البوب الكوري... صناعة موسيقية وظاهرة اقتصادية - فنية

البوب الكوري... صناعة موسيقية وظاهرة اقتصادية - فنية

19 يناير 2020
تصدرت BTS قائمة "بيلبورد" (فيسبوك)
+ الخط -
صار الاقتصاد الكوري الجنوبي أكثر ثراءً على مدار العقدين الأخيرين. ودفع تصدير فن البوب الكوري K-pop إلى تحويلها إلى صناعة تقدر بنحو 5 مليارات دولار بحسب تقرير نشرته وكالة المحتوى الإبداعي الكورية عام 2017.

بداية القصة

أصبح فن الكيبوب عالمياً عام 2009 عندما انتشرت خارج آسيا أغانٍ مثل Sorry Sorry من فرقة Super Junior، وNobody من فرقة Wonder Girls، وأغانٍ أخرى اشتهرت بفضل "يوتيوب".

عام 2012 اكتشف العالم ومعهم العرب أغنية Gangnam Style من الفنان الكوري، ساي. لم يكن أحد يفهم كلماتها إلا أنها نجحت في حصد 100 مليون مشاهدة في 51 يوماً فقط من صدورها، اليوم هي واحدة من الأغاني الأكثر مشاهدة في تاريخ "يوتيوب".

واليوم، اكتسب فن البوب الكوري شعبية واسعة على الصعيد العالمي. ومن أبرز نماذج هذا النجاح فرقة BTS التي احتلت المرتبة الأولى في تصنيف Billboard 200 بفضل Love Yourself: Tear.

نجاح الكيبوب خطة حكومية

أسهمت حكومة كوريا الجنوبية بشكل نشط في تنمية الاقتصاد الثقافي للبلد، يقول موقع "إينديا تايمز"، إذ تأسست وزارة الثقافة والرياضة والسياحة في عام 2008 مع إدارة محددة لتعزيز عولمة الكيبوب وتم تخصيص أموال كبيرة لذلك.

وتطور البحث في تكنولوجيا الهولوغرام التي تستخدم بشكل بارز في عالم الكيبوب وتم الترويج لسياحة هذا الفن.

وتم تطوير منطقة تشانغدونغ في شمال غرب سيول كوجهة ثقافية رئيسية لسياحة الكيبوب. شهدت المرحلة الأولى من المشروع الانتهاء من المجمع الثقافي Platform 61 الذي تم إنشاؤه من 61 حاوية شحن ملونة، واستُخدم من قبل فرق غنائية لتسجيل كليباتها.

نجاح اقتصادي

كان لفرقة BTS تأثير كبير على سوق الأوراق المالية. بحسب ما ذكره موقع "بزنيس كوريا" "لمدة خمسة أيام بعد أن تصدرت BTS تصنيف "بيلبورد" ارتفعت أسعار أسهم شركات الترفيه".

وقدرت القيمة المؤسسية لشركة Big Hit Entertainment التي تدير أعمال فرقة BTS، بأكثر من تريليون وون كوري.

واجتاحت الموجة الكورية المسماة hallyu، والتي تشمل الدراما التلفزيونية الكورية والكيبوب، العالم مقدمة صورة إيجابية البلاد واقتصادها، خاصة بعد الأزمة المالية الآسيوية التي ضربت المنطقة عام 1997.

ويرى الخبراء أن فن البوب الكوري حفّز الاقتصاد الكوري بالتأكيد وشجّع السياحة، إذ يسافر محبو هذا الفن من جميع أنحاء العالم إلى كوريا لحضور الحفلات الموسيقية وتجربة الثقافة الكورية مباشرة. 

تعزيز صورة البلاد= تعزيز اقتصاد البلاد

إلى جانب السياحة، كانت هناك زيادة في الطلب على تعلم اللغة الكورية. يذكر تقرير من "بي بي سي" أن فهم كلمات الأغاني الكورية دفع إلى تعلم اللغة الكورية في بلدان مثل الولايات المتحدة وكندا وتايلاند وماليزيا وحتى الجزائر. وتلعب حكومة كوريا الجنوبية دورها من خلال إنشاء 130 معهداً للغات في 50 دولة.

وعزّز الاقتصاد الثقافي المزدهر أيضاً زيادة تصدير السلع ذات الصلة. إذ يقود النجوم الكوريون اتجاهات المستهلكين بشكل كبير. ويتبع المعجبون المهووسون الموضة والمأكولات وحتى الجراحة التجميلية التي يروج لها هؤلاء النجوم. 

وقام معهد هيونداي للأبحاث بتقييم الآثار الاقتصادية لهذه الموجة الكورية، مشيراً إلى أن تحسين صورة كوريا بفضل "هاليو" يؤدي إلى زيادة الصادرات، وبالتالي إلى نمو الصناعة التحويلية.

وبينما تسيطر العلامات التجارية الكورية مثل "إل جي" و"سامسونغ" و"هيونداي" على التميز في التكنولوجيا المتطورة، فإن كوريا الجنوبية تمضي قدماً في اقتصادها الثقافي.

هذه هي أسرار نجاح صناعة الكيبوب

يقول الموقع إن هذا الفن حزمة مدروسة جيداً، تحاول دائماً دفع كل جانب من جوانب الترفيه الموسيقي. إنها تحتوي على كل شيء: الموسيقى والأزياء والرقص والغناء والقصة. وليس فقط بيع الموسيقى، بل القدوات أنفسهم.

وكتب أستاذ الإدارة في كلية إدارة الأعمال بجامعة يونسي في سيول، مووين راين، والأستاذ المساعد السابق في مدرسة هاسكاين الأعمال وجامعة كالغاري في كندا، وون يونغ أوه، في دورية Harvard Business Review، أن النجاح العالمي للكيبوب لم يتحقق عن طريق الصدفة. 

وأوضحا "تُظهر شركات الكيبوب الترفيهية كيفية ابتكار نماذج الأعمال من خلال تغيير الافتراضات الأساسية لتلك الموجودة"، "وبدلاً من العثور على المواهب الجاهزة، تصنعها شركات الكيبوب".

و"بدلاً من فناني الأداء في السوق أحاديي الاتجاه، تقوم برعاية العلاقات مع العملاء عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وبدلاً من التعامل مع العالم كسوق واحدة، فإنها توطّن الأغاني وحتى المجموعات بحيث يتردد صداها".

وحقق هذا الفن نجاحاً هائلاً في الصين واليابان وجنوب شرق آسيا ككل، لذا سجلت العديد من المجموعات نسخاً بديلة ومترجمة لأغانيها الفردية بالماندرين واليابانية والإنكليزية، لجعل أغانيها أكثر جاذبية ومرونة بالنسبة للجماهير التي تتحدث تلك اللغات.

وأحد أهم العوامل التي أدت إلى ظهور "كيبوب" هو أن شركات التسجيل في كوريا اكتشفت إمكانات موقع تبادل المقاطع "يوتيوب" واستفادت منه في وقت مبكر. وأتاح تطوير وانتشار "يوتيوب" كمنصة فيديو عالمية للفنانين الكوريين الانتقال من مشاهير محليين إلى نجوم عالميين.

وكان لدى الكيبوب بالفعل صيغة رابحة: الأغاني الجذابة، الرقصات القوية، وأعضاء المجموعات الرائعون، ثم كشف "يوتيوب" هذه العناصر أمام مليارات الأشخاص حول العالم.

جزء آخر مهم للغاية من ظاهرة الكيبوب هو أن الفنانين الكوريين يسمحون للمشجعين بالوصول بلا مقابل إلى حياتهم الشخصية عبر سلسلة من البرامج الواقعية.
وبينما يبذل المشاهير الغربيون أقصى جهدهم لحماية خصوصيتهم، فإن المشاهير الكوريين يسمحون للمشجعين بالدخول إلى منازلهم واستوديوهاتهم وحتى سياراتهم، لإعطاء المشجعين نظرة فاحصة عن حياتهم اليومية. هذا النوع من الوصول يعزز علاقة أكثر حميمية بين المعجبين والفنان، الأمر الذي يؤدي إلى ولاء شديد من المحبين.

ومن المحتمل أن تكون القرارات التسويقية لصناعة الموسيقى الكورية هي أكبر عامل. لقد بنت الاستوديوهات نفسها بهدف تصدير الموسيقى الكورية، وأمضت عدة عقود في اتخاذ القرارات التي من شأنها أن تساعد على تحقيق هذا الهدف.

وسبب آخر لنجاح الكيبوب هو كون شركات الترفيه الكورية لا تخشى ارتكاب الأخطاء، الأمر الذي ساعدها على السماح بتنفيذ تجارب متعددة مع أنواع مختلفة من المنتجات، ومجموعات القدوات، ومواصلة توليد الفنون الإبداعية.

المساهمون