد للحصول على 25 ألف كمامة جراحية متواجدة بمدينة أغادير جنوب غرب المغرب، بسعر 250 درهماً (26.18 دولاراً) للعلبة المكونة من 50 قطعة، مؤكداً أنها كمامات جراحية صينية المنشأ وعالية الجودة، وجرى استيرادها من أوروبا، دون أن يكشف عن اسم البلد المُصدّر، وتاريخ دخولها إلى المغرب.

وينفي مالك المختبر أنه يستغل أزمة انتشار كورونا لرفع أسعار الكمامات، قائلاً: "أشتري من الدار البيضاء علباً مكونة من 50 قطعة بـ 245 درهماً بسعر الجملة، أي ما يعادل 26.08 دولاراً، وأعيد بيعها بـ 250 درهماً، ولا تتعدى نسبة أرباحي 5 دراهم (0.51 دولار)، بينما يحيل الاتهام إلى سماسرة يتحكمون في السوق المغربي، وهؤلاء يعرضون ما يزيد على 100 ألف كمامة للبيع، ويرفضون بيع كميات قليلة.

وتتسبب الكمامات المعرضة للهواء والرطوبة بإصابة مستعمليها بأمراض الحساسية ومشاكل في القصبات الهوائية، كما يؤكد عبد العزيز عيشان، أستاذ سابق في كلية الطب بمدينة الدار البيضاء، وأخصائي في أمراض الجهاز التنفسي وأمراض الحساسية، وبحسب الاختصاصي عيشان فإن هذه الكمامات غير الصحية، قد تتحول إلى منتج ناقل للجراثيم والفيروسات بدل توفير الحماية عند استعمالها، مضيفاً أن الكمامات لا تتجاوز مدة صلاحيتها 3 سنوات، لذا ينصح باستخدام كمامات مخزنة في أماكن بعيدة عن الرطوبة والغبار، والتخلص منها بعد الاستعمال في أماكن مخصصة.

ويمكن وصف ما يجري عبر فيسبوك، من تجارة الكمامات والمعقمات بـ"السوق الموازية" التي تكبر يوما بعد يوم، إذ رصدت معدة التحقيق 44 إعلاناً منشوراً خلال الفترة المحصورة بين 5 و15 مارس/آذار 2020 تعرض كمامات جراحية للبيع، بأسعار تتراوح بين 175 درهماً إلى 250 درهماً للعلبة الواحدة المكونة من 50 قطعة، بالإضافة إلى الأقنعة التنفسية FFP1 وFFP2 وFFP3 والتي تباع بالقطعة، بسعر يتراوح بين 25 درهماً (2.75 دولار) إلى 70 درهماً (7.19 دولارات).

وتواصلت معدة التحقيق مع 10 معلنين، ومنهم مصطفى، كما أعلن عن نفسه، وتظاهرت أنها تبحث عن كمامات طبية وسألته في رسالة خاصة عن سعر الكمامة، فتلقت رداً سريعاً بأنه يبيع الكمامة الطبية الجراحية بـ 200 درهم (20.94 دولاراً) للعلبة المكونة من 50 قطعة، لكنه رفض فكرة منحها فاتورة شراء، موضحاً أنه يشتري البضاعة ويعيد بيعها.




نقص الكمامات في الصيدليات

ارتفع سعر علبة الكمامات الجراحية المكونة من 50 قطعة في الصيدليات إلى 500 درهم (52.73 دولاراً)، في حين كان سعرها لا يتجاوز 33 درهماً (3.48 دولارات) سابقاً، كما يقول رئيس كونفدرالية نقابات صيادلة المغرب لـ"العربي الجديد"، مشيراً إلى أنه حالياً يشتري الكمامات هذه من شركة للمستلزمات الطبية بالقطعة بسعر 8 دراهم (0.82 دولار)، ليبيعها بـ 10 دراهم (1.04 دولار).

وترفض المديوني الاتهامات الموجهة لشركات المستلزمات الطبية بالتلاعب في الأسعار، وترجع السبب في نفاذ الكمامات الطبية إلى قلة العرض وارتفاع الطلب، ومنع تصدير الكمامات في العديد من الدول وعلى رأسها الصين، باعتبارها المصدر الأول للمغرب، قائلة لـ"العربي الجديد": "سماسرة مجهولون يتسببون في المضاربة بالأسعار".

انتشار الأنواع مجهولة المصدر

يعرض تاجر إعلاناً على مجموعة مفتوحة للعموم على موقع فيسبوك تحمل اسم (بيع وشري على الفيسبوك) عن كمامات جراحية معبأة داخل أكياس بلاستيكية شفافة، إذ يحتوي كل كيس على 25 قطعة، بسعر 170 درهماً (17.80 دولاراً)، وكما يقول البائع لمعدة التحقيق لدى تواصلها معه، إنه يتاجر في كل شيء حسب المطلوب في السوق المغربي.

الكمامات ذات المصدر المجهول التي ُيروج لها على فيسبوك، وجدتها معدة التحقيق متوفرة لدى المختبر الطبي في مدينة الدار البيضاء، فمدير المختبر عرض على الزبون الكاميروني شراء كمامات جراحية معبأة داخل أكياس بلاستيكية، مؤكداً له أنها ذات الكمامات المتواجدة داخل العلب الكرتونية والتي تحمل علامة تجارية صينية، لكن الزبون أصر على شراء 6 آلاف كمامة مخزنة في علبها، فلجأ صاحب المختبر إلى الاستعانة بأحد الموزعين لاستكمال عدد الكمامات التي طلبها الزبون، ليتم عملية البيع والشراء التي وثقتها معدة التحقيق خلال زيارتها للمختبر.



ويؤكد أنور يديني أن الجمعية رصدت كمامات مجهولة المصدر، وغير مسجلة لدى وزارة الصحة المغربية، في حين تنص المادة 52 من مدونة الأدوية والصيدلة رقم 17.04 الصادر في 22 نوفمبر/تشرين الثاني عام 2006، على "أن تكون المنتجات الصيدلية غير الدوائية المعرفة في المادة 4 موضوع تسجيل لدى الإدارة قبل عرضها في السوق، وتحدد كيفيات التسجيل ومدة صلاحيته بنص تنظيمي".

وتقضي المادة 53 من المدونة بأن "يتم تسجيل المنتجات الطبية غير الدوائية عندما يثبت الصانع أو المستورد: 1-أنه تم التحقق من عدم ضرر المنتوج في حالة استعماله في ظروف عادية وأن المنتوج خضع لتحليل نوعي وكمي. 2-توجد فعلاً طريقة للصنع وإجراءات مراقبة من شأنها ضمان جودة المنتوج في مرحلة الإنتاج الصناعي. ويمكن للإدارة أن ترفض التسجيل في حالة عدم استيفاء الشروط المنصوص عليها، كما يمكن أن توقفه أو تلغيه إذا  أصبحت الشروط غير متوفرة".




ويعرض 60 إعلاناً على الفيسبوك أنواعاً مختلفة من المعقمات بعضها مجهول المصدر، وطلب أحد المعلنين الذين تواصلت معهم معدة التحقيق 65 درهماً (6.63 دولارات) ثمناً للعبوة من حجم 250 مل، موضحاً أنه يحتفظ بـ 150 عبوة من المعقم الكحولي (Spray Antiseptique) ويريد بيعها بالسعر المطلوب دون أي فواتير. وفي ظلّ شحَ المعقمات اضطرت إحدى الصيدليات بحي المستشفيات في مدينة الدار البيضاء إلى تحضير سائل معقم ذاتياً، بسبب الطلب الهائل عليه نتيجة تفشي فيروس كورونا، وبحسب مساعد الصيدلانية الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، فإن السائل المعقم يتكون من كريم مرطب ونسبة من الكحول، ويبيع العبوة من حجم 120 مل بسعر 60 درهماً (6.12 دولارات)، وخاصة للبنوك والشركات التي تحتاج للتعقيم بشكل مستمر، كما يقول.

ذات صلة

الصورة
123

مجتمع

لم يستطع المغربي الزاهر مراد، المكوث في مدينة الدار البيضاء، عقب الزلزال الذي ضرب قرى جبال الأطلس، مساء الجمعة 8 سبتمبر/أيلول الماضي، وتوجه مسرعاً إلى المناطق المتضررة للمساعدة في نجدة المنكوبين.
الصورة
نهائي الأبطال سيشهد حضور عدد كبير من الجماهير (العربي الجديد/Getty)

رياضة

تشهد مباراة الوداد الرياضي المغربي وضيفه الأهلي المصري، في إياب نهائي دوري أبطال أفريقيا، الأحد، حضوراً جماهيرياً حاشداً في ملعب محمد الخامس بالدار البيضاء، حيث لا تكاد تجد مقعداً شاغراً بالنظر للإقبال الكبير الذي عرفته عملية بيع التذاكر.

الصورة
أطلال "قصر البحر" في آسفي المغربية 2 (العربي الجديد)

مجتمع

يُواجه "قصر البحر" في مدينة آسفي المغربية، المطلة على ساحل المحيط الأطلسي، وضعاً سيئاً يُخشى معه انهياره وطمس معالمه، في ظل ما طاوله من إهمال لسنوات طوال
الصورة

منوعات

أُلغي المهرجان الذي كان سيخصص للبيرة وكانت الأشغال ماضية على قدم وساق لتنظيمه خلال أكتوبر/تشرين الأول المقبل.