ستالوني و"مرتزقته": تحية سينمائية لأبطال أفلام "الأكشن" القدامى

ستالوني و"مرتزقته": تحية سينمائية لأبطال أفلام "الأكشن" القدامى

03 ديسمبر 2016
ستالوني يتصدّر زملاءه في الجزء الثالث من السلسلة (Getty)
+ الخط -
لا شكّ في أن الميزة الأساسية لـ "المُستَهلَكون/ المرتزقة" (The Expendables)، في أجزائه الثلاثة، تكمن في جمعه بعض أبرز نجوم أفلام التشويق والحركة والعنف الذين أطلقتهم هوليوود في ثمانينيات القرن الـ 20 وتسعينياته، بالإضافة إلى آخرين ينتمون إلى البدايات الأولى للقرن الـ 21. هذه ميزة تُحسَب لسيلفستر ستالوني، مُبتَكر فكرة السلسلة، والممثل الأول في أجزائها الثلاثة، ومخرج أول مغامرة لهم، تُكلِّفهم بها "وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية"، في إحدى جزر أميركا الجنوبية.

ميزة تجعل لقاء النجوم في سلسلة سينمائية واحدة أشبه بتحية مزدوجة: فهي، أولاً، تحية للنجوم، أبطال العضلات المفتولة، والمغامرات العنيفة، والانتصار الدائم للخير، في مواجهةِ أصنافٍ شتّى من الإرهاب والجرائم والشرور. وهي، ثانياً، "تحية وداع"، إنْ جاز التعبير، أو "نوع من وداعٍ" لهذا الأسلوب التشويقي في أفلام الحركة، وللنجوم أنفسهم، أو لبعضهم على الأقلّ الذين لم يستطيعوا، لغاية الآن، الخروج من الصورة المنمّطة، الموضوعين فيها منذ بداياتهم التمثيلية، مع التنبّه إلى استثناءات واضحة، تتمثّل في تجارب بروس ويليس وآرنولد شوارزينيغر وهاريسون فورد ومل غيبسون مثلاً، خارج التشويق والحركة، من دون تناسي التنويع الكبير لأنتونيو بانديراس، قبل انتقاله إلى هوليوود، وفي بعض المراحل القليلة من مساره المهني.

إذاً، هناك 3 أجزاء، ترتبط كلّها بسمةٍ واحدةٍ فقط: مجموعة من الجنود المعتزلين، المتحوِّلين إلى "مرتزقة"، يؤدّون "خدمات" أمنية واستخباراتية وعسكرية للوكالة نفسها، وربما لغيرها من أجهزة الأمن التي تريد تنفيذ مهمات، من دون أن "تتلطّخ" بالدم أو العنف، أي "من دون أن تكون لها أية علاقة بهذه المهمة، أو بتلك". وهذا يعني أن المجموعة "غير موجودة" رسمياً، ولن يحميها أي جهاز في مؤسّسات الدولة، ولن يُنقِذ أفرادَها، إنْ تمّ اعتقالهم، أيُّ مسؤولٍ أميركي، ولن يعترف بهم أحدٌ، إذا قُتِلوا أثناء تنفيذ العملية المُكلّفين بها.

هذا عملٌ معروفٌ لدى أجهزة استخباراتية وعسكرية مختلفة في العالم، يتقاضى منفّذوه مبالغ طائلة، أحياناً، لقاء خدمات متنوّعة، لن يكون القتل أو التصفية الجسدية/ الاغتيال بعيداً عنها، في سلسلة تحمل عنواناً واحداً، له أكثر من ترجمة عربية غير حرفية، يُفضَّل اختيار واحدةً منها، تعكس طبيعة عملهم: "المرتزقة". مع أن المفردة الإنكليزية تعني، حرفياً، "المُستَهلَكون"، في إشارة إلى أمورٍ عديدة، يكمن أبرزها في أن هؤلاء جميعهم يُستَخْدَمون في مهماتٍ محدّدة، ويُستغنَى عنهم لاحقاً، بعد "استهلاكهم"، وإنْ يتمّ، غالباً، استخدامهم مُجدّداً. أما المفردة الفرنسية، فتُترجم إلى "المُضَحّى بهم"، من أجل تنفيذ مهماتٍ، يُفترض بها أن تكون لمصلحة "الخير" و"الإنسانية".
لكن، في المفهوم الإنتاجيّ، لن يتم التخلّي عن هؤلاء أبداً. ففي مقابل 82 مليون دولار أميركي فقط، كميزانية إنتاجية، حقَّق الجزء الأول (2010) نحو 275 مليون دولار أميركي إيراداتٍ دولية. وفي مقابل 100 مليون دولار أميركي كميزانية إنتاجية، حقّق الجزء الثاني (2012)، لسيمون ويست، نحو 313 مليون دولار أميركي. أما الجزء الثالث (2014)، لباتريك هيوز، فحقَّق إيراداتٍ دولية تساوي 200 مليون دولار أميركي، لقاء ميزانية إنتاجية تبلغ 90 مليون دولار أميركي.

هذه أرقام متداولة رسمياً، مع أن بعض أبرز نجوم السلسلة يُعتَبرون من ذوي الأجور المرتفعة. هذا يُشير إلى رغبةٍ أخرى لديهم، تكمن في لقاء زملاء مهنة ونوع سينمائي، في أفلامٍ يُشاهدها جمهورٌ ملتزمٍ هذا النوع، ومحبٌّ له. ففي مقابل ممثّلين ثابتين في الأجزاء الثلاثة (سيلفستر ستالوني وجايزون ستاتم وجت لي ودولف لاندغرين وتيري كرو، وآرنولد شوارزينيغر)، هناك ممثلون عابرون: بروس ويليس (الأول والثاني)، وميكي رورك وستيف أوستن وإيريك روبرتس وديفيد زاياس (الأول)، وجان ـ كلود فاندام وتشاك نوريس (الثاني)، وهاريسون فورد وأنتونيو بانديراس ومل غيبسون وويسلي سنايبس (الثالث).

من جزيرة "فيلينا" المتخيّلة في جنوب أميركا، حيث يُكلَّف هؤلاء "المرتزقة"، "الخارجون على القانون"، بتنفيذ مهمة تصفية عميل سابق لـ "وكالة الاستخبارات المركزية"، يتاجر بالمخدرات، ويُسيطر على الحاكم الديكتاتوري للجزيرة؛ إلى مطاردة مجرم (فاندام) يقتل أحد أعضاء الفرقة، ويستغلّ رجال قرية ألبانية للبحث عن "بلوتونيوم" بهدف بيعه لإرهابيين دوليين؛ وصولاً إلى مواجهة عنيفة مع أحد المشاركين في تأسيس الفرقة (غيبسون)؛ في هذا كلّه، تمزج الحلقات الثلاث حِرَفية التشويق والحركة، بمزاجٍ ساخرٍ لن يتردّد بعض أعضاء الفرقة في استخدامه، كنكتة يهزأون بها من بعض تاريخٍ تمثيليّ أو حياتيّ.
ففي الجزء الأول، أثناء تكليف مستر شابل (ويليس) بارني روس (ستالوني) بالمهمة، يلتقيهما ترانش موسر (شوارزينيغر) في لقطة سريعة. وعندما يسأل روس مُكلِفَه عن سبب ضحكة ترانش وحيويته، يُجيبه شابل: "إنه يطمح ليكون حاكم ولاية"، في إشارة ساخرة إلى تبوء شوارزي منصب حاكم كاليفورنيا أعواماً طويلة. وفي الجزء الثاني، يغضب شابل من ترانش أثناء احتدام معركة بالأسلحة المتنوّعة، لأن الثاني يُردَّد دائماً "أنا عُدت"، فيقول له شابل: "لقد عدت كفاية، حان دوري أنا لأعود"، في إشارة هازئة لجملة شوارزي في "المدمِّر".



دلالات

المساهمون