سبايك لي ودونالد ترامب... توتر واتهامات متبادلة

سبايك لي ودونالد ترامب... توتر واتهامات متبادلة

04 مارس 2019
سبايك لي مع جائزة الأوسكار (Axelle/Bauer-Griffin/FilmMagic)
+ الخط -
إن علاقة الفن بالسياسة علاقة منتظمة متداخلة ومتباينة في آن معًا. وإذا توجهنا إلى أقرب حدث فني شهد تجاذبات سياسية سواء في كواليسه أو كان جليًا بشكل بانورامي، فإن حفل توزيع جوائز الأوسكار بنسخته الـ 91 والذي أقيم منذ أيام، هو أنسب حدث يوضح شكل تلك العلاقة، خاصة عندما يتعلق الأمر بمسألة شديدة الحساسية كمسألة العنصرية. 

بعيد انتهاء حفل "أكاديمية الفنون وعلوم السينما" لتوزيع جوائز الأوسكار، وفوز المخرج الأميركي شيلتون جاكسون الملقب بـ"سبايك لي" بجائزة الأوسكار لأفضل سيناريو مقتبس عن فيلم "black klansman"، علق الرئيس الأميركي دونالد ترامب على حسابه الخاص على تويتر، حول مضمون الخطاب الذي ألقاه، لي، أمام الجمهور عقب نيله الجائزة، مستهزئًا في البداية من تعثر لي أثناء إلقاء خطابه، قائلًا: "من الجيد لو استطاع لي قراءة ملاحظاته"، وذلك بعد أن وجه لي خطابه للجمهور مستعينًا بملاحظات كتبها على ورقة بخط يده. ثم استنكر ترامب دعوة لي للناخبين السود للتعبئة واختيار "الحب بديلًا عن الكراهية" في انتخابات 2020 المقبلة، فأضاف ترامب بلهجة أكثر حدة: "سبايك لي يشن حملة عنصرية على رئيسه".

عاد لي في بداية حديثه إلى تاريخ أسلافه، واعتبر شهر فبراير/ شباط، شهر الأفارقة الأميركيين بامتياز، حيث تزامن موعد نتائج الأوسكار مع الشهر الذي بدأت فيه معاناة الأفارقة الذين جلبوا إلى فرجينيا من قبل تجار العبيد والنخاسين قبل أربعة قرون مضت، أي منذ عام 1619. وأشاد بدور أجداده في بناء أميركا وإيصالها إلى ما هي عليه الآن. إضافة إلى تشجيعه في ختام حديثه حول أهمية الاختيار المناسب، إذ قال: "الحكمة ستعود، طالما هناك حب، الانتخابات الرئاسية على مقربة، لنجتمع عند الجهة الصحيحة من التاريخ"، هو على ما يبدو ما أثار استهجان ترامب ودفعه للتعليق بشكل مباشر مفترضًا كلام لي موجهًا لشخصه، ومشيرًا إلى أن فترة رئاسته تخللها كثير من الإنجازات والتسهيلات أكثر من أي رئيس سابق، في حق الأميركيين الأفارقة، منها "إصلاح العدالة الجنائية، تخفيض الضرائب، فضلًا عن تدني أرقام البطالة بشكل كبير في عهده". ردة فعل ترامب هذه، أثارت غضب واستهجان الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، منهم من وصف هجوم ترامب على سبايك لي بالحقير، وآخرون رأوا تصرفه أمرًا طبيعيًا اعتادوا عليه، فليس غريبًا على ترامب أن يقوم بهجمات علنية ضد المواطنين العاديين بالاستناد إلى اتهامات كاذبة وعنصرية.

كما علقت المحامية ورئيسة صندوق الدفاع القانوني "NAACP" في الجمعية الوطنية للنهوض بالملونين، شيرلين إيفيل، ردَا على هجوم ترامب تجاه لي قائلة: "خطاب سبايك لم يكن عنصريًا، كان حقيقيًا ومؤثرًا وملهمًا. وحديثه عن أمه المريضة وأسلافها يذكرنا بماضي الأمم التي شهدت العنف، ثم دعانا لنفرق بين العنف والكراهية، وهو بذلك لم يذكر اسمك في خطابه أبدًا". بالمقابل رد المخرج، سبايك لي، على ترامب بنوع من الاستهتار والسخرية، حيث يرى أن رسالة ترامب ما هي إلا محاولة لإعادة صياغة الحوار في سياق سردي متقلب سبق، واعتدنا عليه.

الجدير بالذكر أن سبايك لي سبق ودعا ترامب إلى مشاهدة فيلمه "بلاك كلانزمان" الذي صدر في 9 أغسطس/ آب العام الماضي، كنوع من الاستفزاز. إذ يحاكي الفيلم شكل العلاقات بين الأعراق في الولايات المتحدة على مدى عدة عقود. وهو مقتبس عن قصة حقيقية لمحقق شرطة أميركي أسود تمكن من اختراق حركة "ku klux klan" التي تؤمن بتفوق العرق الأبيض ومعاداة السامية وتعارض قانون الحقوق المدنية وإنهاء العنصرية. ولا تزل نشاطات هذه الحركة قائمة حتى الآن، ولكن شعبيتها تراجعت بشكل كبير ومختلف عما كانت عليه في بداياتها عام 1920.

المساهمون