"قلم حمرة": نسخة مشوهة تتبناها "لنا"

"قلم حمرة": نسخة مشوهة تتبناها "لنا"

12 يوليو 2019
جلال شموط وسلافة معمار في المسلسل (يوتيوب)
+ الخط -
حاولت قناة "لنا" السورية منذ افتتاحها العام الماضي تقديم صورة مختلفة عن باقي القنوات السورية، إذ رغبت في البداية أن تكون خارج التأطير السياسي الذي يقسم القنوات السورية ما بين موالية للنظام ومعارضة له، لتكسب متابعين من كلا الطرفين. واستطاعت أن تلعب ضمن تلك المساحة، رغم أنها لم تقدم في الأشهر الأولى سوى مسلسلات درامية سورية، معظمها أُنتج قبل عام 2011. وبينت حياديتها وانفتاحها من خلال عرض مسلسلات تتضمن نجوماً معارضين، أمثال جمال سليمان والراحلة مي سكاف، في الوقت الذي حظرت معظم أعمال هؤلاء الفنانين على قنوات التلفزيون السوري الرسمية.

وعلى الرغم من أن البرامج المنوعة التي بدأت القناة بعرضها في وقت لاحق بينت توجهها السياسي نحو النظام السوري بشكل واضح، إلا أن ذلك لم يؤثر مباشرة على طريقتها المنفتحة في اختيار مسلسلات، من دون أن تقرنها بتوجه سياسي. إلا أن ذلك لم يقلل من غرابة الإعلان عن عرض مسلسل "قلم حمرة" المعارض على قناة "لنا"، وقد تحمس أنصار فكرة فصل الفن عن السياسة للخطوة التي تقدم عليها القناة، ووصفها البعض بالجريئة، وبأنها تتخطى الخطوط الحمراء.

لكن بعد أن بدأت القناة ببث "قلم حمرة"، تبين أن ما تقوم به ليس سوى تقديم صورة مزيفة عن حرية الإعلام، فالفضائية استخدمت "قلم حمرة" لتحدد الخطوط الحمراء التي يجب ألا تتجاوزها الدراما بمنظورها، فحذفت عشرات المشاهد، وشوهت الحكاية من خلال التدخل الرقابي المشدد الذي حوّل المسلسل من عمل فني يحاكي الثورة السورية إلى مسلسل اجتماعي يعرض علاقات الشباب السوري المثقف في زمن "الحرب".
وبعد عرض الحلقات الأولى، بدأ الجمهور يستخدم مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن رفضهم التشويه الفني الذي خلقته قناة "لنا" من خلال المونتاج، وعلقوا على منشورات قناة "لنا" ليعلنوا رفضهم التدخل الرقابي؛ فاستخدمت "لنا" صفحتها على فيسبوك لترد على المعترضين في منشور ذكرت فيه: "من اليوم الذي بدأنا فيه مشوارنا سوياً كافة المسلسلات التي عرضناها ونقوم بعرضها حاليا أو سنعرضها مستقبلاً لم تخضع لأي رقابة من قبلنا، مهما كان حجمها، ولا أي مرة قمنا بأي تعديل بها، بسيطاً كان أم كبيراً... نحن نعرض الأعمال الدرامية تماماً كما تصلنا من شركات الإنتاج التي تزودنا بها". لتدعي القناة أن المشكلة في شركة الإنتاج وليست فيها.

وفي المقابل، فإن فريق عمل المسلسل قد ردّ على ما نشرته قناة "لنا"، من خلال الصفحة الخاصة بالمسلسل على "فيسبوك"، حيث نشرت عدة منشورات تطالب فيها القناة بإيقاف عرض النسخة المشوهة عن المسلسل. وتساءلت عن جدوى عرض مسلسل حذقت نصف مشاهده، وانتقدت تصرف القناة، وذكرت أن عرض هذه النسخة المشوهة من المسلسل لن تبين للناس أن هناك حرية رأي في سورية.
وما حدث فعلياً يبين السقف الذي قد تصل إليه الأعمال الفنية السورية في النسخ المنفتحة من القنوات التابعة له، فهذه القنوات قد تتغاضى عن وجود ممثلين معارضين، ولن تقص مشاهد من مسلسل ما بسبب ظهور شخصية معارضة، كما فعل التلفزيون السوري حين حذف مشاهد سلافة عويشق من مسلسل "هومي هون"، ولكنه في المقابل لن يعرض أي مشهد لا يخدم رواية النظام في الأحداث السورية، لتبدو الرقابة المنفتحة رقابة على المضمون فقط من دون شخصنة الأمور.

المساهمون