استمع إلى الملخص
- أثرت القرارات على المؤسسات والشخصيات بتعيينات وتعديلات تخدم مصالح شخصية، مما يعزز هيمنة السلطة التنفيذية ويفتح الباب لتضارب المصالح.
- غياب الشفافية والمشاورات المجتمعية في إصدار القرارات أدى إلى قرارات مفاجئة وغير مدروسة، مما أثار الجدل حول الأولويات التشريعية وتغييب دور الشعب والجهات المختصة.
يكشف تحقيق "العربي الجديد" كيف يخالف الرئيس الفلسطيني القانون الأساسي عبر إصداره وإسرافه في استخدام أداة تشريعية تسمى "القرار بقانون"، والتي تتنفع منها شخصيات وجهات محددة، رغم أنها مخصصة لحالات الضرورة القصوى.
- يتمسك رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين سابقا عبد القادر حامد، المعروف باسمه الحركي قدورة فارس، بموقفه الرافض لتحويل مساعدات الأسرى والشهداء والجرحى من "حالة وطنية تتلقى دعما ماليا وفق معايير خاصة"، إلى "حالة اجتماعية تخضع للتقييم وفق مسطرة الفقر والاحتياج"، استنادا إلى "القرار بقانون" رقم 4 لعام 2025 المنشور في الجريدة الرسمية بتاريخ العاشر من فبراير/ شباط الماضي، والمُعدِل لـ"القرار بقانون" رقم 1 لعام 2019 الذي يخول المؤسسة الوطنية الفلسطينية للتمكين الاقتصادي ببرامج الرعاية الاجتماعية، وبناء على المادة الثامنة من القرار بقانون الجديد، تلغى جميع أحكام القوانين والمراسيم واللوائح والبرامج ذات العلاقة بتقديم الدعم المالي، بما في ذلك التي تشرف عليها وزارة المالية، ومؤسسة رعاية أسر الشهداء والجرحى، والصندوق القومي الفلسطيني، والتجمع الوطني الفلسطيني لأسر الشهداء، وهيئة شؤون الأسرى والمحررين، ومن ثم أحيل فارس إلى التقاعد بموجب "قرار رئاسي" صدر في 18 فبراير الماضي.
تمت التغييرات السابقة بموجب ما يسمى بـ"القرارات بقانون"، رغم أنها تفتقد إلى الشروط الأساسية الواردة في المادة 43 من القانون الأساسي الفلسطيني وعلى رأسها وجود ضرورة لا تحتمل التأخير في غير أدوار انعقاد المجلس التشريعي، بينما أنشئت المؤسسة الوطنية لأهداف تتعلق بالتمكين الاقتصادي، وهو أمر لا يرتبط بالضرورة الطارئة، وبناء على ذلك فإن القرار بقانون رقم 1 لعام 2019 يعتبر غير دستوري، وينسحب الأمر على القرارات بقانون المعدلة له قياسا بالقاعدة القانونية "ما بُني على باطل فهو باطل"، بحسب توضيح بلال البرغوثي، المستشار القانوني للائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة - أمان (الفرع الفلسطيني المعتمد من قبل منظمة الشفافية الدولية)، "ومع ذلك نجد هذه القرارات نافذة وتطبق"، يؤكد البرغوثي أن ما يدل على ذلك إحالة رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين إلى التقاعد تطبيقا للقرار بقانون رقم 4 لعام 2025، والذي يشدد فارس على أهمية سحبه، قائلا لـ"العربي الجديد": "ما يهمني هو إلغاء القرار بقانون المتعلق بالمخصصات، أما موضوع أن أكون مسؤولا من عدمه بالنسبة لي فهو محسوم، ولن أرجع لأي منصب".
عدد هائل من القرارت بقانون
تعرّف المادة 43 من القانون الأساسي الفلسطيني القرارات بقانون بأنها "لها قوة القانون تصدر عن رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية في حالات الضرورة التي لا تحتمل التأخير في غير أدوار انعقاد المجلس التشريعي، ويجب عرضها عليه في أول جلسة يعقدها وإلا زال ما كان لها من قوة القانون".
ومنذ عام 2006 وحتى 24 مارس/آذار 2025، أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس 476 قرارا بقانون، بحسب رصد أجراه "العربي الجديد" عبر الجريدة الرسمية، وخلال عام 2018 صدر 42 قرارا، وشهد عام 2021 صدور 43 قرارا، أما الرقم القياسي فسُجل عام 2022 بموجب 52 قرارا، تشمل سائر المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، "وتجسد تفرد الرئيس باختصاصات السلطات الثلاث، ضاربا عرض الحائط بمبدأ الفصل بينها، ومتجاوزا لاختصاصاته المشار إليها بالقانون الأساسي"، كما يقول المحامي إبراهيم البرغوثي، مسؤول الشؤون السياسية والقانونية في المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء - مساواة (مؤسسة مستقلة أسسها محامون وقضاة).
بالإضافة إلى ما سبق، بعد تعطل وغياب وعدم انعقاد المجلس التشريعي في يوليو/ تموز 2007 ولغاية الآن، أصدر عباس 467 قرارا بقانون، بشكل مخالف للقانون الأساسي الذي يقضي صراحة بزوال ما يكون لها من قوة القانون إن لم يقرّها المجلس، بحسب توضيح بلال البرغوثي، الذي يعتبر أن "هناك إفراطا كبيرا في إصدار القرارات". وهو الأمر عينه الذي ينتقده محامي مركز القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان (غير حكومي)، عثمان حمد الله، قائلا إن هذه الأرقام تدل على تخبط تشريعي لدى السلطة في ظل غياب المجلس التشريعي صاحب الولاية القانونية، منتقدا تلك العشوائية بقوله: "لو كان لدينا مجلس تشريعي منعقد ليل نهار لما تمكن من قراءة القرارات بقانون التي يصدرها الرئيس".
لكن وكيل وزارة العدل المستشار أحمد ذبالح ينفي في رده على "العربي الجديد"، أن يكون إصدار عدد كبير من القرارات بقانون دلالة على التخبط، "حتى ما أُلغي منها، فصدرت عقب استشارة قانونيين ومختصين قبل صياغتها، ولدى دخول القرار بقانون حيز التنفيذ يتبين عدم دقته، معتبرا أنه "كما يصدر الصواب قد يصدر الخطأ".
انتهاك فظ لأحكام القانون الأساسي
أحيل قاضي المحكمة العليا سابقا المستشار أحمد المغنّي إلى التقاعد عن عمر 64 عاما بشكل مفاجئ بعد صدور القرار بقانون رقم 16 لعام 2019 بشأن تعديل قانون السلطة القضائية رقم 1 لعام 2002، وخفض سن التقاعد إلى 60 عاما، وطاول هذا القرار 52 قاضيا، ما دفع المغني و15 قاضيا آخر إلى الطعن به أمام المحكمة الدستورية العليا، والتي قضت في سبتمبر/ أيلول 2019 بعدم دستورية القرار بقانون لعدم تقيد المشرع بالأصول والإجراءات المنصوص عليها في القانون الأساسي، فأعيد سن تقاعد القضاة إلى 70 عاما، وعاد القضاة إلى مزاولة أعمالهم، ولكن "قبل انقضاء يوم عملنا الأول، فوجئنا بصدور قرارين رئاسيين رقم 87 و88 لسنة 2019 يقضيان بإحالة 19 قاضيا إلى التقاعد المبكر، من بينهم 12 قاضيا طعنوا بالقرار بقانون، وأنا منهم"، يقول المغني لـ"العربي الجديد".
476 قراراً بقانون صدرت بين عام 2006 وحتى مارس 2025
مثل هذا القرار، يفتقر لحالة الضرورة وفق ما تنص عليه المادة 43 من القانون الأساسي، "فالضرورة المشترطة فقهيا هي تلك التي لا تحتمل التأخير، مثل تعرض أمن الوطن والسلامة العامة لمخاطر ولا تسمح بانتظار أن يسنّ المجلس التشريعي قانونا، وهذا لم يتحقق في غالبية القرارات بقانون الصادرة عن عباس"، بحسب إفادة بلال البرغوثي، ضاربا مثالا بصدور القرار بقانون رقم 4 لسنة 2020 والذي يقضي بتعديل قانون مكافآت ورواتب أعضاء المجلس التشريعي وأعضاء الحكومة والمحافظين رقم 11 لسنة 2004 وتعديلاته، وكذلك صدر القرار بقانون رقم 12 لعام 2020 بشأن تعديل قانون التقاعد العام رقم 7 لسنة 2005 وتعديلاته، وتم بموجبه رفع سن التقاعد لرؤساء الهيئات والمؤسسات الرسمية المعينين بدرجة وزير إلى 65 عاما، الأمر الذي اعتبره المركز الفلسطيني لاستقلال المحاماة والقضاء مثالا واضحا على انتهاك مبدأ المساواة بين فئات الموظفين والانحياز للفئات العليا منهم، وطالب بإلغاء القرار، واستجاب عباس لمطلب إلغائه بعد أسبوعين من إصداره، وبحسب رد المركز على أسئلة "العربي الجديد"، فإن كل ما سبق من قرارات لم يرتبط بحالة طارئة، وينطوي إصدار القرارين على اغتصاب صلاحيات المجلس التشريعي وانتهاك فظ لأحكام القانون الأساسي والمبادئ الدستورية، عدا عن ذلك يلحق ضررا جسيما بالخزينة العامة ويعمّق الأزمة الاقتصادية، فالقرار بقانون رقم 4 لسنة 2020 منح امتيازا غير قانوني لشريحة كبرى من كبار الموظفين العموميين بتخصيص رواتب تقاعدية لهم دون مساهمتهم في صندوق التقاعد، كما أعطاهم الحق باسترداد اشتراكاتهم في صندوق التقاعد منذ توليهم وظيفتهم العامة، وأجاز لرئيس وأعضاء المجلس التشريعي ورئيس وأعضاء مجلس الوزراء والمحافظين الجمع بين مستحقاتهم التقاعدية من الخزينة العامة وأي مستحقات تقاعدية أخرى.
"على المقاس"
في 31 مارس 2024، نشرت الجريدة الرسمية قرار الرئيس عباس بتعيين وزير التنمية الاجتماعية السابق أحمد مجدلاني رئيساً لمجلس أمناء المؤسسة الوطنية الفلسطينية للتمكين الاقتصادي، علما أنه كان يترأس هذه المؤسسة خلال ولايته الوزارية في الحكومة الثامنة عشر، عملا بالفقرة 1 من المادة 7 في القرار بقانون رقم 1 لعام 2019، وتنص على ترؤس وزير التنمية الاجتماعية هذه المؤسسة، وما كان تعيينه في المنصب مجددا بعد أن أصبح خارج التشكيلة الوزارية سيكون ممكنا دون إجراء تعديل على القرار بقانون السابق، وبالفعل، وفي 27 مارس 2024، صدر القرار بقانون رقم 2 لعام 2024 وأتى بالتعديل المراد في مادته الثانية، وتقضي بـ"أن يكون للمؤسسة مجلس أمناء برئاسة شخصية تُعيّن بقرار من الرئيس"، وهذا يوضح، بحسب توضيح بلال البرغوثي، "أن هذا التعديل أجري لخدمة شخص وبالتالي يفتقد لمعيار القاعدة القانونية العامة المجردة بأن أصل القوانين هو خدمة الصالح العام".
ويشير البرغوثي إلى أن الأمثلة كثيرة على توظيف القرارات بقانون لتعديل قوانين سارية لغايات تعيين أشخاص محددين، أو تمديد مكوثهم في مناصبهم، "ليصبح التمديد أو التعيين على المقاس ولصالح أشخاص بعينهم ولخدمتهم"، واستعرض عددا منها، أبرزها القرار بقانون رقم 4 لسنة 2023 المعدل لقانون المخابرات العامة رقم 17 لسنة 2005، ليُمكن ماجد فرج، مدير المخابرات العامة المعين في منصبه منذ عام 2009، من الاستمرار فيه حتى ينهي الرئيسُ خدماته بنفسه، وكان النص سابقا يقضي بأن مدة تعيين رئيس المخابرات ثلاث سنوات، ويجوز تمديدها لمدة عام فقط.
تدخل القرارات بقانون حيّز التنفيذ دون إقرارها من المجلس التشريعي المُغيّب
أما القرار بقانون رقم 39 لسنة 2021 فقضى بتعديل قانون ديوان الرقابة المالية والإدارية رقم 15 لسنة 2004، بشكل يسمح بالتمديد 3 سنوات إضافية لرئيس الديوان، بعد أن كان ينص على أن مدة رئاسة الديوان سبع سنوات غير قابلة للتجديد، وهو ما أتاح إصدار القرار الرئاسي رقم 83 لعام 2022 والقاضي بالتمديد لرئيس الديوان سابقا إياد تيم، الذي مكث في منصبه منذ عام 2015 وحتى نهاية عام 2023، وأتبع المحامي بلال البرغوثي "كذلك في مطلع العام 2021 صدر القرار بقانون رقم 40 لسنة 2020 لتعديل قانون السلطة القضائية رقم 1 لسنة 2002، بحيث ألغى شرط العمر لمن يُعين رئيسا للمحكمة العليا، ولم يمض سوى يوم واحد على نشر القرار حتى وقّع الرئيس القرار الرئاسي رقم 7 لسنة 2021 بشأن تعيين القاضي عيسى أبو شرار رئيساً للمحكمة العليا ولمجلس القضاء الأعلى، كان عمره حينها قد تجاوز80 عاما واستمر في منصبه حتى قدم استقالته عام 2024، وهو ما اعتبره المحامي ابراهيم البرغوثي، إخلالا بمبدأ المساواة، لأن سائر القضاة في القضاء النظامي يُحالون للتقاعد عند بلوغ الـ 70 من عمرهم باستثناء رئيسهم".
وتلك القرارات، لا تتماشى مع المبادئ والتوجهات الدستورية، كما أنها خارج إطار تحقيق المصلحة العامة، وتأتي تلبية لمنافع ومصالح شخصية، ما يفتح الباب أمام تضارب المصالح، كما يرى المستشار القانوني لمؤسسة الحق - القانون من أجل الإنسان (غير حكومية) المحامي أشرف أبوحية، قائلا: "القرارات بقانون تحولت لأداة بيد السلطة التنفيذية من أجل الهيمنة على السلطات الأخرى".
إلا أن ذبالح يرى بأن "من يدّعون تفصيل القرارات، عليهم أن يسمعوا وجهة نظر الرئيس في أسباب إصدار مثل تلك القرارات، ألا يمكن أن يكون هناك وجهة نظر أو توصية من جهة معينه أنه لا بد من تعديل قانون ما بهذا الاتجاه للمصلحة العامة؟
تعزير هيمنة الرئيس
منح القرار بقانون رقم 6 لسنة 2022 بشأن جواز السفر الدبلوماسي (VIP) الرئيس الفلسطيني وحده حق منح هذا الجواز وأعطاه صلاحيات استثنائية لمنح الجواز الدبلوماسي لفئات غير المنصوص عليها في القانون، إما بمبادرة منه أو تنسيب من مجلس الوزراء، كما منحه القرار بقانون آنف الذكر السلطة التقديرية لسحب جواز السفر الدبلوماسي من أشخاص بدون مبرر، وفي ذلك خرق لمفهوم المساواة الذي كفله القانون الأساسي الفلسطيني، لأنه قد يستخدم لاستهداف المخالفين لوجهة نظر السلطة، أو لتصفية الحسابات السياسية أو التنظيمية، ضد المعارضين أو من يختلفون مع السلطة، كما يشرح بلال البرغوثي، وهو ما حدث فعلا مع عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية وأمين سر لجنتها السابق ياسر عبد ربه، وزوجته، وتكرر الأمر مع بسام أبو شريف مستشار الرئيس الراحل ياسر عرفات الذي سحب جواز السفر الدبلوماسي منه، ووزير الخارجية السفير السابق ناصر القدوة.
امتنع علي مهنّا، المستشار القانوني السابق للرئيس الفلسطيني عن الرد على "العربي الجديد"
"ويجسد القرار بقانون رقم 5 لسنة 2020 والخاص بإنشاء ديوان الرئاسة ومنحه صلاحيات إشرافية وتنفيذية على كل المستويات، تفرد جهة واحدة بمهام واختصاصات السلطات الثلاث، وجوهر القرار فيه تكريس لنظام يجمع كل السلطات في يد ديوان الرئاسة، الذي مُنح صلاحيات مطلقة تشمل سائر المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، وهو ما يُطيح بمبدأ الفصل بين السلطات، ويمثل تعديلا جوهريا على النظام الدستوري، وتجاوزا ملحوظا لاختصاصات الرئيس المشار اليها بالقانون الأساسي، وإهدارا لمبدأ سيادة القانون واستقلال ونزاهة القضاء، ويعزز حالة غياب أو تغييب المجلس التشريعي"، بحسب إبراهيم البرغوثي.
"وتستمر الرئاسة الفلسطينية بإصدار قرارات بقوانين لم تخدم المصلحة العامة، وإنما لتعزيز هيمنة مكتب الرئيس على المؤسسات الحكومية وخاصة الرقابية منها، مثل القرار بقانون المتعلق بتعديل قانون ديوان الرقابة، والذي أتاح المجال للرئيس التحكم في اختيار رئيس الديوان دون تنسيب من أي جهة، ومنحه السلطة التقديرية في التمديد لرئيس الديوان لثلاث سنوات بعد انتهاء المدة الأصلية له المحددة بسبع سنوات، وهو ما يؤكده التقرير السنوي الرابع عشر للائتلاف من أجل النزاهة والمساءلة - أمان، الصادر عام 2021 تحت عنوان: إصدار قرارات بقوانين للهيمنة على الحكم ولتحقيق مكتسبات خاصة.
تغييب لدور الشعب والجهات المختصة
يرجع مدير عام الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان - ديوان المظالم (مؤسسة رسمية ذات إدارة مستقلة) الدكتور عمار الدويك سبب الجدل الدائر حول بعض القرارات بقانون، إلى غاب الأولويات التشريعية نتيجة لعدم وجود خطة معلنة وانعدام الشفافية، أو إجرء مشاورات واضحة، وأضاف أن "أحد الجوانب الإشكالية المرتبطة بمثل تلك القرارات، عدم نشر المسودات الخاصة بتلك القرارات لإفساح المجال للرأي العام أو المؤسسات ذات العلاقة لإبداء الرأي الكافي حولها، لذلك نجد أنها مفاجئة وكأنها هبطت على المجتمع بالبراشوت".
وفعليا، صدرت بعض القرارات بقانون دون دراسة أو تشاور أو حوار مجتمعي كاف مع الجهات التي قد تتأثر من هذا القانون، فصدرت أو عدلت قوانين ولم تعرف بها أو بفحواها لا الحكومة ولا حتى الوزراء ذوو العلاقة المباشرة، ويستعرض الدويك بعضها وفق ما رصدته الهيئة المؤسسة بموجب مرسوم رئأسي قائلا: "من الأمثلة على ذلك التشريعات الإجرائية القضائية التي صدرت وفق القرارات بقانون رقم 7 و8 و12 لسنة 2022 والمتعلقة بـ تعديل قانون الإجراءات الجزائية، و تعديل قانون أصول المحاكمات المدنية والتجارية، وتعديل قانون التنفيذ، ولم تكن وزارة العدل تعرف بها. كذلك الحال بالنسبة للقرار بقانون رقم 51 لسنة 2022 المتعلق بإنشاء نقابة الأطباء الفلسطينيين، والذي نص على إنشاء مجلس تأسيسي يتولى إعداد مشروع قانون النقابة، ولم تكن وزارة الصحة ولا نقابة الأطباء على علم به ولم يعرض عليهما بل تفاجآ بالقرار".
وهو أمر يؤكده عضو مجلس نقابة الأطباء الفلسطينيين، ونقيب أطباء محافظة قلقيلية شمالا، الدكتور رمزي أبو يمن في حديثه لـ"العربي الجديد" بأنه "لم يتم التشاور مع النقابة، حتى وزارة الصحة لم يكن لديها علم بالموضوع"، موضحا أن القرار بقانون رقم 51 لسنة 2022، نص على إنشاء نقابة أطباء فلسطينية، وتكليف لجنة تأسيسية تحضيرية لنقابة أطباء فلسطين (وإحالة جميع صلاحيات النقابة الحالية إليها)، ويرى أن ذلك يعني "أن اللجنة التي تم اختيار الأسماء فيها (على المقاس) لجنه بديلة للجنة النقابة الحالية، وهو ما يعني عمليا حل النقابة بطريقة او بأخرى!"، معتبرا أن هذا القرار يُعد انقلابا، خاصة أنه جاء بعد 4 أشهر من فوز قائمة المستقلين بانتخابات نقابة الأطباء" واتُخذت هذه الخطوة لإنهاء هذه النقابة غير المسيطر عليه، إثر ذلك، يتابع أبو يمن "عقدنا اجتماعات مطولة مع عدد من الشخصيات الرسمية والمؤسسات الحقوقية إضافة لوزارة الصحة، تمخض عنها الاتفاق على تعديل القرار، حيث تم التوافق على الصيغة والبنود التي نراها مناسبة وفيها حماية للنقابة، ومن أهمها أن النقابة الحالية هي اللجنة التأسيسية لنقابة أطباء فلسطين القادمة، لذلك نعتبر أن تغيير قرار بقانون خلال 10 أيام فقط يعد إنجازا عظيما للنقابة".
تواصل "العربي الجديد" مع القاضي وائل لافي، المستشار القانوني الحالي للرئيس الفلسطيني، عبر تسليم رسالة لمكتب البريد في مقر الرئاسة في مدينة رام الله، ولم يتلق أي رد لغاية تاريخ نشر هذا التحقيق
وفي الوقت الذي يقرّ فيه ذبالح بعدم التشاور المسبق مع وزارته بخصوص القرارات بقانون المرتبطة بالتشريعات الإجرائية القضائية، يستدرك بقوله أن: "المشاورات ظاهرة صحية، إلا أن التشاور ليس شرطاً لإصدارها"، ويوضح مدافعا أن "الرئيس وبحسب المادة 43 من القانون الأساسي صاحب السلطة التقديرية في ممارسة السلطات التشريعية للمجلس التشريعي، له أن يصدر قرار أو لا يصدره دون الرجوع للحكومة، وكذلك تقدير حالة الضرورة التي لا تحتمل التأخير من عدمه، ودون أن تخضع سلطته التقديرية لأي رقابة قضائية".