قلب للبيع
حدث كل صباح (Getty)
حدث هذا في صباح اليوم، عندما خرجت إلى محل بيع الخردوات القريب من بيتنا، صراحة لا أعرف إن كان محلاً لبيع الخردوات، لكنه حدث هذا الصباح:
ـ مرحباً
ـ أهلاً
ـ لديّ قدمان للبيع، هل لك مصلحة في شرائهما؟
ـ لا نشتري غير الخردة.
ـ حسنا يمكنك اعتبارهما كذلك.
ـ توقف عن مزاحك اليومي، إن لم يكن لديك شيء للبيع، اذهب ودعنا نعمل.
ـ لا بجدية والله، استيقظت اليوم صباحا. فانتبهت بأن لدي شيئين ينبتان من حوضي ولم استخدمهما منذ أشهر. فأنا لا أغادر سريري ولا أمشي ولا أجري ولا أركل، وأنا لم ألبس حذاءً منذ زمن، يعني تهوية جيدة. لذا لمَ اتركهما لدي.
ـ حسناً، دعنا نعمل.
ـ على الأقل تفحصهما، قدمان كاملتان، لم أفقد أي أصبع منهما في الحرب، أصابع جميلة كسلاحف صغيرة.
ـ لا أحتاج لكل هذا.
ـ هل تشتري معدة؟ هي ضعيفة قليلاً لكنها تمضغ الأعشاب. يمكنك بيعها لخروف.
ـ زبائني جميعهم من البشر الجشعين. لا تفيدني معدة لخروف، أحتاج معدة تطحن الحجر.
ـ ممتاز، لديّ شيء يطحن الحجر، أسناني، انظر. صفراء لكنها قوية، تطحن تطعج، تعمل كفتّاحة بيرة. اعطني زجاجة بيرة لأريك ذلك.
ـ هل أنت مريض؟
ـ لا، فقط مشكلة معدة. لكن بإمكانك بيعها لخروف.
ـ لا، أقصد هل تعاني من مرض عقلي؟ مجنون؟
ـ لا، بصراحة صديقي يقول بأني مشوّه حرب. لكن هل تكفي معدة ضعيفة وأمنيتان بالموت ﻷمي، خوف فائض وحبيبة بعيدة. ورأس نصفه للألم ونصفه الآخر للذكريات المكدسة بالموتى. لأُتهم بهذا!
طيب اسمع. لدي شيء سيعجبك، أنف، يشمّ، يعطس، طويل، طري.
ـ وماذا أفعل بأنف!؟
ـ بإمكانك بيعه لمن فقد أنفه. حسناً، سأقطش أنف أحدهم وسيضطر للمجيء إليك، هل أعجبتك الصفقة؟
ـ وأنت ماذا تستفيد من هذه الصفقة؟
ـ هي أشياء زائدة لدي، وفي الوقت نفسه سأوفر بعض النقود لأسدد ديوني.
ثم هل تعتقد بأني وصلت إلى قراري هذا بسهولة؟
لقد صبرت كثيراً، في اليوم الأول وجدت على حائط غرفتي الجديدة عبارة كتبها المعتقل السابق (يلعن أبو الوحدة.)، كانت مكتوبة فوق فراشي كشاهدة قبر.
بعد فترة كتبتُ تحتها (لم ينسَ النقطة في نهاية الجملة، هذه هي الوحدة نحتاج إلى أي شيء إضافي لنقوله، وإن كان لجدار)
لقد فعلت مثله! اخترعت حروفا لأقولها لجدار، خفت كثيراً، فجاءت صديقة وكتبتْ (على هذه الأرض ما يستحق الحياة: الحب)
طيب انتظرت هذا الذي يستحق الحياة، كنت كل يوم أستيقظ وأنتظره. ولم يأت ويلعن أبو الوحدة، لذا قررت البيع، بضاعتي وأنا حرّ بها. هيا ساعدني. اشترها.
ـ طيب أدلك على طريقة أفضل؟ انتحر.
ـ هل تعتقد أنك اكتشفت أمراً عظيماً؟
من قال لك إني لم أفكر بذلك كثيراً، لكن هناك ما يخيفني، أتخيل لو أطلقت رصاصة على رأسي لن أموت. أعرف أن هذا مستحيل. وأن الطبيعي أن يتفجر رأسي فور ضغطي على الزناد.
لكن لنضع احتمالاً صغيراً، لنتخيل.. أن أطلق رصاصة في رأسي ولا يحدث أي شيء، أطعن نفسي بسكين. ولا أتأثر، هذا يرعبني. ألا أكون قادرا على إنهاء حياتي. ألا أستطيع الخروج من اللعبة. أرجوك نجّني من التجربة. ولنبدأ عملية الفك والبيع.
ـ لا لن أدفع نقودا من أجل أنف!
ـ طيب سأمنحك إياه مجانا؟
ـ لا، انقلع يلا.
ـ اعطيك معها أذناً إضافية.
ـ روح يلعن يلا.
ـ طيب ذراع.
ـ لا يلا يلا
ـ أرجو..
ـ انقلع..
لم يحدث هذا صباح اليوم فقط، بل كل صباح منذ فترة، ثم لم يعد يحدث. صار هناك أحدٌ ما.. يتمدد فوق خشبة على زاوية الشارع وينادي: قدمان للبيع، معدة ضعيفة تصلح لهضم الأعشاب، أنف، أسنان صفراء، تطحن تعجن تفتح، قلب محطم.
ـ مرحباً
ـ أهلاً
ـ لديّ قدمان للبيع، هل لك مصلحة في شرائهما؟
ـ لا نشتري غير الخردة.
ـ حسنا يمكنك اعتبارهما كذلك.
ـ توقف عن مزاحك اليومي، إن لم يكن لديك شيء للبيع، اذهب ودعنا نعمل.
ـ لا بجدية والله، استيقظت اليوم صباحا. فانتبهت بأن لدي شيئين ينبتان من حوضي ولم استخدمهما منذ أشهر. فأنا لا أغادر سريري ولا أمشي ولا أجري ولا أركل، وأنا لم ألبس حذاءً منذ زمن، يعني تهوية جيدة. لذا لمَ اتركهما لدي.
ـ حسناً، دعنا نعمل.
ـ على الأقل تفحصهما، قدمان كاملتان، لم أفقد أي أصبع منهما في الحرب، أصابع جميلة كسلاحف صغيرة.
ـ لا أحتاج لكل هذا.
ـ هل تشتري معدة؟ هي ضعيفة قليلاً لكنها تمضغ الأعشاب. يمكنك بيعها لخروف.
ـ زبائني جميعهم من البشر الجشعين. لا تفيدني معدة لخروف، أحتاج معدة تطحن الحجر.
ـ ممتاز، لديّ شيء يطحن الحجر، أسناني، انظر. صفراء لكنها قوية، تطحن تطعج، تعمل كفتّاحة بيرة. اعطني زجاجة بيرة لأريك ذلك.
ـ هل أنت مريض؟
ـ لا، فقط مشكلة معدة. لكن بإمكانك بيعها لخروف.
ـ لا، أقصد هل تعاني من مرض عقلي؟ مجنون؟
ـ لا، بصراحة صديقي يقول بأني مشوّه حرب. لكن هل تكفي معدة ضعيفة وأمنيتان بالموت ﻷمي، خوف فائض وحبيبة بعيدة. ورأس نصفه للألم ونصفه الآخر للذكريات المكدسة بالموتى. لأُتهم بهذا!
طيب اسمع. لدي شيء سيعجبك، أنف، يشمّ، يعطس، طويل، طري.
ـ وماذا أفعل بأنف!؟
ـ بإمكانك بيعه لمن فقد أنفه. حسناً، سأقطش أنف أحدهم وسيضطر للمجيء إليك، هل أعجبتك الصفقة؟
ـ وأنت ماذا تستفيد من هذه الصفقة؟
ـ هي أشياء زائدة لدي، وفي الوقت نفسه سأوفر بعض النقود لأسدد ديوني.
ثم هل تعتقد بأني وصلت إلى قراري هذا بسهولة؟
لقد صبرت كثيراً، في اليوم الأول وجدت على حائط غرفتي الجديدة عبارة كتبها المعتقل السابق (يلعن أبو الوحدة.)، كانت مكتوبة فوق فراشي كشاهدة قبر.
بعد فترة كتبتُ تحتها (لم ينسَ النقطة في نهاية الجملة، هذه هي الوحدة نحتاج إلى أي شيء إضافي لنقوله، وإن كان لجدار)
لقد فعلت مثله! اخترعت حروفا لأقولها لجدار، خفت كثيراً، فجاءت صديقة وكتبتْ (على هذه الأرض ما يستحق الحياة: الحب)
طيب انتظرت هذا الذي يستحق الحياة، كنت كل يوم أستيقظ وأنتظره. ولم يأت ويلعن أبو الوحدة، لذا قررت البيع، بضاعتي وأنا حرّ بها. هيا ساعدني. اشترها.
ـ طيب أدلك على طريقة أفضل؟ انتحر.
ـ هل تعتقد أنك اكتشفت أمراً عظيماً؟
من قال لك إني لم أفكر بذلك كثيراً، لكن هناك ما يخيفني، أتخيل لو أطلقت رصاصة على رأسي لن أموت. أعرف أن هذا مستحيل. وأن الطبيعي أن يتفجر رأسي فور ضغطي على الزناد.
لكن لنضع احتمالاً صغيراً، لنتخيل.. أن أطلق رصاصة في رأسي ولا يحدث أي شيء، أطعن نفسي بسكين. ولا أتأثر، هذا يرعبني. ألا أكون قادرا على إنهاء حياتي. ألا أستطيع الخروج من اللعبة. أرجوك نجّني من التجربة. ولنبدأ عملية الفك والبيع.
ـ لا لن أدفع نقودا من أجل أنف!
ـ طيب سأمنحك إياه مجانا؟
ـ لا، انقلع يلا.
ـ اعطيك معها أذناً إضافية.
ـ روح يلعن يلا.
ـ طيب ذراع.
ـ لا يلا يلا
ـ أرجو..
ـ انقلع..
لم يحدث هذا صباح اليوم فقط، بل كل صباح منذ فترة، ثم لم يعد يحدث. صار هناك أحدٌ ما.. يتمدد فوق خشبة على زاوية الشارع وينادي: قدمان للبيع، معدة ضعيفة تصلح لهضم الأعشاب، أنف، أسنان صفراء، تطحن تعجن تفتح، قلب محطم.
