كاميرات المراقبة.. أجهزة مموهة ترصدُ المقاومين في الضفة الغربية

كاميرات المراقبة.. أجهزة مموهة ترصدُ المقاومين في الضفة الغربية

17 اغسطس 2015
الاحتلال يصادر كاميرات المراقبة الفلسطينية بعد عمليات المقاومة(فرانس برس)
+ الخط -
في شوارع مدن وقرى الضفة الغربية المحتلة، الرئيسية والفرعية، تنتشر كاميرات المراقبة بشكل مكثف، بعضها تابع لأجهزة الأمن الفلسطينية، وأخرى لقوات الاحتلال الإسرائيلي، حتى صارت أغلبية المحال التجارية والعمارات السكنية الفلسطينية، مراقبة من خلال الكاميرات الرقمية الموصولة بالإنترنت، رخيصة الثمن، إذ يستطيع الفلسطيني شراء وِحْدَةِ الكاميرا بمبلغ لا يتجاوز مائة دولار أميركي.

على الجانب الإسرائيلي، ووفقاً لما وثقته "العربي الجديد" عبر جولة، في الشوارع الالتفافية بالضفة الغربية، (الشوارع التي يستخدمها المستوطنون وجيش الاحتلال في تنقلاتهم بين مستوطنات ومعسكرات الضفة التي تم شقها عام 1996 عقب توقيع اتفاقية أوسلو)، تنتشر مئات كاميرات المراقبة، على مفارق الطرق والجسور ومداخل المستوطنات ومحطات تعبئة الوقود الإسرائيلية، إضافة إلى حواجز الاحتلال الدائمة الموجودة على مداخل المدن الرئيسية، من بين هذه الحواجز، حاجز "عطارة" العسكري الإسرائيلي، المتواجد على طريق بلدة بيرزيت شمالي رام الله، باتجاه مدينة نابلس، هناك أمكن لمعد التحقيق، رصد 12 كاميرا مراقبة متجهة في جميع الاتجاهات والزوايا، على البرج العسكري الخاص بالحاجز.

وفي مفترق "جبع" بين رام الله ومدينة القدس المحتلة، (يقع خارج جدار الفصل العنصري على الطريق الوحيد الواصل بين شمال الضفة الغربية وجنوبها باتجاه بيت لحم والخليل)، هناك نصبت قوات الاحتلال، عشرات الكاميرات لتغطية جميع الشوارع الرئيسية والفرعية، ومراقبة قرية "جبع" الفلسطينية، عقب إحدى عمليات الدهس التي حصلت في أواخر العام 2014.

لا يختلف حال بقية مدن الضفة الغربية وبلداتها وقراها، عن الواقع السابق، إذ أصبحت الحركة في الضفة الغربية محكومة ومراقبة بشكل شبه كامل من شرطة الاحتلال ومخابراته، بالإضافة إلى الكاميرات الفلسطينية الخاصة أو حتى التابعة لأجهزة الأمن الفلسطينية، التي تشكل خطراً، هي الأخرى على المقاومين، كما يكشف التحقيق.

اقرأ أيضا: بالفيديو.. مفاعل ديمونا.. تسرُّب إشعاعي يقتل أهل الخليل

انكشاف خلايا مقاومة

أدركت بعض خلايا المقاومة الفلسطينية خطورة انتشار كاميرات المراقبة الإسرائيلية، ما جعلها تحاول التملص من شبح المراقبة، خلال تنفيذ عملياتها ضد الأهداف الإسرائيلية، وذلك عبر رسم خط انسحاب خالٍ من الكاميرات الإسرائيلية. إلا أن انتشار كاميرات المراقبة الفلسطينية، ساهم في زيادة تعقيد العمل لدى هؤلاء المقاومين، على قلتهم، ففي جميع الحالات التي تُنفذ فيها المقاومة عملياتها، يقتحم الاحتلال المنازل والمحلات التجارية الفلسطينية، التي تعتمد على هذه الكاميرات ويصادرها ويبدأ في تحليل المعلومات الواردة فيها، بحثاً عن منفذي العمليات.

وثقت "العربي الجديد" عمليات عدة، وقعت خلال الفترة من بداية عام 2009، وبتحليل معطيات هذه العمليات، يتضح قيام قوات الاحتلال بحملة تمشيط واسعة، تبدأ من أقرب نقطة من الشوارع الاستيطانية في اتجاه القرى والبلدات الفلسطينية، ومن ثَمّ تحصر الطرق التي قد يستخدمها الفلسطينيون خلال انسحابهم من المنطقة، بعدها يقوم جزء من قوات الاحتلال بنصب الحواجز العسكرية على امتداد المحافظة بالكامل لمحاولة إرباك المقاومين، ومن ثم البدء في حملة تفتيش وجرد واسعة النطاق لجميع المحال التجارية في نطاق كيلومترات عدة من مكان تنفيذ العملية، واقتحامها واحدة تلو الأخرى ومصادرة كامل وحدات التصوير.

تبدو حالة خلية "مجموعات الشهيد عماد مغنية"، التي عملت في الضفة في السنوات الأخيرة، مثالاً واضحاً على ذلك، تتبع تلك الخلية كتائب شهداء الأقصى، التابعة لحركة فتح في نابلس. أحد المقربين من الخلية والذي رفض الكشف عن اسمه، قال لـ"العربي الجديد" إن" أعضاء الخلية، عنان صبح، ورائد السركجي، وغسان أبو شرخ، أدركوا خطورة كاميرات المراقبة المنتشرة في شوارع الضفة الغربية، ولذلك قاموا بِسَلكِ طرق فرعية بين القرى الفلسطينية متجنبين المستوطنات الإسرائيلية والمفارق الرئيسية، في إحدى أشهر عملياتهم في شهر مارس/آذار من عام 2009.
وقتها نصب أفراد الخلية، كميناً لسيارة شرطة الاحتلال الإسرائيلية على خط 90، (الواصل بين مدينة أم الرشراش "إيلات" جنوب فلسطين المحتلة، ومدينة بيسان شمالها، والذي يمر بمحاذاة الحدود الأردنية)، استخدم المقاومون أسلحة كاتمة للصوت، قتلوا اثنين من ضباط الشرطة قبل أن ينسحبوا من المكان. يقول المصدر المقرّب من الخلية : "كان الشهداء يدركون خطورة الكاميرات في الشوارع الرئيسية، استخدموا طرقاً زراعية وفرعية في قرى فلسطينية لتجاوز أي رصد لهم". ما جعل إسرائيل تعلن آنذاك، أنها ترجح قدوم عناصر من شرقي نهر الأردن، قاموا بتنفيذ العملية، وهو ما ثبت عدم صحته في وقت لاحق.

في 24 سبتمبر/أيلول من عام 2009، قُتل مستوطن إسرائيلي بالقرب من مستوطنة "شافي شومرون" غرب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية في عملية تبنتها، أيضاً، مجموعات "عماد مغنية". حتى ذلك الوقت، كان الاعتقاد السائد لدى المراقبين والمتابعين للشأن الفلسطيني أن مجموعات "عماد مغنية" ما هي إلا اسم وهمي يُستخدم لتبني عمليات أخرى. وفي يوم السبت الموافق 26 سبتمبر/أيلول، أي بعد يومين من مقتل المستوطن، قامت قوات الاحتلال الإسرائيلية بحصار منازل كلٍّ من عنان صبح، ورائد السركجي، وغسان أبو شرخ، ومن ثم أعدمتهم بدم بارد أمام عائلاتهم.

يفيد المصدر المقرّب من الشهداء، أنهم عقب تنفيذ عملية قتل المستوطن، سلكوا طرقاً فرعية فلسطينية، وحاولوا التملص من كاميرات المراقبة إلا أن أجهزة الأمن الإسرائيلية، استطاعت رصد الشهداء أثناء الانسحاب عن طريق إحدى كاميرات المراقبة القريبة من المكان، ومن ثم متابعتهم، والعثور على السيارة التي استُخدمت في العملية في قرية طلوزة شمال مدينة نابلس محترقةً بشكل كامل، وفي وقت لاحق، اعتقل صاحبها بعد التعرف عليها من خلال ما يعرف برقم الشاصي المطبوع على محرك السيارة، وبالتالي التوصل لأفراد الخلية وإعدامهم أمام عائلاتهم.

اقرأ أيضا: "العربي الجديد" يجيب عن سؤال: من قتل الرضيع الدوابشة؟

كاميرات مموهة

يدرك عدد من منتسبي حركات المقاومة الفلسطينية، خطورة كاميرات المراقبة التي نصبتها أجهزة الأمن الفلسطينية والإسرائيلية، بشكل خفي ومموه، ومن هؤلاء، إسلام حامد، أحد المعتقلين السابقين لدى السلطة، (أُطلق سراحه، أخيراً، وتوارى عن الأنظار)، وهو أحد عناصر كتائب القسام، ممن اعتقلوا في سجن أريحا المركزي التابع لجهاز المخابرات الفلسطينية منذ عام 2010، لتنفيذه عملية ضد مستوطنين.

حامد تحدث لـ"العربي الجديد" هاتفياً، كاشفاً عن معلومات جديدة بخصوص كاميرات المراقبة: "قمنا بعمليات مسح عدد من المواقع العسكرية الإسرائيلية والاستيطانية في شمال الضفة الغربية قرب مدينة طولكرم، قبيل عملية إطلاق نار، كنا نخطط لها، رسمنا خرائط لكل كاميرات المراقبة، التي استطعنا أن نلاحظها، (صودرت من المخابرات الفلسطينية بعد الاعتقال في عام 2010)، وذلك لتجنبها، خلال عمليات الانسحاب بعد تنفيذ العملية، لكن فوجئنا، خلال عمليات المسح بوجود كاميرات سرية غير ظاهرة ومموهة بين أشجار الصنوبر والسرو القريبة من الشوارع الالتفافية".
ويوضح حامد، أن هذه الكاميرات مموهة بطريقة ذكية جداً، ويصعب على المارة الذين يستخدمون الشوارع الالتفافية، أن يلاحظوها، فهي على شكل أغصان الأشجار، وذاتية الطاقة، تعتمد في تشغيلها أساساً على ضوء الشمس، وليست بحاجة لأسلاك قد تكشف مكانها، قائلاً "شككنا في إحداها، قمنا بإيقاف السيارة، والادعاء أنها تعرضت لِتلف، وأننا في انتظار المساعدة، حتى تأكدنا من وجود كاميرات المراقبة".

ويؤكد أن هذه النوعية من الكاميرات هي الأخطر، وهو ما دفع مجموعته إلى الحذر من تنفيذ عمليات في مناطق ذات كثافة شجرية، قائلاً "مثل هذه الكاميرات، تزيد من احتمال كشف المنفذين، هذه مخاطرة لابد من التحسب لها، بل وحتى إلغاء العملية". ويسرد في حديثه، تفاصيل إلغاء إحدى العمليات، التي كان من المقرر تنفيذها، لخطف أحد المستوطنين بسيارة مموهة في عام 2010، قائلاً "أثناء وقوف السيارة لتنفيذ العملية في موقف للباصات مخصص لها على جانب الطريق، لاحظنا وجود إحدى كاميرات المراقبة المموهة، بالقرب من المكان ما جعلنا نلغي العملية فوراً خوفاً من اكتشاف أمرنا".

وعن إمكانية تجنب المقاومين للكاميرات المموهة يقول: "استطعنا تجاوز بعض هذه الكاميرات عن طريق ارتدائنا أقنعة، على الوجوه، إضافة إلى تغيير أرقام سيارتنا، خلال تنفيذ هجوم ضد مستوطنين، إذ أطلقنا النار تجاه سيارة للمستوطنين تجاوزتها سيارتنا، وأصبناها إصابة مباشرة، ولم يكن الاحتلال يملك دليلاً ضدنا سوى لون السيارة".

وشدد على أن اختيار التوقيت الليلي لتنفيذ العملية عامل مهم في نجاحها، قائلاً "الليل يصعب فيه على الاحتلال الوصول إلى المقاومين، بسبب حجب الظلام لكثير من المناطق التي لا تتواجد فيها إنارة في الشوارع، وهو ما يحتاج إلى عملية بحث دقيق قبل تنفيذ العمليات ليلاً لمعرفة خط الانسحاب".

وحول ملابسات اعتقال المقاومين لدى جهاز المخابرات الفلسطيني، كشف أنه كان بكاميرا مراقبة، قائلاً "خلال تنفيذ إطلاق النار شرقي رام الله أدى إلى إصابة مستوطن، اصطدمت مرآة سيارته بسيارة المقاومين من الجهة اليمنى مما أدى لانكسارها".
يضيف "على إثر ذلك قامت أجهزة الأمن الإسرائيلية بتسليم شريط الفيديو المصور للسيارة، إلى المخابرات الفلسطينية، بعد عجز الإسرائيليين، عن الوصول لطرف خيط عن مكان السيارة، كما قاموا، أيضاً، بتسليمهم المرآة المكسورة، وقامت المخابرات الفلسطينية بمسح شامل لجميع ورش تصليح السيارات في محافظة رام الله والبيرة، وخلال 48 ساعة توصلت لإحدى الورش في بير زيت، والتي باعتنا، في ذلك اليوم، مرآة بمواصفات السيارة المطلوبة نفسها".

ويوضح أن ورشة تصليح السيارات، كانت تحتوي على كاميرا مراقبة، ومن خلالها قامت المخابرات الفلسطينية بالتعرف على الخلية المقاومة واعتقالها. يؤكد حامد على أن نجاح المقاومين في معرفة ودراسة أماكن تواجد كاميرات المراقبة، في الشوارع الرئيسية والفرعية، أحد أهم عوامل نجاح العمليات الفدائية. يضرب المثل بعملية مقتل ضابط إسرائيلي في البلدة القديمة بمدينة الخليل، العام الماضي، برصاصة قناص مجهول الهوية.

ويقول:"عدم نجاح الاحتلال في اعتقال المنفذ، حتى اليوم، على الرغم من مصادرة كاميرات المراقبة في جميع أنحاء المنطقة، خير دليل على أن منفذ أو منفذي الهجوم على علم بأماكن تواجد هذه الكاميرات، فاستطاعوا التمويه عليها والتملص منها".



حملاتٌ لإتلاف كاميرات المراقبة

أصبحت عمليات اقتحام المناطق الفلسطينية للبحث عن كاميرات المراقبة عقب كل عملية للمقاومة الفلسطينية أمراً اعتيادياً، ففي يونيو/حزيران من العام الماضي، قامت قوات الاحتلال، بعمليات تمشيط واسعة، بحثاً عن منفذي عملية اختطاف المستوطنين الثلاثة في الخليل، جنوبي الضفة الغربية.

لم تنجح قوات الاحتلال، في القبض على المقاومين، ما جعلها تلجأ إلى اقتحام مدن وسط وجنوب الضفة الغربية، إضافة إلى جميع القرى الفلسطينية التابعة لها، وقامت بمصادرة جميع كاميرات المراقبة من محطات التزود بالوقود إضافة إلى المحال التجارية، وحتى المجالس البلدية في محاولة الوصول للمنفذين.

السيناريو نفسه، تكرر في شهر يونيو/ حزيران من العام الجاري، إذ نفذت المقاومة الفلسطينية عمليتين، الأولى في قرية دير أبزيع غربي رام الله، أدت إلى مقتل مستوطن وإصابة آخر، والثانية في الطريق الواصل بين مدينتي رام الله ونابلس شمال رام الله، أدت إلى مقتل مستوطن وإصابة ثلاثة آخرين، على الفور قام الاحتلال، عقب تنفيذ عملية دير أبزيع في 19 يونيو/ حزيران باقتحام القرى المحيطة، ومصادرة جميع كاميرات المراقبة في المحلات التجارية ومحطات البنزين، واستطاع الوصول لمنفذيها، خلال وقت قياسي، من خلال تتبع خط انسحاب سيارة المنفذين ومعرفة صاحبها.
عقب العملية الثانية التي وقعت، في 20 من يونيو/حزيران، (في اليوم التالي لعملية دير أبزيع)، في الطريق الواصل بين مدينتي رام الله ونابلس شمال رام الله، اقتحمت قوات الاحتلال جميع البلدات الفلسطينية شمال وشرق مدينة رام الله، إضافة إلى بلدات وقرى جنوب مدينة نابلس، وعلى مدار أكثر من عشرة أيام، استمرت في البحث والتدقيق في محاولة منها للوصول إلى منفذي العملية.

يقول (أ.ح) وهو شاهد عيان من بلدة سلواد شرق رام الله إن "الاحتلال اقتحم جميع المحلات التجارية القريبة من الشوارع الالتفافية وقام بمصادرة كاميرات المراقبة، مما أدى إلى انطلاق حملة على مواقع التواصل الاجتماعي عقب العملية، تطالب أصحاب المحال التجارية بإتلاف أشرطة التسجيل، تجنباً للإيقاع بالمقاومين الذين نفذوا العملية، كما طالبت صفحات فلسطينية عدة روادها بالمساهمة في إيصال الرسالة للمواطنين".

وفي تطور لافت خلال عمليات البحث عن منفذي عملية المقاومة الأخيرة، حصلت "العربي الجديد" على معلومات مؤكدة، من مصادر عدة مختلفة، مفادها قيام عناصر من الأجهزة الأمنية الفلسطينية بلباس مدني بمصادرة كاميرات المراقبة من عدد من المحال التجارية ومحطات الوقود القريبة من قرى شرق مدينة رام الله، وأوضحت هذه المصادر أن عمليات مصادرة الأشرطة تمت في بلدات سلواد ودير جرير.

وكان جهاز الأمن الوقائي الفلسطيني، قد اعتقل شابين فلسطينيين اتهمهما بتنفيذ العملية الأخيرة، وهما معاذ حامد، وأحمد شبراوي من بلدة سلواد، كما قام، أيضاً، بمصادرة سيارة ادعى استخدامها في العملية، وفي وقت لاحق قامت قوات الاحتلال باعتقال ثلاثة أشخاص، زعمت أنهم أعضاء في المجموعة الفدائية نفسها.

بعد فحص معد التحقيق الصفحات الاجتماعية الخاصة بالشابين على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وثق مشاركة المعتقل لدى السلطة الفلسطينية، أحمد شبراوي، لإحدى المنشورات الداعية لإتلاف أشرطة المراقبة ووقف الكاميرات.

اقرأ أيضا: بنك الجلد الإسرائيلي: جثامين الشهداء في خدمة القاتل 



كاميراتٌ سهلة الاختراق

في بداية عام 2014، قامت أجهزة السلطة الوطنية الفلسطينية، بتركيب كاميرات مراقبة متطورة في شوارع ومداخل محافظات المدن الفلسطينية المختلفة، رُبطت جميعها بمركز عمليات موحد في كل مدينة على حده.

بررت السلطة الفلسطينية تركيب الكاميرات بالقول "إن مهمة هذه الكاميرات تسهيل عمل أجهزة الأمن الفلسطينية من خلال غرفة عمليات شُرَطية متطورة يشرف عليها ضباطٌ متخصصون بهدف حماية أمن المواطنين في ظل انتشار جرائم السرقة، ومحاولة تنظيم المرور".

لكن انتشار هذه الكاميرات الموصولة بشبكة الإنترنت، أثار تساؤلات عدة عن إمكانية اختراقها من قراصنة أو حتى من المخابرات الإسرائيلية. فادي أبو سلطان، خبير في مجال تقنيات الكمبيوتر والشبكة العنكبوتية في مدينة رام الله، قال لمعد التحقيق، إن أيّ هاكر، متوسط القدرات باستطاعته اختراق أيَّ كاميرا مراقبة بسهولة كبيرة. وأوضح أبو سلطان لـ"العربي الجديد" أن المُخترِق بإمكانه استخدام خدمة موقع غوغل، وعبر وضع رموز معينة تتعلق بالكاميرات معروفة لدى المتخصصين، يستطيع اختيار أي دولة يريدها، ومن خلال رموز خاصة، يحصل على إمكانية الوصول والنفاذ إلى داخل هذه الكاميرات.
ويؤكد أبو سلطان على أنه طالما كانت هذه الكاميرات موصولة على شبكة الإنترنت، فإنها معرضة للاختراق، وذلك من خلال معرفة الخادم الرئيسي (السيرفر) للإنترنت المُزود لهذه الكاميرات، لذلك فإن المخترقين في حال وصولهم لهذه الخوادم أصبح بإمكانهم استخدام أيّ كاميرا بسهولة ونسخ ما يريدون من مواد.

ويحذر أبو سلطان من أنه في حال اختراق هذه الكاميرات، فإنه "من الصعب جداً على صاحبها، أن يكتشف ذلك، إلا إذا كان ذا خبرة كبيرة، وبحوزته برامج خاصة لمعرفة حدوث الاختراق من عدمه، وهذا ما لا يتوفر إلا لدى جهات معينة ذات مستوى عالٍ، مثل أجهزة المخابرات في العالم".

ويختم أبو سلطان حديثه: إن الإنترنت في فلسطين مُزوّدٌ من شركات إسرائيلية، لذلك فإن إسرائيل تتحكم في جميع الخوادم الخاصة بالشركات والمؤسسات الفلسطينية، بمعنى أنها تخضع للرقابة الكاملة للمؤسسة الأمنية الإسرائيلية، وأيّ عمليات مراقبة فلسطينية من خلال الكاميرات الموصولة بالإنترنت، معرضة تلقائياً للقرصنة من الجانب الإسرائيلي".

بسبب انتشار كاميرات المراقبة، الإسرائيلية والفلسطينية، في شوارع الضفة الغربية المختلفة، قيّد بشكل ملحوظ نجاحات المقاومين بتأمين أنفسهم بالانسحاب عقب تنفيذ عملياتهم، إذ نجحت إسرائيل، خلال السنوات الماضية، بالوصول لخلايا المقاومة، خلال أيام قليلة معدودة، وفي حالات نادرة، خلال شهر واحد، ما جعل خيارات من يفكرون في العمل المقاوم بين خيارين، إما الاعتقال أو الاستشهاد.

-------
اقرأ أيضا:
"العربي الجديد" تخترق عصابة صهيونية تستهدف الفلسطينيين