الصيد في غزّة.. الاستعاضة عن المراكب ببنادق متخصصة

الصيد في غزّة.. الاستعاضة عن المراكب ببنادق متخصصة

30 يونيو 2015
يتحايلون على الحصار بوسائل عدة بحثاً عن الرزق(عبدالحكيم أبورياش)
+ الخط -
مع حلول مساء كل يوم، يترقب الشاب الفلسطيني نضال أبو جياب (28 عاماً)، بشغف شديد، غياب أشعة الشمس بالتزامن مع انخفاض منسوب أمواج البحر قبالة شواطئ مدينة غزة، ليبدأ على الفور في تجهيز نفسه لرحلة غطس جديدة تحت الماء، بحثاً عن رزقه من الأسماك، بواسطة بندقية صيد مخصصة لذلك.

وبهمّة عالية وحركة سريعة، يجهّز أبو جياب بندقية الصيد التي تعتمد على مبدأ الضغط الهوائي مرتدياً في قدميه الزعانف المطاطية وعلى عينيه نظارة مائية، مستغنياً في الوقت ذاته عن بذلة السباحة السوداء، فدفء مياه البحر في فصل الصيف كفيل بأن يقيه من نزلات البرد كالتي تحدث معه خلال موسم الشتاء.

ويقول الشاب أبو جياب، لـ"العربي الجديد"، إنه يمارس مهنة الصيد تحت الماء بواسطة البندقية والغطس، منذ أكثر من 15 عاماً، وقبل نحو عام فقط، تمكن بصعوبة بالغة من الحصول على كشاف إنارة عازل للماء، الأمر الذي ساعده على ممارسة مهنة الصيد في الليل أيضاً.

عمل شاق
وتتركز غالبية عمليات الصيد في المناطق التي تكثر بها الصخور، حيث تعتبر تلك المناطق بمثابة موطن مؤقت للعديد من أصناف الأسماك، التي تهاجر في منتصف العام من المناطق الباردة إلى الشواطئ الدافئة، مثل سمك البوري الكبير والكرفوش والدنيس، وكذلك اللقوص الصخري.

وتبدأ عملية الصيد، التي تعتمد على مبدأ الغطس الحر دون عبوات الأكسجين، بمحاصرة السمك في منطقة صخرية عبر إحاطة المنطقة من كافة الجوانب بشباك مخصصة لتقييد حركة الأسماك فقط.

اقرأ أيضاً: حصار التعليم في غزة

ويوضح أبو جياب أنه بعد محاصرة السمك داخل الشبك، يغطس برفقة أفراد المجموعة التي ترافقه، لاصطياد الأسماك التي تعلق بين الصخر والشباك، عبر الضغط على زناد بندقية الصيد، التي يحملها كل شخص، فينطلق منها كالرمح سيخ حديدي له رأس ثلاثي مذبذب يعلق بجسم السمكة.

وتوضع الأسماك التي تعلق بالرمح، داخل سلة تكون مثبتة حول منطقة الحوض، وتفرغ الأسماك تباعاً داخل صندوق موجود على متن قارب صغير يطفو على سطح الماء، فيما يتوجب إبقاء مسافة لا تقل عن متر بين نقطة انطلاق السهم والسمكة المراد اصطيادها، تجنباً لردة الفعل المعاكسة.

ويمارس مهنة الصيد تحت الماء العديد من الشبان الغزيين، سواء بشكل فردي أو جماعي، الأمر الذي يمكّنهم من توفير بعض الأموال وفق الكميات التي يصطادونها خلال رحلة الصيد، التي قد تستمر لنحو عشر ساعات متواصلة، كحال الشاب محمد شكري، الذي يعتمد على تلك المهنة كمصدر دخل مالي وحيد.

ويقول الشاب شكري (25 عاماً)، لـ"العربي الجديد"، إنه لجأ إلى مهنة الصيد بواسطة البندقية، رغم ما يصحبها من تعب ومخاطر، بسبب عدم قدرته على شراء قارب للصيد بواسطة الشباك أو خشية من اعتداءات جنود البحرية الإسرائيلية.

وعن العمل خلال الليل، يبيّن شكري أن الصيد تحت الماء يُمارس في مختلف فصول السنة، ولكن نتيجة لحركة سفن الصيد الكبيرة أو الصغيرة خلال النهار وابتعاد الأسماك عن أماكنها المعتادة قبالة سواحل قطاع غزة على البحر الأبيض المتوسط، يلجأ الصيادون الشبان للعمل في ساعات المساء المتأخرة حتى شروق الشمس.

ويشترط قبل النزول إلى المياه، هدوء أمواج البحر وتراجع حدة التيارات الهوائية والرياح، بجانب قدرة الشخص الممارس للمهنة على كتم الأنفاس لبضع ثوانٍ وكذلك تحمّل ضغط الماء والتيارات المفاجئة.

مخاطر متعددة
ويتعرض العاملون في مهنة الصيد بواسطة الغطس الحر، للعديد من المخاطر والإصابات الجسدية، كالجروح في مختلف أنحاء الجسم وتشوهات في الساقين بسبب ارتطامهما بالصخور الخشنة، بجانب تكسر في فقرات الظهر بفعل التيارات الهوائية واحتمال وصولهم إلى عمق 12 متراً أو أكثر.

ويعاني الصيادون الشبان من منع الاحتلال الإسرائيلي إدخال مختلف معدات الصيد اللازمة لعملهم، خاصة عبوات الأوكسجين المخصصة للتنفس والكشافات الليلية وكذلك بنادق الصيد ذات الجودة العالية، التي تساعدهم في حال توفرها في زيادة كميات الأسماك المصطادة وكذلك توفير الجهد والوقت عليهم.

اقرأ أيضاً: صيادو غزة يلجأون إلى "استزراع السمك"

جدير بالذكر أن قطاع غزة يستعد لاستقبال سفن أسطول "الحرية 3"، القادم من السويد، على أمل كسر الحصار المفروض على غزة وفتح ممر بحري إلى القطاع. ويشارك في هذا الأسطول الذي تنظمه "الهيئة الدولية لكسر حصار غزة"، عدد من السياسيين، والمثقفين، والفنانين، والرياضيين، من مختلف أنحاء العالم، وفي مقدمتهم الرئيس التونسي السابق، محمد منصف المرزوقي، والناشط الأسترالي، روبرت مارتين، والراهبة الإسبانية، تيريزا فوركادس، والناشط الكندي، روبرت لوف لايس.

المساهمون