"قوارب الحظ" تقتل اللاجئين السوريين على شواطئ ليبيا

"قوارب الحظ" تقتل اللاجئين السوريين على شواطئ ليبيا

02 سبتمبر 2015
المهربون يكدسون قوارب متهالكة براغبي اللجوء (Getty)
+ الخط -

منذ بداية العام الجاري، تغادر مئات رحلات المغامرين، من الباحثين عن حياة أفضل، شواطئ ليبيا، منهم من وصل إلى الساحل الشمالي من البحر المتوسط، ومنهم من ينتظر، في ظل تلاعب المهربين وعصابات الهجرة غير الشرعية بهم.

تؤكد المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن "عدد اللاجئين والمهاجرين الذين عبروا البحر المتوسط في محاولة للوصول إلى أوروبا، تخطى 300 ألف هذا العام، مقارنةً بـ219 ألفاً في عام 2014 كله".

إحصائيات المنظمة جاءت في بيان أصدرته الجمعة الماضية، بعد ساعات من وقوع كارثة إنسانية راح ضحيتها حتى الآن 118 مهاجراً غير شرعي، في حادث غرق قارب انطلق من الشواطىء الليبية في ساعات الصباح الأولى من يوم الخميس الماضي.

اقرأ أيضاً: الهاربون إلى الجنة..3 أسباب وراء هجرة السوريين من مصر

عجز ليبي

تعتبر مدينة زوارة، غربي ليبيا، والقربولي المتاخمة للعاصمة طرابلس، وزليتن وبنغازي، شرقي ليبيا، أهم نقاط انطلاق قوارب الموت بحسب يوسف عنيبة، ضابط بالقطاع الأوسط لخفر السواحل الليبي، الذي قال لــ"العربي الجديد": "إمكانياتنا منعدمة تماما، طلبات الاستنجاد من عرض البحر تصلنا ولا نستطيع نجدتهم".

ويضيف: "قوارب النجدة أصبحت متهالكة بسبب عدم صيانتها، كما أن عناصر فرق الإنقاذ غير مؤهلين، أغلبهم ثوار سابقون". وتساءل "بماذا سنشتغل ؟ شبكات التجار قوية وتمتلك السلاح وتؤمن خطوط نقلها والسلطات تعلم هذا وتتغاضى عنه، خصوصا عند نقاط الانطلاق في القربولي وزوارة وبنغازي وغيرها على شاطىء البحر".

وقال عنيبة إن "الدول الأوروبية لم يتعدّ موقفها معنا أبعد من الوعود بدعمنا من خلال تصريحات للإعلام والمراسلات مع بعض الجهات الرسمية دون أي فعل حقيقي".

وأضاف:"فرق الإنقاذ الغربية، لا نسمع عنها، إلا عند وقوع الكارثة كغرق قارب وانتشال جثث ولكن أين هي مِن منع انطلاق هذه القوارب، التي أصبحت نقاط إطلاقها معروفة للجميع؟".

وقال "ما يحدث في ليبيا من هجرة غير شرعية هو عمل (مافيوي)، إذ يتم شحن قارب سعته 20 شخصا بما يزيد عن 200 راكب، ويدفع كل منهم ما يقارب من 1500 دولار، في حين أن آخرين يقومون برحلات مضمونة تكلفتها أضعاف ذلك".

اقرأ أيضاً: السوريون في ليبيا... 5 محطات للهجرة إلى أوروبا

على متن قوارب الموت

التقت "العربي الجديد" في منطقة "قصر خيار" شرقي طرابلس ، الشاب السوري، وسام (28 عاماً). قرر وسام الاتفاق مع مهرب على دفع مبلغ 1500 دولار حتى يستطيع ركوب قاربه في رحلة باتجاه إيطاليا. "اشترط المهرب عليّ"، يقول وسام، أن لا أصطحب أوراقي الثبوتية لأضمن حصولي على لجوء وخدمات إنسانية حيثما يحط بنا القارب الخشبي في النهاية.

وأضاف: "منذ البداية نعتمد على الحظ في أن تجدنا قوارب النجدة الأوروبية، لتنقلنا إلى نقاط تجميع إغاثية ترعاها منظمات إنسانية".

تختلف أسعار رحلات الهجرة غير الشرعية، على حسب وجهة الرحلة والمنظمين لها، فهناك رحلات مضمونة ورحلات حظ، إذ إن الرحلة المضمونة التي توصل المهاجرين إلى خفر السواحل الإيطالية بقوارب آمنة تصل كلفة الرحلة فيها إلى 5000 يورو للفرد الواحد، بالإضافة إلى خدمة توصل المهاجر من مقره إلى نقطة الانطلاق عبر البحر بسيارات أكثر أمنا من ذهابه بمفرده، إذ ترتفع احتمالية القبض على الراغب في الهجرة غير الشرعية من قبل شرطة الهجرة غير الشرعية الليبية، التي تودع المقبوض عليهم في مراكزها، بحسب عدد من الشباب الراغبين في الهجرة غير الشرعية.

يقول محمد خالد (اسم مستعار)، رفض ذكر اسمه الحقيقي، "الرحلات الأقل حظّاً أسعارها تتفاوت بين 1000 دولار إلى 2000 للمهاجر، وتُستعمل فيها قوارب خشبية محلية الصنع، يقودها أحد المهاجرين الذي يتم تدريبه على القيادة لمدة أيام قبل انطلاق الرحلة".

اقرأ أيضاً: الهاربون إلى الجنة.. الطريق إلى أوروبا مفروش بجثث السوريين

الموقف الليبي

قبل أيام أعلنت الحكومة المنبثقة عن المؤتمر الوطني العام، عن اعتقال تجار للبشر ومهربين، متورطين في حادث غرق القارب الأخير، وسط عزم فرق إنقاذها على الاستمرار في إنقاذ العالقين، لكن الحكومة المنبثقة عن مجلس النواب اكتفت بالقول إنها على استعداد للتنسيق مع الجانب الأوروبي من أجل الحد من ظاهرة الهجرة غير الشرعية عبر شواطئها، في حال أقدم المجتمع الدولي على رفع حظر توريد السلاح إلى جيشها.

قمة أوروبية أفريقية

وكان الاتحاد الأوروبي قد أعلن عن عقد قمة في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل بمشاركة دول أفريقية، منها ليبيا، بالعاصمة المالطية فليتا، لتضييق الخناق على شبكات تهريب المهاجرين غير الشرعيين.

وأكد الاتحاد أنه "سيعمل بجدية لمنع المآسي المروعة التي تقع للاجئين"، مضيفا أن السياسة الأوروبية الجماعية بشأن هذه المسألة في الماضي لم تكن كافية، وأنه لا يمكن لأية دولة في الاتحاد الأوروبي أن تتصدى لوحدها بفعالية للهجرة".

لا يأبه الشاب السوري، خالد عمار، بالقرارات الأوروبية السابقة، إذ يبحث كغيره من السوريين عن جواز سفر وجنسية بلد آخر، بعد أن ضاعت بلده، "ولم يجبره على المُرّ إلا الأكثر مرارة"، كما يقول.

-------
اقرأ أيضاً:
الهروب من الحلم الأميركي.. سوريون يتمنّون رفض طلبات لجوئهم