بعد قرنين من سرقته... هل يعود "حجر رشيد" لمصر؟

بعد قرنين من سرقته... هل يعود "حجر رشيد" إلى مصر؟

14 نوفمبر 2018
حجر رشيد (Getty)
+ الخط -
بالرغم من الحديث المتكرر عن ضرورة عودته، فإن أحداً من الحكومة المصرية لم يطلب من بريطانيا رسمياً استعادة "حجر رشيد" الموجود في المتحف البريطاني، منذ استولى عليه جنود بريطانيون سنة 1801 بعد هزيمة جيش نابليون في مصر. والآن يكتفي مدير المتحف المصري الكبير، طارق توفيق، بأن يتحدث لمجلة "إيفنينغ ستاندرد" البريطانية" ويقول: "سيكون من الرائع إعادة الحجر، لكن ذلك سيتطلب الكثير من المناقشة والتعاون". وفي المقابل، تردّ المتحدثة باسم المتحف البريطاني، وتقول: "لم نتلق طلباً لعودة حجر رشيد"!

وتكمن أهمية هذا الحجر، وهو من مادة الجرانودايوريت، في كونه يحتوي النقوش الكتابية التي استطاع العلماء من خلالها فك رموز اللغة المصرية القديمة، ومن ثم معرفة ما كان مخفياً من التاريخ الفرعوني العريق.

يتضمن النص المكتوب على الحجر مرسوماً صدر في "ممفيس" سنة 196 قبل الميلاد نيابة عن الملك، بطليموس الخامس، وكتب بثلاث لغات، هي اللغة الهيروغليفية، اللغة الدينية المقدسة لدى المصريين، ثم اللغة الديموطيقية وهي اللغة المصرية الشعبية، ثم اليونانية القديمة. حيث أعطت الترجمة الثلاثية للنص مفتاحاً مهماً لفهم اللغة المصرية القديمة.

اكتشف الحجر بالقرب من مدينة رشيد في دلتا النيل سنة 1799م على يد أحد جنود الحملة الفرنسية الذي يدعى بيير فرانسوا بوشار (1772-1832م)، وقد تسلمته إنكلترا من فرنسا، مع مجموعة أخرى من الآثار التي عثروا عليها في مصر، بموجب اتفاقية العريش بين القائد البريطاني، نيلسون، وزعيم الحملة الفرنسية الفاشلة على مصر، مينو.

والحجر المكتشف غير منتظم الشكل، ارتفاعه 113 سم وعرضه 75 سم وسمكه 27,5 سم. وقد فُقدت أجزاء منه في أعلاه وأسفله. ويتضمن مرسوماً من الكهنة المجتمعين في مدينة منف (ميت رهينة بالجيزة) يشكرون فيه الملك بطليموس الخامس (204 ق.م – 180 ق.م) لقيامه بوقف الأوقاف على المعابد، وإعفاء الكهنة من بعض الالتزامات. ولا يُعرَف على وجه الدقة كيف انتقل الحجر من منف إلى منفيس، ولكن يرجح أنه انتقل في العصر المسيحي بين الأحجار التي نقلت من أجل بناء بعض المنشآت. وكانت هناك عدة محاولات لفك رموزه من سلفستر دي ساس  وأكربلاد" اللذين كانت لهما عناية خاصة باللغة الديمطيقية، والبريطاني توماس يونغ.

والكتابة الهيروغليفية تتكون من دلالات صوتية، والأسماء الملكية مكتوبة داخل أشكال بيضاوية (خراطيش). إلى أن جاء العالم الفرنسي جان فرانسوا شامبليون (1790-1832م) و قام بجهد كبير في فك رموز هذه اللغات الثلاث، التي كانت منقرضة آنذاك. كان النص المكتوب يمجد فرعون مصر ويتحدث عن إنجازاته، وقد كتبه الكهنة ليقرأه العامة والخاصة من كبار المصريين والطبقة الحاكمة. وقد أنجز شامبليون مهمته بنجاح سنة 1822م.

ساعد هذا الاكتشاف في التأسيس لعلم المصريات في العصر الحديث، واستنسخت العديد من النسخ الحجرية والنسخ الجصية المصبوبة من حجر رشيد، حيث بدأ تداولها بين المتاحف والعلماء الأوروبيين. ومن يومها، بدأ العلماء في إعادة كتابة التاريخ المصري القديم بناء على الاكتشافات الحفرية والبرديات واللوحات والنقوش الموجودة على جدران المعابد والمقابر.

المساهمون