الفلسطيني عامر زهر: أُضحِكُ الأميركيين.. ليفهموا هموم العرب أكثر

الفلسطيني عامر زهر: أُضحِكُ الأميركيين.. ليفهموا هموم العرب أكثر

23 يناير 2015
عامر زهر على المسرح (العربي الجديد)
+ الخط -
 ينجح دوماً في إدخال الضحك إلى قلوب جمهوره الذي يعشق الاستماع إلى قصصه. فهي تعبّر عنهم وعن همومهم بطريقة أو بأخرى. احترف فن "الستاند آب كوميدي" عن طريق الصدفة، لكنّه عرف منذ تلك اللحظة أنّها الوسيلة التي يودّ استخدامها لإيصال أفكاره وآرائه إلى الناس... آراء في الغالب مشاكسة، مخالفة لما يجري من حوله. إنّه عامر زهر، الفلسطيني الأميركي، الكاتب، والمحاضر في القانون بجامعة ديترويت الأميركية.

هذا الكوميدي البارع ولد في عمان وانتقل مع عائلته للعيش في الولايات المتحدة الأميركية وهو لم يبلغ من العمر ثلاث سنوات. يروي لـ"العربي الجديد" كيف احترف الكوميديا بينما كان يكمل دراسته الجامعية في ولاية ميتشغن: 

"نظّمت المجموعة الطلابية فعالية استضافت خلالها أحد الكوميديين العرب الأميركيين وهو دين عبيد الله. قبل خروجه إلى المسرح، سأل المنظّمون إذا كان هناك من يحبّ أن يقدّم شيئاً إلى حين ظهور الضيف. فتبرّعت بذلك وصعدت إلى خشبة المسرح، ورويت قصّتين عن والدي. وكان ردّ فعل الجمهور جميلاً جدا. أحببت التجربة، وكرّرتها. هذه كانت نقطة التحوّل التي توقفت عندها وعرفت أنّ الكوميديا فنّ أستطيع تقديمه والإبداع فيه".

عامر يؤمن بأنّه إذا نجح في إضحاك الناس فإنّه سينجح في جعلهم يسمعون ما يريد قوله لهم. وهو يؤمن أيضا بتسخير الكوميديا لإحداث تغيير في المجتمع، فهو برأيه يروي حكاية العربي والفلسطيني الأميركي من خلال فنه. ويضيف: "فنان الستاند آب كوميدي يجب أن يكون صريحا وشفافا مع الجمهور أولا، لأنه يتحدث عن نفسه وعن تجربته. وأنا بحكم أنني عربي فلسطيني أميركي فإنني أمتلك تجربة عميقة ولدي الكثير من الأمور اليومية التي أتحدث عنها. فنان الستاند آب كوميدي يجب أن يكون لديه وجهة نظر وموقف معين تجاه الأمور والأحداث من حوله".

ما يميّز فناني الكوميديا العرب الأميركيين، مثل عامر، هو حساسية وجودهم في مجتمع يجمع بين الثقافتين العربية والأميركية. فهذا الفنان الذي يتطلّع إلى الأحداث من حوله بعين المتفحّص الناقد والمحلل، يشعر أحياناً بالاستفزاز ولا سيما من وسائل الإعلام الأميركية.

"لا أستطيع مشاهدة الأخبار لنصف ساعة دون أن يمرّ ذكر العرب أو المسلمين أو الفلسطينيين، ومن هنا ستجد دائماً إيحاءً في المواضيع التي سأتناولها. أنتقد مثلا النفاق الذي ألاحظه لدى وسائل الإعلام. وقد كتبتُ مقالاً قبل أيام تناول مسألة الخبراء الذين تستضيفهم محطات الأخبار الأميركية مثل CNN، والذين يدعونهم بـ"خبراء الإرهاب". يبدأ هؤلاء الحديث عن الإسلام والمسلمين، وهم لا يدرون عماذا يتحدثون بواقع الأمر. فلا يملك أحد منهم مثلا دكتوراة في دراسات الشرق الأوسط، ولا حتّى أحد منهم يكون مسلماً. والناس البسطاء يصدّقون هؤلاء. هنا يأتي دوري أنا كفنان كوميدي لأشير إلى هذا النفاق الحاصل، والتذبذب في المواقف. وأقوم بذلك بطريقة تهكّمية ومضحكة بشكل يتقبّله الناس".

ويرى عامر أنّ استخدام الفكاهة من أجل إيصال رسالة من هم مظلومون أو مضطهدون يعدّ وسيلة متعارفاً عليها منذ زمن، مشيراً إلى لجوء الأميركيين السود مثلا إلى الكوميديا للتعبير عن مشاكلهم في هذا البلد.

وبينما ينتقد عامر وسائل الإعلام الأميركية، والتمييز الذي يتعرض له العرب والمسلمون أحياناً في الولايات المتحدة، لا ينكر أنّ وجوده في أميركا يعطيه مساحة كبيرة من حريّة التعبير التي تفتقدها البلاد العربية، فلو كان يعيش في دولة أو مملكة عربية فلن يكون بإمكانه مثلا أن ينتقد الرئيس أو الملك، وهذه مشكلة بنظره لأنّ الناس يجب أن يقولوا ما يشعرون ويؤمنون به.

ويضيف عامر أنه كأميركي يستخدم حريته لنقد الأمور التي يعارضها في هذا البلد الذي يعدّ الأكثر تنوعا في العالم، الأمر الذي يطرح أمامه العديد من المواضيع، وهو ما لا يجده في الدول العربية التي ليس فيها هذا الكمّ من التنوّع.

ونرى عامر في فيديوهاته الطريفة على يوتيوب، التي ساهمت وسائل التواصل الاجتماعي في انتشارها بشكل كبير، مرّة يتناول طريقة رقص العربي، ومرّة يسخر من طريقة تحدّث العربي اللغة الإنجليزية. فهو لا يلامس جروح العرب في أميركا وحسب وإنما أيضا يثير أموراّ يومية عن طريقة حياة العرب بشكل عام.

وقبل ختام الحديث عن عامر زهر، لا بد من أن نعرج على أحد أعماله وهو وثائقي بعنوان "We are not white"، وهو تناول قضية التعداد السكاني في الولايات المتحدة، وعدم وجود خانة خاصة بالعرب في نموذج الإحصاء. إذ تعتبر الولايات المتحدة الأميركية السكان من أصل عربي من العرق الأبيض، الأمر الذي يعترض عليه عامر.

خلال الوثائقي يجوب عامر الشوارع طارحاً سؤالاً على الناس ذوي العرق الأبيض: هل تعتقدون أنّ العرب من البيض؟ ويجيب هؤلاء بالنفي القاطع.

عامر الذي لا يوافق أبدا على اعتبار العرب من البيض يفسر ذلك: "اعتبارنا من ذوي العرق الأبيض أمر مدمّر لنا، لأنّنا أقلية ونعامل على أنّنا أقلية. ومن هنا أنا أقول: إذا كنّا أقلية في هذا البلد فإذن يجب أن يكون لدينا وسائلنا لندافع بها ضدّ التمييز. لكن عندما لا نمتلك تلك الوسائل التي يمتلكها غيرنا، لأنّنا غير مصنّفين لدى الحكومة الأميركية فهنا المشكلة الحقيقية. لا أحد يعلم كم عدد الأميركيين العرب هنا. وكلّ التقديرات هي مجرّد تخمينات".

معرفة التعداد الحقيقي للسكّان العرب الأميركيين، برأي عامر وغيره من الناشطين الذين يضغطون باتّجاه تخصيص خانة للعرب في نموذج الإحصاء لعام 2020، سيعطي الأقلية العربية قوّة سياسية وثقلا في المجتمعات المحلية.

المساهمون