"فن الصفقة"... خلاصة أفكار ترامب في "البزنس الرئاسي"

"فن الصفقة"... خلاصة أفكار ترامب في "البزنس الرئاسي"

22 اغسطس 2017
يدير ترامب السياسة الخارجية بمفهوم اقتصادي (Getty)
+ الخط -
في عام 1987 نشر رجل الأعمال الأميركي دونالد ترامب والذي أصبح في ما بعد الرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة الأميركية، كتابه "فن الصفقة" (Trump: The Art of the Deal) بالتعاون مع الصحافي توني شوارتز، مستعرضاً بين صفحاته أفكاره وفلسفته في إدارة أعماله وعقد صفقاته الضخمة التي جعلته واحداً من أكبر رجال الأعمال والأثرياء في الولايات المتحدة والعالم.

حصل الكتاب على المركز الأول والأكثر مبيعاً في قائمة نيويورك تايمز لأكثر الكتب مبيعاً في عام صدوره، وظهر لعدة أعوام ضمن قوائم الكتب الأكثر مبيعاً، ويعتبر ترامب هذا الكتاب "واحداً من أعظم إنجازاته" كما يعتبره "كتابه المفضل الثاني بعد الكتاب المقدس".

وعقب نجاح ترامب في الوصول إلى رئاسة أميركا في 20 يناير/كانون الثاني من العام الجاري، بدأ الحديث في الأوساط السياسية والبحثية عن إرهاصات ومؤشرات استنساخ   ترامب لطريقته في إدارة أعماله التجارية والاقتصادية ونقلها إلى عالم السياسة، تزامنا مع حدوث قفزة كبيرة في مبيعات كتبه، خاصة "فن الصفقة" والذي قفز من المركز 1107 في قائمة أفضل الكتب مبيعا على موقع أمازون إلى المركز 24، ويؤكد محللون أن الاقتصاد يلعب دورا كبيرا في القرارات والمشروعات السياسية لترامب، والذي يدير البيت الأبيض مثلما يدير شركاته الخاصة، إذ استعان بزوج ابنته جاريد كوشنر وابنته إيفانكا لتولي العديد من الملفات داخل وخارج الولايات المتحدة، كما يصحبانه في زياراته الخارجية، وكان مشهد جلوس إيفانكا في مقعد والدها أثناء قمة العشرين أمرا غير مسبوق بالنسبة للجمهور الأميركي ما أثار انتقادات واسعة، في الوقت الذي تبدو فيه طريقة إدارة السياسة الأميركية من منظور الصفقة في اختياره لعدد من مسؤولي إدارته من ذوي الخلفيات في عالم الاقتصاد وإدارة الأعمال، من بينهم ويلبر روس وزير التجارة الأميركي، ورجل الأعمال الشهير بلقب "ملك الإفلاس" ووزير خارجيته ريكس تيلرسون الذي كان رئيساً لشركة إكسون موبيل العملاقة.

ببساطة يمكن وصف الرئيس الأميركي بـ"رجل أعمال" يتعامل مع السياسة باعتبارها "بزنس" وبالتالي فإن سياسته الداخلية والخارجية ستكون عبارة عن "صفقات" قصيرة المدى تخضع كل منها للتقييم بشكل منفرد، وفقاً لحسابات المكسب والخسارة من منظور ترامب "رجل الأعمال" من دون أن تتمتع أي دولة بمكانة خاصة إلا بمقدار ما تقدمه في هذه الصفقات، وفق ما جاء في تحليل نشره مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة في مارس/آذار الماضي، بعنوان مبدأ ترامب: "إدارة أعمال" العلاقات الدولية في مرحلة 2017-2021.


صفقة القرن

يبدو مفهوم "الصفقة" لدى ترامب في إدارة ملفات السياسة الخارجية، عبر ما وصفه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بـ"صفقة القرن" أثناء حديثه عن التوصل إلى تسوية للقضية الفلسطينية، خلال لقائه مع الرئيس الأميركي في إبريل/نيسان الماضي.

ويؤكد محللون أن ما يوصف بـ"صفقة غامضة" هي تسوية سياسية لم تعرف بعد ملامحها الكاملة، وإن كان مراقبون يتحدثون عن أنها تشمل إسرائيل والسلطة الفلسطينية والأردن ومصر، إذ أعلن عضو حزب الليكود أيوب قرا أنه أثار مع نتنياهو مقترح دولة فلسطينية في سيناء وفق "خطة السيسي" للسلام الشامل مع دول "الائتلاف السني" حسب وصفه في فبراير/شباط 2017؛ لافتا إلى أن نتنياهو سيعرض المقترح على الرئيس الأميركي دونالد ترامب

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو قد كشف عن لقاء سري عقد في مدينة العقبة الأردنية في فبراير/شباط عام 2016، جمعه بوزير الخارجية الأميركي جون كيري وعبد الفتاح السيسي وملك الأردن، كما أثير الحديث عن أن هذه الصفقة تتضمن إقامة دولة فلسطينية في جزء من سيناء، وتعهد رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية بالتصدي لصفقة القرن في خطابه الأول الذي ألقاه بعد توليه منصبه الجديد، دون أن يكشف هو الآخر مزيدا من التفاصيل عن ملامح تلك الصفقة، ومن المفارقات الجديرة بالملاحظة أن ترامب –راعي صفقة القرن الجديدة- قد اتهم صراحة حركة حماس بأنها تنظيم إرهابي في خطابه الذي ألقاه في قمة الرياض.

الصفقة الأميركية - السعودية

تعد الأزمة الخليجية الأخيرة أحد تجليات محاولات ترامب لفرض أسلوبه في عقد الصفقات على عالم السياسة، وهو ما يبدو في الاستفادة من كل أطراف الأزمة وضرب بعضها ببعض كما قالت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي، في يونيو/حزيران الماضي خلال جلسة استماع أمام لجنة العلاقات الخارجية في الكونغرس الأميركي ، إن الإدارة الأميركية وجدت في الأزمة الخليجية "فرصة لضرب السعودية وقطر معاً".

ويربط محللون بين الأزمة الخليجية وما يوصف على أنه "صفقة تاريخية وضخمة" أبرمها ترامب مع المملكة العربية السعودية، تقضي بالاتفاق بين الطرفين على عقود تسليح هائلة، واستثمارات سعودية مباشرة في البنية التحتية الأميركية، وقد بلغت قيمة تلك الصفقة 460 مليار دولار، بشر بها ترامب نفسه على حسابه في موقع تويتر، واعداً الأميركيين بـ"وظائف وظائف وظائف".

ولم تخل تلك الصفقة الضخمة من حديث عن ثمن سياسي لها، سواء في الحديث عن رغبة المملكة في تفادي دفع تعويضات لعائلات ضحايا الحادي عشر من سبتمبر وفقا لقانون "جاستا" عبر التأثير على الرئيس الأميركي ودفعه إلى تعطيل القانون، أو تمهيد الطريق أمام محمد بن سلمان لتولي عرش المملكة بعد والده الملك سلمان بن عبد العزيز.

إلا أن تفجر الأزمة الخليجية في الخامس من يونيو/حزيران الماضي، يكشف عما يمكن وصفه بـ"البند الخفي" في تلك الصفقة عبر إعطاء الضوء الأخضر للمملكة العربية السعودية وتابعيها من أجل حصار قطر وعزلها مقابل صمت ترامب أو مباركته لتلك الخطوة أو الخطوات التي كان من المخطط القيام بها، واتضح ذلك من الدعم الكبير الذي قدمه ترامب لدول الحصار، سواء عبر تغريداته على تويتر أو تصريحاته التي أدلى بها وشكر السعودية على تفعيلها نتائج قمة الرياض الأميركية الإسلامية التي عقدت قبل أيام فقط من الحصار، والتي شارك فيها أمير قطر دون أن يتحدث أحد عن أن قطر تدعم الإرهاب المزعوم، بل إن ترامب نفسه تحدث عن قطر بصفة خاصة في خطابه أمام القمة موجها لها الشكر باعتبارها شريكا استراتيجيا للولايات المتحدة في مكافحة الإرهاب!

واستهدفت دول الحصار قطر بحزمة من الإجراءات التي كانت لها أهداف اقتصادية في المقام الأول والإضرار بالاقتصاد القطري بأكبر صورة ممكنة، وكان إغلاق الأجواء أمام الطائرات القطرية على سبيل المثال يهدف إلى الإضرار بشركة الخطوط الجوية القطرية التي نجحت في تحقيق نمو كبير جعلها تحصل على المركز الأول في قائمة أفضل شركات الطيران على مستوى العالم لسنوات عديدة، كما شملت الإجراءات حظر بيع أجهزة قناة "بي إن سبورت" القطرية لحرمان الأخيرة من أسواق دول الحصار التي تمثل جزءاً هاماً من إيراداتها، كما تحدثت دول الحصار عن اعتزامها الضغط على شركائها التجاريين للاختيار بينهم وبين دولة قطر، في سياق الحديث عن الإجراءات التصعيدية المتوقعة في حالة رفض قطر الامتثال لشروطهم، ولم يغب في هذا السياق الحديث عن المنافسة القطرية الإماراتية، خاصة في مجالات اقتصادية عديدة، ورغبة الإمارات المحمومة في إزاحة قطر عن منافستها، وأن الأزمة لها دوافع اقتصادية في المقام الأول.


تجليات "فن الصفقة" في الأزمة الخليجية

بدا التعامل القطري مع الأزمة مستوعبا للدوافع التي انطلقت منها، والصفقة الحقيقية التي كانت وراء الحصار، إذ تحركت دولة قطر سريعا لاحتواء تداعيات الحصار، عبر صفقات ضخمة ومتنوعة لتحقيق جملة من الأهداف يمكن تلخيصها بما يلي:

صفقات اقتصادية

تعد الصفقات الاقتصادية القطرية بمثابة الرد الأول على الأزمة الخليجية، إذ هدفت إلى كسر الحصار الاقتصادي الذي فرض على قطر، خاصة مع إغلاق الحدود البرية مع السعودية التي كانت تعتمد عليها قطر في الحصول على العديد من السلع والبضائع، وبالفعل سارعت قطر إلى البحث عن شركاء تجاريين، ووقعت العديد من العقود والصفقات مع سلطنة عمان وتركيا وإيران لاستيراد البضائع والسلع، وتم تنظيم العديد من اللقاءات برعاية رسمية بين رجال الأعمال القطريين من جهة، ونظرائهم العمانيين والأتراك، وهو ما بدا في ارتفاع الصادرات التركية إلى قطر بنسبة 51.5% خلال يونيو/حزيران الماضي مقارنة مع مايو/أيار الماضي، وأعرب وزير الاقتصاد التركي عن رغبة بلاده في توسيع التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين وتطويره حتى يصل إلى مرحلة بدء الإنتاج في تركيا وإتمامه في قطر. ما سيمكن من تلبية كل الاحتياجات اليومية، كما أعربت غرفة تجارة وصناعة قطر عن رغبتها في رفع حجم التباري التجاري مع تركيا، نظرا لموقفها الداعم لقطر في أزمتها مع دول الحصار.

وتوجهت وفود من رجال الأعمال القطريين إلى سلطنة عمان، كان أبرزها وفد من 140 رجل أعمال توجه إلى السلطنة بهدف "تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين الخليجيين، وزيادة التبادل التجاري، إضافة إلى بحث الفرص الاستثمارية المتاحة وإقامة مشروعات مشتركة بين البلدين، وإيجاد بدائل أمام التجار القطريين لرفد السوق المحلي بما يحتاجه من السلع على اختلاف أنواعها".

أما الخطوة الكبرى في هذا الملف فكانت الإعلان عن تطوير حقل الشمال لإنتاج الغاز، أكبر حقل غاز في العالم، الأمر الذي سيثير شهية كبرى شركات الطاقة العملاقة في العالم للحصول على صفقات واتفاقات مع قطر، وهو ما أكدته وكالة رويترز التي قالت إن عمالقة الطاقة في العالم يخطبون ود قطر للحصول على حصة في زيادة الإنتاج الجديدة.


صفقات عسكرية

استهدفت دولة قطر ترسيخ دعم المؤسسات الأميركية الرئيسية (الدفاع والخارجية) لها، ونجحت في ذلك عبر العديد من الإجراءات، كان أبرزها عقد "صفقة" لشراء 36 مقاتلة أميركية بقيمة 12 مليار دولار، يمكن أن تزيد إلى 72 مقاتلة بقيمة إجمالية 21.1 مليار دولار، وكان لافتا تأكيد وزير الدولة القطري لشؤون الدفاع خالد العطية أن الصفقة الجديدة ستوفر 60 ألف فرصة عمل في 42 ولاية أميركية، في رد ملائم لمنظور ترامب في عقد الصفقات وإدارة السياسة الخارجية وفقا لمبدأ المنفعة الاقتصادية قصيرة المدى، إذ تدرك قطر أهمية استغلال تلك الصفقة لتأكيد دعم المؤسسات الأميركية الرئيسية لها.

ولم يكن مقنعاً بالمرة حديث محللي دول الحصار، عن أن قطر رضخت و"دفعت الجزية"، إذ أن المبلغ المدفوع في الصفقة لا يقارن بأي حال من الأحوال بما حصل عليه ترامب من المملكة العربية السعودية، فلا يوجد شك في أن 460 مليار دولار أكثر فائدة من 12 أو 21 مليار دولار، لكن الاستثمار السياسي اعتماداً على تلك الصفقة كان هو الأهم. واعتبرت الدوحة أن الصفقة تظهر دعم واشنطن لها، إذ قال مسؤول قطري لرويترز إن شراء المقاتلات "دليل على أن المؤسسات الأميركية معنا ونحن لم نشك في ذلك قط، ودعم أميركا لقطر متأصل ولا يتأثر بسهولة بالتغيرات السياسية". وأكدت وزارة الدفاع الأميركية بالفعل عدة مرات على أهمية التعاون العسكري مع قطر ودور الأخيرة في محاربة الإرهاب، كما لفتت إلى أهمية قاعدة العديد العسكرية في قطر ودورها المهم بالنسبة للولايات المتحدة.

وفي ذات السياق وقعت دولة قطر عقدا مع إيطاليا لشراء 7 قطع بحرية بقيمة 5 مليارات يورو، بهدف تطوير قواتها البحرية، وخلال المؤتمر الصحافي المشترك الذي عقد بين وزير الخارجية القطري ونظيره الإيطالي، دعا الأخير إلى ضرورة حل الأزمة الخليجية بالطرق الدبلوماسية قائلا "لا نريد أن نرى أي تصعيد في الخليج العربي وندعم الحوار".

صفقة القرن "الرياضية"

لم تغب التأثيرات السياسية على الإطلاق، عن قيام نادي باريس سان جيرمان الفرنسي (المملوك لدولة قطر) بشراء اللاعب البرازيلي نيمار، وقد وصفت عملية الشراء تلك بأنها أكبر صفقة انتقال للاعب في تاريخ الرياضة، وأطلق عليها لقب "صفقة القرن" الرياضية بعد أن بلغت قيمتها الإجمالية  528 مليون يورو، ووصلت أصداء الصفقة إلى الرئيس الفرنسي نفسه، الذي هنأ ناصر الخليفي رئيس نادي سان جيرمان شخصيا بالصفقة الجديدة. ونقل موقع "فرانس 24" عن خبراء تأكيدهم أن الدوحة تحاول عبر هذه "الصفقة" إبراز قوتها الناعمة وإرسال رسالة تحدّ لخصومها من دول الحصار.

واعتبر "سايمون كوبر" الصحافي بـ"فايننتشال تايمز" أن صفقة نيمار هي "هدية قطر لباريس"، حتى إن صحيفة "تليغراف" البريطانية نشرت رسما كاريكاتوريا يلخص رؤيتها للصراع بين قطر ودول الحصار، يبدو فيه نيمار وكأنه أحد أسلحة قطر الناعمة لمواجهة خصومها، فيما تبدو في الرسم أسلحة أخرى، مثل ملاعب كأس العالم، فيما تبدو أسلحة دول الحصار مقتصرة على التلويح باستخدام القوة الخشنة من دبابات وطائرات، وتسييس الحج.

هذه الدوافع السياسية للصفقة لم تغب أيضا عن دول الحصار، التي هاجمت الصفقة بشراسة، ووصفتها بـ"المشبوهة" وبأنها انتهاك لقواعد اللعب النظيف وأخلاقيات اللعبة. وتساءلت قناة العربية عن جدوى دفع مبلغ الصفقة الضخم في حين تحتاج البلاد إلى ما هو أهم، رغم أنها لم تتساءل قبل ذلك عن دفع 460 مليار دولار للرئيس الأميركي في شراء أسلحة وتوفير وظائف للأميركيين، في الوقت الذي يعاني فيه شباب سعوديون من البطالة.


الاستثمارات

الترحيب الفرنسي بصفقة انتقال نيمار لنادٍ فرنسي مملوك لقطر، يشير إلى الموقف المتوازن الذي اتخذته فرنسا من الأزمة الخليجية، وهو موقف اتبعته معظم الدول الأوروبية الكبرى، مثل بريطانيا وألمانيا، التي دعمت قطر صراحة ورفضت قائمة المطالب الموجهة للأخيرة ووصفتها بأنها "استفزازية جداً"، وبالطبع فإن هذه المواقف لم يغب وراءها الدافع الاقتصادي، إذ إن قطر تعتبر من أكبر المستثمرين في فرنسا وألمانيا وبريطانيا، وتشمل استثماراتها تملك المئات من العقارات والفنادق وامتلاك أسهم في بنوك وشركات ومطارات في تلك الدول، وهو ما قامت قطر باستغلاله جيدا بإبراز رغبتها في استمرار تلك الاستثمارات وتطويرها في المستقبل.

ولم تغب الولايات المتحدة كذلك عن التوجهات الاستثمارية القطرية، وبالإضافة إلى الصفقات العسكرية، يخطط جهاز قطر للاستثمار للبحث عن صفقات في السوق الأميركي، وقالت وكالة "بلومبيرغ" الأميركية إن ذلك يعد رسالة من الدوحة بأن قدرتها لم تتأثر على إبرام الصفقات العالمية، وقد شملت تلك الفرص محاولة الخطوط الجوية القطرية شراء 10% من أسهم الخطوط الجوية الأميركية، ورغم أن الصفقة لم تكلل بالنجاح في النهاية، إلا أن البحث عن الصفقات في السوق الأميركي ما زال جاريا، وقد توجه الرئيس التنفيذي لجهاز قطر للاستثمار بنفسه إلى الولايات المتحدة لبحث خطة الجهاز الاستثمارية فيها، وعقد لقاءات مع رئيس الغرفة التجارية الأميركية، وممثلي الشركات الأميركية الكبرى العاملة في قطر. وكانت الدوحة قد أعلنت قبل الأزمة عن اعتزامها استثمار 30 مليار دولار في أحد المشاريع التي يرعاها ترامب، وهو تطوير البنية التحتية في الولايات المتحدة.

صفقة الأزمة الخليجية.. فاشلة أم ناجحة؟

بعد فشل دول الحصار في تحقيق أي من أهدافها السياسية أو الاقتصادية في المرحلة الأولى من الأزمة الخليجية، بدا واضحاً تراجع دعم الرئيس الأميركي للدول الأربع، واختفت تغريداته المؤيدة لإجراءات دول الحصار، مع ظهور تحديات أخرى أمام الولايات المتحدة أكثر أهمية، مثل الأزمة مع كوريا الشمالية التي تفاقمت نتيجة تجاربها الصاروخية، وتدهور العلاقات مع روسيا بعد قيام مجلس الشيوخ الأميركي بفرض عقوبات جديدة عليها، والتحقيقات الداخلية حول تورط روسيا في الانتخابات الرئاسية الأميركية التي جاءت بترامب رئيساً، ليقوم الأخير في النهاية بتفويض وزير خارجيته ريكس تيلرسون بإدارة الأزمة والتعامل معها، في وقت دخلت فيه الأزمة مرحلة من الجمود، لكن وإن كان البند الخاص بقطر في صفقة ترامب مع دول الحصار قد فشل، إلا أن بند توريث الحكم إلى محمد بن سلمان يبدو أنه قد نجح في أن يؤتي ثماره، لتظل الأزمة الخليجية مفتوحة على احتمالات متعددة.