التئام شمل عائلات خليجية... الكويت تجمع ما فرّقه الحصار

التئام شمل عائلات خليجية... الكويت تجمع ما فرّقه الحصار

04 ديسمبر 2017
الديوانيات والمجالس في الكويت جمعت العائلات الخليجية (Getty)
+ الخط -


يجلس المواطن الكويتي أحمد بن بندر الخالدي في انتظار وصول فناجين القهوة والشاي ومستلزمات الضيافة التي يكرم بها أبناء عمومته القادمين من البحرين والسعودية وقطر لدى زيارتهم له في بيته، إذ يجتمع أبناء عمومته من دول الأزمة الخليجية في بيته بعد أن فرّق حصار السعودية والإمارات والبحرين لقطر شمل الأسر الخليجية المترابطة، وقطع أرحام العائلات متعددة الجنسيات، والتي تقدمت 1750 عائلة منها بشكوى إلى منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية بعد أن تضررت بفعل الحصار وقطع العلاقات بين دول الخليج، كما قالت المنظمة في بيان أصدرته في يونيو/حزيران الماضي.

وأثّرت معاناة الأسر الخليجية جراء الحصار على النسيج الاجتماعي المشترك الذي يربط القبائل العربية التي تعيش على ساحل الخليج، والتي اعتادت أن تتنقل بين المناطق والبوادي المختلفة حتى قيام الدول الحديثة، وترسيم الحدود الذي أجبرها على الانفصال بعد أن فضل كل جزء منها الانضمام لدولة معينة فيما فضل بعضهم الجمع بين جنسيتين بحسب أستاذ التاريخ في جامعة الكويت محمد العنزي، والذي قال لـ"العربي الجديد": إن وجود القبيلة سبق وجود الدولة الحديثة في الخليج وهو ما يفسر تنوع جنسيات أبناء القبيلة الواحدة إذ تجد أن ابن القبيلة نفسها قد يكون قطرياً وابن عمه كويتياً وابن عمه الثالث سعودياً وهكذا، وهو أمر طبيعي في المناطق المتداخلة، ما يجعل من قطع العلاقات بين تلك الدول وإغلاق الحدود مشكلة كبيرة يعاني آثارها أهل تلك الدول، من بينهم المواطن القطري محمد، والذي رفض الكشف عن اسم قبيلته، لكونه متزوجاً من ابنة خالته السعودية التي يعيش أهلها في مدينة الأحساء شرقي المملكة العربية السعودية.

ولم تستطع زوجة محمد زيارة أهلها في الإحساء منذ أن تم فرض الحصار إذ أغلقت السعودية حدودها البرية ومنعت الطيران القطري من الهبوط في مطاراتها وحظرت على مواطنيها السفر إلى قطر، ما جعل الزوجة السعودية خائفة من زيارة عائلتها الكبيرة، إذ ربما تمنعها السلطات من العودة إلى عائلتها الصغيرة وزوجها في الدوحة، كما قال محمد لـ"العربي الجديد" بألم مضيفا: "اجتمعت زوجتي بأهلها في الكويت في العيد ونحاول لمّ شمل العائلة كلما تيسر الأمر، أتفاوض مع والد زوجتي إذا ما كنا سنلتقي في الكويت أو في عُمان".

ويتوافد العشرات من الزوار القطريين إلى الكويت أسبوعياً للقاء عائلاتهم الموجودة في الإمارات والبحرين والسعودية، بحسب تأكيد أحمد السيد أحمد، العامل في فندق الجميرا الواقع على ساحل الخليج العربي في الكويت الذي يحجز الزوار فيه بشكل أسبوعي شققاً لعائلاتهم الكبيرة التي تقطعت أوصالها بعد الحصار.


معاناة نفسية

ما يحدث للعائلات التي مزقها حصار قطر خلق ضغوطاً نفسية على جميع العائلات الممزقة، والتي عانى بعض أفرادها من توتر واكتئاب، خصوصاً أن بعض الحالات توفي أحد أقاربها أو مرض مرضا شديدا ولم تستطع زيارته أو الوقوف إلى جانبه، كما يقول الطبيب النفسي وأستاذ علم النفس في جامعة الكويت عدنان الشطي لـ"العربي الجديد"، وهو ما يؤكده أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت فيصل المطيري في إفادته لـ"العربي الجديد"، مشيرا إلى أن الأزمة في أحد صورها لفتت إلى أن الدولة الحديثة لم تكترث لفكرة العائلة، بينما اهتمت لفكرة حشد القبيلة، وهو ما ستكون له "آثار طويلة المدى إذا ما استمرت الأزمة" كما يقول.

ويتفق المواطن القطري محمد الهاجري مع الخبيرين الشطي والمطيري في أن الأزمة أثرت على العائلة الوحدة الأصغر في المجتمع في ظل محاولات جرت للتأثير والتفرقة بين أبناء القبيلة الواحدة، وهو ما يعد تخلفا عن منطق الدولة الحديثة، والعودة إلى عصر العصبية القبلية، متسائلا: لماذا تفعل دول الحصار بنا كل هذا؟ لماذا تزج بأطفال أبرياء يريدون رؤية جداتهم في حصار طويل وغاشم؟".

ويلتقي الهاجري بأبناء عمومته السعوديين الذين يعملون في مناصب حساسة في أحد مجالس أقربائه الكويتيين في منطقة هدية جنوبي الكويت، قائلا "ما زلنا مذهولين، ولم نتوقع يوماً أن تصل الأمور إلى أن نحرم من زيارة أبناء عمومتنا، أو أن يحرم أبناؤنا من لقاء أخوالهم، لأن معظم زوجاتنا سعوديات الجنسية، الحمد لله على كل حال، وشكرا لإخواننا في الكويت وعُمان على وقفتهم التي لا تنسى".