جامعات السودان.. مقتل طالبين يفجر حراكاً مجتمعياً

جامعات السودان.. مقتل طالبين يفجر حراكاً مجتمعياً

28 ابريل 2016
+ الخط -

قديما غنى الفنان السوداني الراحل مصطفى سيد أحمد (من الواسوك أبت تطلع.. من الأبرول أبت تطلع.. من الأقلام أبت تطلع.. من المدفع طلع خازوق.. خوازيق البلد زادت)، وهو ما يعني أن السودانيين انتظروا الثورة من الفلاحين الذين يستعملون الواسوك (آلة زراعية لحفر الأرض) فلم تأتي، وانتظروا الثورة من العمال الذين يرتدون الأبرول (الأفرول هو الزي المميّز للعمال)، فلم تأتي أيضا، وانتظروا الثورة من الطلاب الذين يستخدمون الأقلام فلم تأتي الثورة، وفجأة تحرك العسكر وهم من يستعملون المدافع ليطلقوا ثورة في الحقيقة هي خازوق للبلد والشعب.

ويبدو أن تعبيرات الفنان الراحل لم تكن دقيقة، فربما تعذّر على الفلاحين والعمال تفجير الثورة في السودان، لكن طلاب الجامعات كانوا دائما حاضرين في الموعد، إذ تحركت جماهير الشعب السوداني في ثورة 21 أكتوبر/ تشرين الأول 1964، تلبية لنداء طلاب جامعة الخرطوم.


ويرى مراقبون في السودان، أن تدخلات الأجهزة الأمنية المتزايدة في جامعات السودان، يمكن أن تؤدي إلى انتفاضة طلابية قد تؤدي إلى حالة من التثوير المجتمعي، خاصة في ظل الضغوط الاقتصادية المتزايدة التي يعانيها المواطن السوداني، إذ بلغ سعر الدولار في السوق السوداء، 14 جنيهاً سودانياً، بعد أن كان سعره 11 جنيهاً في مطلع العام، فيما تدور التساؤلات حول حجم وحقيقة غضب الحركة الطلابية، خاصة بعد أن قتل طالب سوداني قبل يومين، نتيجة اشتباكات اندلعت عندما واجهت قوات الأمن طلابا غاضبين تدفقوا خارج حرم جامعة أم درمان، كانوا يطالبون بالإفراج عن زملائهم الذين اعتقلوا في مظاهرات سابقة.

ويأتي مقتل الطالب محمد الصادق، الذي يدرس في المستوى الثاني بكلية الآداب في جامعة أم درمان، بعد أسبوع من مقتل طالب آخر في جامعة كردفان بمدينة الأبيض، عاصمة شمال كردفان، وسط البلاد، إثر مواجهات بين مؤيدين للحزب الحاكم وبعض طلاب المعارضة، ما أدى إلى إغلاق الجامعة لأجل غير مسمى.

كما تظاهر طلاب جامعة الإمام المهدي بسوق مدينة كوستي، ظهر أمس، ورفعوا شعارات تندد بالأحداث الأخيرة بجامعة كردفان بالأبيض، وحملوا لافتات كتب عليها (مقتل طالب مقتل أمة). وندد المتظاهرون بارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة، وانتقدوا ضعف الإنفاق على التعليم الجامعي. ووجه ناشطون سودانيون دعوات عبر موقع  التواصل الاجتماعي "فيسبوك" إلى تنظيم تظاهرة، غدا الجمعة، تحت اسم "جمعة الغضب".

وكانت قوى الإجماع الوطني (أقوى تحالف معارض) قد أصدرت بيانا عقب مقتل الطالب محمد الصادق، "يطالب جماهير الشعب السوداني بأن يبدأ الانتفاضة على نظام الرئيس عمر البشير بعد مقتل الطالب الصادق إثر فض القوات الأمنية لفعالية طلابية في جامعة أم درمان الأهلية".

يقول محمد ضياء الدين، القيادي في "قوى الإجماع الوطني"، لـ"العربي الجديد"، "التظاهرات الطلابية بدأت نتيجة قضايا مطلبية مشروعة للطلاب، خاصة مسألة الاتحادات الطلابية"، متهما طلاب الحزب الحاكم بإرهاب زملائهم في انتخابات الاتحادات الطلابية، موضحا أن "الأجهزة الأمنية تدخلت في جامعة كردفان لدعم طلاب الحزب الحاكم، ما تسبب في استشهاد طالب واعتقال العشرات وتعليق الدراسة لأجل غير مسمى، ما ينقل الشرارة إلى بقية الجامعات. وتابع ضياء الدين "الحل الأمني لن ينفع الحزب الحاكم في شيء".

لكن عمار زكريا، رئيس آلية نبذ العنف (مؤيد للحزب الحاكم)، كان قد قال لوكالة أنباء محلية إن القوى السياسية المعارضة تقوم باستغلال الطلاب لأجندتها الخاصة ومخططاتها التخريبية، مقترحا ما سمّاه بحل الزي الجامعي لمنع اندساس أي عناصر من خارج الجامعة بين الطلاب وحتى يتمكن الحرس الجامعي من تمييز الطالب الجامعي عن غيره الذي يأتي للجامعة لنشر العنف.


ويختلف مع الطرح السابق، المودودي الدو آدم، رئيس الحركة السودانية للتغيير، والذي قال لـ"العربي الجديد"، إن مظاهرات الطلاب غير حزبية وغير سياسية وغير مرتبة، وأن التنظيمات السياسية تحاول الركوب على مظاهرات الحركة الطلابية بعد أن هادنت المعارضة السياسية الحزب الحاكم وتعايشت معه. ورجح المودودي أن تقوم هذه التظاهرات بزعزعة أمن النظام، وقال إن حركته بصدد إعلان الانضمام للمظاهرات الطلابية قريباً.


ويعتقد الدكتورعصمت محمود أحمد، الأستاذ في كلية الآداب جامعة الخرطوم، أن هذه المظاهرات ما هي إلا نتيجة لسياسات التضييق على الطلاب والأساتذة التي اتبعها النظام الحاكم منذ 1989. وقال لـ"العربي الجديد"، إن الوضع في الجامعات أصبح لا يطاق، والشباب والطلاب هم الأقدرعلى حمل مشعل التغيير والثورة شريطة تعاونهم مع بقية فئات الشعب.

دلالات