محتجزون سوريون في التشيك لـ"العربي الجديد": أغيثونا

محتجزون سوريون في التشيك لـ"العربي الجديد": أغيثونا

03 سبتمبر 2015
اللاجئون السوريون يواجهون المعاناة "أرشيفية"
+ الخط -

على الحدود التشيكية-الألمانية، يعاني لاجئون سوريون من ممارسات ابتزازية من قبل الأمن التشيكي الذي يحتجزهم، في أوضاع بالغة السوء، في ظل تجاهل إعلامي عربي لمعاناتهم الممتدة على مدار أكثر من شهرين.

قرابة 2000 سوري وسوريّة بينهم أطفال وعجائز، يقيمون في منطقة حدودية نائية، يلعنون حظهم السيئ الذي أوقعهم في ذلك المأزق، إذ كانوا في طريقهم إلى ألمانيا، عبر قطار انطلق من النمسا، من هؤلاء، الشاب الثلاثيني السوري لورانس سليمان ابن مدينة دير الزور، والذي كان متوجهاً إلى برلين بالقطار، لكن أحلامه في الاستقرار وإيجاد وطن يحفظ كرامته، توقفت مع مرور القطار في دولة التشيك، إذ أجبر الأمن والشرطة التشيكيين، سليمان ورفاقه على النزول من القطار، وجرى اصطحابهم إلى معسكر على الحدود الألمانية، لتبدأ معاناتهم، كما روى لـ"العربي الجديد"، عبر الهاتف من مقر احتجازه في التشيك.

ينقسم معسكر الاحتجاز إلى 6 مجمعات، وعدد من الخيام التي تقام كلما جاء وافدون جدد، يقيم داخل كل مجمع، بحسب شهادات اللاجئين، والذين تواصل معهم "العربي الجديد"، من 100 إلى 200 شخص، بينهم أطفال رضع ونساء وشيوخ، وبعضهم محتجز منذ أكثر من 70 يوماً لإجباره على إجراء البصمة، والذي يحرمهم من حلم الذهاب إلى ألمانيا ويجعل من التشيك نهاية رحلتهم التي بذلوا في سبيلها "آلاف اليوروهات"، كما يقول سليمان، متابعاً "أغيثونا، لا أحد يهتم لأمرنا هنا، الإعلام العربي سلط أضواءه على معاناة اللاجئين في المجر، نحن مثلهم، محبوسون في مجمعات لا يسمح لنا بالخروج منها أو الحصول على حاجاتنا الأساسية".

الأطفال المرضى

تعاني الشابة السورية هزار (من الزبداني)، من عدم قدرتها على توفير احتياجات ابنها المصاب بالتوحد، إذ تم حبسها في المجمع المقام على الحدود التشيكية-الألمانية منذ 5 أيام، بعد رحلة طويلة اضطرت خلالها لإجراء البصمة في سلوفكيا، بعد أن وصلت إلى المجر عبر تركيا، بصحبة والدتها المسنة.

تقول هزار لـ"العربي الجديد": "المجمع بعيد جداً عن أي منطقة مأهولة، أمن المجمع صادر كل ما كان معي ومع أمي (هاتف أيباد، ساعة، حلق وخاتم)، إذ يحاسبون اللاجئين على يوم الإقامة بـ 12 يورو لكل شخص، يقومون باحتسابهم من الأموال المصادرة، أو الأغراض العينية بعد تقييمها".

اقرأ أيضاً: الهروب من الحلم الأميركي.. سوريون يتمنّون رفض طلبات لجوئهم

إضراب ومظاهرات

بينما يتحدث اللاجئون مع "العربي الجديد" عبر الهاتف، طلب أحدهم تغيير مكانه بسبب كاميرا، ترصد تجمعهم، خوفاً من عقابهم بتمديد مدة إقامتهم قبل البت في طلبات لجوئهم، أو نقلهم إلى كامب فينشني لاهوتا رقم 234، والذي صار اللاجئون يصفونه بالجحيم بسبب سوء ظروف الإقامة فيه، كما يقول ياسر الشامي، (رفض ذكر اسمه كاملاً خوفاً من تعرضه لعقوبة من أمن المجمع).

يقول ياسر لـ"العربي الجديد": "قمنا بعمل إضراب عن الطعام، ومظاهرات، احتجاجاً على وضعنا السيئ، غير الآدمي، فقام أمن مقر الاحتجاز والشرطة وكوماندوس معهم كلاب بوليسية، بتمديد فترة إقامة عدد منا في التشيك وسجن آخرين، وتهديدنا بالحبس الانفرادي، حتى إن سيدة حامل انهارت وأصابتها نوبة هيسترية بسبب سوء المعاملة".

وطالب ياسر من الإعلام العربي، مساندة قضيتهم، إذ ينوون التظاهر مجددا، حتى يتم السماح لهم بالمرور إلى ألمانيا، والتي كانوا في طريقهم إليها وأجبرتهم السلطات التشيكية على النزول من القطار، قائلاً "أخشى على حياتي، إذ أعاني من الربو، ولا يوجد علاج مناسب، حقن الكورتيزون فقط، ما يفاقم وضعي الصحي".

بسبب التظاهرات السابقة، حضر وزير الخارجية التشيكي، إلى المعسكر ليتحدث مع اللاجئين، لكن المترجمين، لم يوصلوا حديثهم كما يقول اللاجئ السوري سامر أبو جميل، من ريف حلب، إذ أخبر المترجمون الوزير أن سبب المشكلة رغبتهم في استعادة أغراضهم وهواتفهم للتواصل مع المهربين.

يقول أبو جميل لـ"العربي الجديد"، "وضعنا سيئ، من يعاني المرض لا يوجد علاج له، لا يوجد حليب للأطفال، لا يوجد حفاضات، الملابس التي معنا قديمة وصارت بالية ولا تقي البرد الذي يشتد ليلاً، حتى صار العديد منا ممن لا يعانون من مشاكل أمنية مع النظام يرغبون في العودة مرة أخرى إلى سورية، بدلاً من حياة الذل والمعاناة هذه".

اقرأ أيضاً: تلوث البيئة العربية [1/7].. سموم "الحرّاقات" تقتل السوريين

الرحلة القاتلة

لكن كيف بدأت الرحلة من سورية؟ يجيب أحد رفاق أبو جميل من المحتجزين معه، رفض ذكر اسمه، قائلاً "خرجت من سورية إلى تركيا، هناك ظللت قرابة 6 أشهر، لجأت إلى مهربين، وضعوني في قارب مطاطي بصحبة 45 شخصاً بالغاً و13 طفلاً مع أغراضنا، حتى جزيرة كوس في اليونان، من هناك ركبنا باخرة تابعة للأمم المتحدة، دفعنا 60 يورو حتى ننقل إلى أثينا التي رفضت استقبالنا وطردتنا، من هناك عبرنا الحدود اليونانية المقدونية، في موكب تكون من قرابة 5 آلاف شخص".

يتابع "تم ضربنا بالغاز المسيل للدموع ورصاص مطاطي، من قبل الشرطة المقدونية، ثم سمحوا لنا بالدخول ومن هناك تم ترحيلنا إلى الحدود الصربية، عبر حافلات وقطار وسيارات تاكسي، دفعت في إحداها 150 يورو، لكل شخص من رفاقي".

عبر مهربين نالوا نصيبهم من مال اللاجئين، دخل السوريون إلى صربيا، والتي منعتهم من حجز فندق في بلغراد، ما جعل بعضهم ينام في الشوارع والحدائق، وصاروا عرضة لابتزاز البوليس الصربي الذي حصل على 200 يورو من المجموعة لكل شخص حتى يسمح لهم بالذهاب إلى الحدود المجرية، هناك سعى البوليس الهنغاري إلى إجبار اللاجئين على البصمة، ما جعلهم يرفضون الأمر، ويسيرون قرابة 20 كيلومتر حتى وجدوا وسائل نقل ابتزتهم وحصلت من اللاجئين 350 يورو، لتنقلهم إلى فندق سان استديوم التركي في العاصمة المجرية بودابيست.

يؤكد اللاجئون الذين تحدثوا مع "العربي الجديد" عبر الهاتف، أنهم كانوا عرضة للابتزاز طوال رحلتهم، إذ حصل الفندق الذي وصلوا إليه في هنغاريا على 400 يورو للراغبين في الذهاب إلى النمسا، و600 يورو للراغبين في الذهاب إلى ألمانيا.

ويضيف اللاجئون أنهم ذهبوا إلى محطة القطار الرئيسية في النمسا، كما حجز بعضهم باصات من أجل السفر إلى ألمانيا، غير أنهم لم يكن لديهم علم بأن القطار يمر في التشيك، كما يقول اللاجئ أبو جميل، والذي تابع قائلاً "كانت البداية واضحة، إذ صادرت الشرطة، كل ما نملك من أول وهلة، كذلك صادروا الباسبور، والجوال، والأوراق، في ظل معاملة لا أخلاقية، تشبه معاملة المخابرات السورية التي هربنا منها".

--------
اقرأ أيضا :
بالصور سوريون خارج القيد..آلاف العائلات بلا وثائق في تركيا