تفاقم أزمة الفراولة المصرية في أميركا.. ارتفاع أعداد المصابين

تفاقم أزمة الفراولة المصرية في أميركا.. ارتفاع أعداد المصابين

29 اغسطس 2016
عزوف المستهلكين عن محال تروبكال سموثي في أميركا(العربي الجديد)
+ الخط -
في منتصف يوليو/تموز الماضي، خرج مهندس الكمبيوتر الأميركي كونستن رابيتز وعائلته للتنزه في حي فولز تشرش، ‏القريب من واشنطن العاصمة. وهناك تناول رابيتز في محل "تروبيكال سموثي كافيه"، الليمون المخلوط بفراولة مستوردة من مصر، وعقب شهر ظهرت عليه أعراض الهزال واصفرار العين والجلد بالإضافة إلى الحمى وآلام المعدة.

عقب زيارته إلى طبيبته المتخصصة في أمراض الجهاز الهضمي سوزان روبرتس، اشتبهت علي الفور في إصابته بالتهاب الكبد، وعقب إجرائها فحوصات مخبرية تبين إصابة كونستن بفيروس التهاب الكبد الوبائي من نوع A.

تقول الطبيبة سوزان لـ"العربي الجديد"، هذا الفيروس غير مستوطن في أميركا، ويمكن أن ينتقل بالعدوى عن طريق الأغذية والمشروبات ‏الملوثة، كما أن الإصابة به ليست مزمنة، ويمكن تعافي المصابين بأدوية بسيطة، غير أن عدم تحديد مصدر الفيروس، دفع الطبيبة الأميركية، إلى إبلاغ وزارة الصحة والمركز الأميركي للوقاية من الأمراض (Center for disease control - CDC) بالأمر.


40 إصابة بالتهاب الكبد الوبائي

لم يكن بلاغ الطبيبة سوزان روبرتس، بإصابة مريضها بفيروس مجهول المصدر، الأول من نوعه، إذ تلقت وزارة الصحة والمركز الأميركي للوقاية من الأمراض 40 بلاغاً لمصابين بفيروس التهاب الكبد الوبائي A حتى اللحظة من بينهم أحد عمال "تروبيكال سموثي"، وما يجمعهم هو كون الإصابة تمت بسبب فاكهة الفراولة المستوردة من مصر، والتي تباع في محلات "تروبيكال سموثي كافيه" المنتشرة في أرجاء أميركا (لديها 500 فرع في الولايات المتحدة)، كما توضح دايان والارد ‏المتحدثة الإعلامية باسم وزارة الصحة في ولاية فيرجينيا، في تصريحات خاصة لـ"العربي الجديد".

تؤكد والارد أن "الإصابات تنوعت في شتى أرجاء الولاية، وأنها كانت بسبب الفراولة المستوردة من مصر خلال الشهرين الماضيين، وهو ما تفسره ماريان هنتر منسقة العلاقات العامة في وزارة الصحة بولاية فيرجينيا، بأن وزارة الصحة فحصت مخزون الفراولة المجمدة لدى محلات "تروبيكال سموثي كافيه"، وتبين تلوثها بفيروس التهاب الكبد الوبائي A، بينما كشف المركز الأميركي للوقاية من الأمراض أن الاختبار الجيني للحالات المصابة بالالتهاب الكبدي الوبائي A  أكد أن سلالة الفيروس الذي أصاب المرضى في ولاية فيرجينيا، تتطابق جينياً مع نفس السلالة الموجودة في الفراولة المستوردة من مصر، وفقاً لتحليل وزارة الصحة الأميركية.

وتابعت "في الوقت الحاضر، تم إنهاء خطر التعرض ‏للإصابة بالفيروس، وإدارة الدواء والغذاء الفيدرالية الأميركية FDA ‏تعمل على التحقق من احتمالية دخول الفراولة الملوثة من مصر في مكونات غذائية أخرى للتخلص منها". وأكدت أن التحقيقات توسعت بمشاركة كل من هيئة الدواء والغذاء، ووزارة الزراعة والتجارة الأميركية بالإضافة إلى السفارة الأميركية في القاهرة لتحديد مصدر الوباء في مصر. وذكرت أن التحقيقات شملت الأشخاص ممن أصيبوا بالمرض حتى شهر مايو/أيار الماضي، وقد تمتد لأبعد من ذلك.

وحول ‏كيفية دخول الفراولة الملوثة إلى أميركا، أجابت دايان بأن شحنة الفراولة ليست كلها مصابة بالفيروس، ولم يتم الكشف عن الفيروس في العينات التي تم اختبارها عند فحص عينات الفراولة لدى دخولها إلى أميركا"، لافتة إلى أن تفشي مرض فيروسي في أميركا من الفواكه المستوردة يعد أمراً نادر الحدوث، وذكرت أن وزارة الصحة الأميركية طلبت من كُل من تناول مشروبات من المحل المذكور في فيرجينيا خلال الفترة من 5 إلى 8 أغسطس/آب الجاري بأن يحصل على مصل للوقاية من المرض.



عزوف المستهلكين


عقب انتشار أخبار إصابة المواطنين الأميركيين ممن تناولوا مشروبات دخلت فيها الفراولة المستوردة من مصر، أضحت محال "تروبيكال سموثي كافيه"، المنتشرة في فيرجينيا والتي زارها معد التحقيق، خاوية، غير أن التطور الأكبر هو إقامة كونستن لدعوى تعويض ضد TLC tropical Smoothie Cafe of Richmond يوم الخميس الماضي، مطالبا بتعويض قدره 100 ألف دولار أميركي، كما اشترك آخرون في دعوى جماعية ضد السلسلة التي اعتذر رئيسها التنفيذي، مايك روتوندو، عن هذا الخطأ.

وبحسب مديرة العلاقات العامة لسلسلة "تروبيكال سموثي كافيه" بيتون سيدلر، فإن السلسلة تعاونت مع وزارة الصحة، وتم التخلص طوعاً وفوراً من مخزون الفراولة المصرية لديهم في كل محالهم، على الرغم من أن الإصابات ظهرت في تلك الموجودة في ولاية فيرجينيا، كما اتخذت قراراً بعدم استخدام الفراولة المصرية مرة أخرى. وتابعت في تصريحات لـ"العربي الجديد"، "استبدلنا الفراولة المصرية بأخرى أميركية ومكسيكية".


سيناريو انتقال المرض

يفسر الدكتور حامد الفقي، ‏أستاذ التحاليل الطبية في مستشفى ريستون بفرجينيا، انتقال فيروس التهاب الكبد الوبائي A، إلى المصابين، بأنه وقع نتيجة استخدام مياه الصرف الصحي في الري أو بسبب ‏انتقال العدوى من أشخاص مصابين لمسوا الفراولة أثناء تجهيزها، ولم تنجح عملية التجميد في القضاء على الفيروس بسبب خلل تم أثناء القيام بها.

وبدأت مصر في تصدير الفراولة إلى أميركا منذ عام 2013، مع إعلان السفيرة الأميركية السابقة لدى مصر، آن باترسون، نية بلادها استيراد الفراولة من مصر، وتقدر وزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، زيادة صادرات الفراولة إلى نحو 60 %، خلال العام الجاري، وبلغت صادرات الفراولة المجمّدة إلى الولايات المتحدة الأميركية خلال الأشهر الستة الأولى من العام الجاري، نحو ثلاثة آلاف طن في مقابل خمسة آلاف طن خلال الفترة نفسها من العام الماضي، أي بتراجع 40%.

ويرى الخبير الزراعي المصري المقيم في أميركا، الدكتور محمود أمين أن طرق الري المعتمدة على مياه النيل الملوثة بالصرف الصحي والصناعي، تعد أحد أهم أسباب نشر الأمراض في مصر.

من جهته، حمّل مستشار وزير الزراعة المصري المستقيل سعيد خليل، المسؤولية للمعمل المركزي في وزارة الزراعة، قائلاً "عند تصدير أيّ منتج لأيّ دولة أجنبية، لا بدّ من اعتماد شهادة من المعمل المركزي بأنّ هذه السلع المصدّرة سواء الخضروات أو الفواكه لا تحتوي على أيّ مبيدات أو عناصر غير صحية. وبناءً على هذه الشهادة، تدخل هذه المنتجات إلى الدولة المستوردة". 

وأضاف في تصريحات صحافية أنّ دولاً أجنبية عديدة "لا تعترف بهذه الشهادة، وتجري اختبارات على هذه المنتجات في الموانئ الخاصة بها، ولا تعتمد على شهادة المعمل". وقد تفاجأ بمخالفة المنتجات للشهادة، "كما حدث في إيطاليا وروسيا اللتين أعادتا شحنات مصرية عدّة باعتبارها غير مطابقة للمواصفات".

بالمقابل نفى مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار صحة ما تردد حول إصابة الفراولة المصرية للأميركيين بالتهاب الكبد الوبائي A، وأكد المركز في بيان صحافي أنه فور انتشار هذه الأنباء، تم تشكيل لجنة لبحث هذا الأمر والتأكد من مدى صحته، وأظهرت نتائج تحاليل العينات المسحوبة من شحنات الفراولة المصرية المصدرة إلى الأسواق الأميركية أنها سليمة ومطابقة للمواصفات العالمية وخالية من أي فيروسات أو ميكروبات، كما أن الوزارة لم تتلق أي شكاوى رسمية بشأن تلك الشحنات.

لكن يبدو أن النفي المصري لم يقنع كونستن وغيره من المصابين الذين ينوون مقاضاة كل الجهات المسؤولة عن إصابتهم وتهديد صحتهم، كما يقول.