العرّاب متلفزاً: مافيا الفساد العربية

العرّاب متلفزاً: مافيا الفساد العربية

21 يونيو 2015
جمال سليمان في "عرّاب حاتم علي"
+ الخط -

الإجابة عن سؤال لماذا يتّجه صنّاع الدراما السورية إلى "تشويم" رواية أو فيلم "العرّاب"، تحيلنا إلى مستويَين من البحث، أوّلهما سبب اختيار هذه الرواية، وثانيهما سبب اختيارها "الآن" تحديداً. 

عموماً، يكون العامل الحاسم في اختيار رواية ما لتحويلها إلى سيناريو، هو اختزانها طاقةً درامية في ما تتضمّنه من أحداث متشعّبة وشخصيات فاعلة في ما بينها وفاعلة مع محيطها، فضلاً عن تميّزها بملفوظ سردي يمكن تحويله إلى صور وأفعال مرئية وحوارات... وتلك شروط توافرت في رواية ماريو بوزو الشهيرة "العراب"، وثبتت فاعليتها في ما اقتبس عنها من مقترحات درامية.

أما توقيت تحويل الرواية إلى سيناريو، فيتحكّم به غالباً منطق السوق والمزاج الشعبي، كأن تكتسب الرواية شهرة واسعة تدفع المنتجين لاستثمارها في عمل تلفزيوني أو سينمائي، أو تلامس موضوعاتها، على نحو مباشر أو موارب، الحارّ واليومي، الأمر الذي يغري المنتجين لمحاكاة الواقع بمقترح درامي عنها. وقد يكون اختيار رواية لتحويلها إلى سيناريو ضمن مشروع فنّي كإحياء موروث مبدع ما، أو تبني إنتاج روايات محلية وسواها.. فإذا استبعدنا الافتراض الأخير، كوننا لم نسمع أحداً من صناع المسلسلين يتحدّث عن مشروع في هذا السياق، يبقى من أسباب تحويل الرواية، الآن، أمران: شهرتها، وهي مسألة قديمة مرّ عليها أكثر من 40 عاماً، وليس اكتشافاً طارئاً ليستثمر الآن، أما الأمر الثاني فهو تقاطعها مع واقع معاصر.

تشرّح رواية "بوزو" المجتمع الأميركي، وتكشف بنية القوانين التي تحكمه والعلاقات السائدة فيه، التي تتيح المجال لصعود عصابة من "المافيا" بقفّازات حريرية، تقبض على سائر مناحي الحياة، وتمتدّ في مؤسسات المجتمع لتفرض قوانينها الخاصة، التي تشرّع لها القتل والإجرام والكسب غير المشروع، بل والتصرف بمصائر البشر.. وذلك مضمون يجد ظلاله في واقع الحياة السورية منذ عقود، ولكنه ليس طارئاً يستدعي الآن مقاربته، وليس جديداً لتتنافس شركتا إنتاج على الظفر بقصب السبق في مقاربته درامياً، فقد سبق وقدمته الدراما السورية في أكثر من عمل درامي، بكل الأحوال لا شيء يمنع من مقاربة ذلك المضمون مجدداً، فقد سبق وقدمت أعمال شكسبير، على سبيل المثال، ضمن مقترحات درامية كثيرة، ولم يتوقّف اقتباسها حتى الآن.. ولكن، الاقتباس الجديد كان يُحاكم دائماً على أساس تقديمه رؤية وبنية درامية جديدة للعمل، تحمل قراءة معاصرة للأصل القديم، وتنقل رسالة مهمة لجمهورها، فأي رسالة جديدة وحارة يريد نقلها العملان لجمهورهما اليوم، تستدعي التنافس على الأصل ذاته؟

إقرأ أيضاً: جمال سليمان: ما المانع من تقديم رؤيتين لـ"العراب" درامياً 

لنتجاوز، إذاً، الجدل الدائر الآن حول أي من عملين سيتفوّق على الآخر، فاستحقاقهما الحقيقي هو الجدوى من اقتباسهما الآن عن الرواية أو الفيلم، ومدى إخلاصهما للمحلية السورية وقدرتهما على حمل رسائل معاصرة لجمهورهما، وبعدها لنقارن العملين مع ما أنتجته الدراما السورية من قبل في ذات السياق، لنحكم على الجديد فيهما، ولنقارنهما مع ما تنتجه الدراما العربية اليوم.. والحكم على ذلك كله يبقى رهن انتهاء عرض العملين، وحتى يأتي ذلك الوقت لنستمتع بمشاهدة عملين سوريين لمخرجين ونجوم متميزين، لنبحث بعدها عن إجابات لأسئلتنا السابقة، بدلاً من تتبع إنشاء جداول مقارنة بينهما.

العرّاب السوري بين مُخرجَين
تدخل الدراما السورية نادي تحويل رواية ماريو بوزو الشهيرة، "العرّاب"، إلى سيناريو من بابه الواسع، فتعدّ عنها عملَين للتلفزيون، الأوّل بتوقيع المخرج حاتم علي والكاتب رافي وهبي، والثاني للمخرج المثنّى صبح والمؤلف حازم سليمان.

المساهمون