فلسطينيو الخليج:
رحلة البحث عن العمل

خالد الخالدي


لم تكن دول الخليج الخيار الأول أمام هجرة الفلسطينيين، من أراضيهم عام 1948، ولم يأتوها في الأغلب لاجئين باحثين عن المأوى مباشرة وحماية من الهجمات والمجازر الصهيونية كما حصل مع الفلسطينيين الذين لجأوا إلى غزة أو شرق فلسطين (الضفة الغربية)، وإلى مصر والأردن وسورية ولبنان أو حتى الذين تهجروا ضمن المناطق التي قامت عليها إسرائيل وبقوا فيها (فلسطينيو 1948).

كانت الهجرة إلى الكويت، كحال الهجرة إلى دول الخليج، قراراً اتخذه الفلسطينيون الأفراد خلال وجودهم في مخيمات اللاجئين أو في البلدان والمناطق المتاخمة التي لجأوا إليها خلال الحرب العربية – الإسرائيلية الأولى عام 1948، فالكويت بحكم موقعها الجغرافي الأبعد لم تكن الخيار الأول بعد النكبة، بل خيار عمل ومحطة تحول أتت بعد محطة سابقة في المناطق المتاخمة لفلسطين.

وتمثل الجالية الفلسطينية في الكويت المجتمع الفلسطيني الأصلي بكامله، فالفلسطينيون في الكويت لغاية 1991 انحدروا من أنحاء فلسطين المختلفة ومن الطبقات الاجتماعية والخلفيات الدينية المختلفة، ومن العائلات والقرى والبلدات الكبرى كافة، إذ إنهم لم ينزحوا من المناطق الريفية فحسب، بل جاءوا أيضاً من المدن الفلسطينية.


المهاجرون الأوائل:

سجل الفلسطينيون أول ظهور تقريبي لهم في الكويت عام 1936، حينما وصل فريق تربوي فلسطيني من أربعة مدرسين هم أحمد شهاب الدين (الذي أصبح كويتياً فيما بعد) وجابر حديد وخميس نجم ومحمد المغربي، وقاموا بتأسيس النظام الكويتي التربوي بعد دعوتهم من قبل مجلس التعليم الكويتي.
 
وما بين عام 1948 ومنتصف الخمسينيات توافد إلى الكويت المئات من الفلسطينيين المتعلمين من الأطباء والمهندسين والمعلمين للمشاركة في نهضة الكويت بعد اكتشاف النفط، واستعدادها للاستقلال، حيث مثلت الطبقة المتعلمة موجة الهجرة الأولى إلى الكويت.

طلاب يدرسون في مدرسة تجارية بالكويت عام 1955  (مصدر الصورة: Getty)

موجة الهجرة الثانية:

في منتصف الخمسينيات بدأت موجات الهجرة الثانية التي كانت تتألف من الفلاحين الفلسطينيين الفقراء الذين اضطروا لدخول الكويت عبر طرق التهريب المعروفة بين الحدود العراقية والكويتية، أو عبر البحر، حيث توفي العشرات منهم بسبب الحر الشديد أو الغرق في مياه البحر، وذلك بسبب رفض السلطات البريطانية التي كانت تستعمر الكويت استخراج أذونات دخول لهم.

وبعد استقلال الكويت عام 1961 بدأ الفلسطينيون بالدخول بشكل طبيعي مرة أخرى للكويت، حيث صارت الجالية الفلسطينية أكبر جالية وافدة في البلاد، خصوصاً بعد حرب 1967 حينما سمحت الكويت لكل الفلسطينيين بجلب عائلاتهم، إذ وصل عددهم قبل الغزو العراقي إلى الكويت عام 1990 إلى 380 ألف نسمة من أصل مليون و700 ألف نسمة يعيشون في الكويت.

أثناء الغزو العراقي تسببت مواقف منظمة التحرير الفلسطينية المؤيدة لصدام حسين وبعض المنظمات الأخرى بخروج أكثر من 200 ألف فلسطيني من الكويت بعد تحرير البلاد عام 1991.

وقررت الحكومة الكويتية إبعاد الجزء الأكبر من الفلسطينيين المتبقين في الكويت، والذين تراوحت أعدادهم بين 150 إلى 180 ألف نسمة. وقد أبعد الجزء الأكبر منهم إلى الأردن (التي كانت الأغلبية تحمل جنسيتها) في عملية ترحيل كبيرة، وصفت بأنها الكبرى في تاريخ الكويت، فيما بقي الآخرون في الكويت بعد كفالة بعض الكويتيين الشخصية لهم أمام وزارة الداخلية ومجموعات المقاومة الكويتية المسلحة في البلاد.

فلسطينيون في طابور  بأحد شوارع الكويت أثناء حرب الخليج عام 1991 (تصوير آلان تانينباوم/Getty)

الوضع القانوني


يصنف الفلسطينيون في الكويت مقيمين عاديين مثلما تصنف الجنسيات الأخرى، وهم مشمولون في نظام الكفالة (أي يجب أن تكفلهم جهة عمل ما للعمل في الكويت) وليسوا مصنفين لاجئين ولا يحصلون على أي معاملة خاصة.

- أعداد الفلسطينيين الحالية في الكويت:
يُقدر عدد الفلسطينيين في الكويت حالياً ما بين بـ 60 ألف و 70 ألف فلسطيني مقيم فيها.

- مناطق وجود الفلسطينيين في الكويت:

عاش الفلسطينيون في الكويت في العاصمة الكويت بحكم أعمالهم في القطاعين العام والخاص، لكن مع وصول العائلات الفلسطينية وترسخ الوجود الفلسطيني في البلاد، وجد الفلسطينيون في منطقتين رئيسيتين هما حولي (التي يُطلق عليها الكويتيون قبل الغزو فلسطين الصغرى) والسالمية.

ولا يزال من تبقى من الفلسطينيين في هذه المناطق حتى اليوم، مع حضور قليل في منطقة الجهراء شمال الكويت والأحمدي أقصى جنوب الكويت.

* في هذا الجزء نستعرض اللجوء الفلسطيني إلى الكويت.