"عين السلطان".. كهوف تغازل المغاربة بالماء والخضرة

"عين السلطان".. كهوف تغازل المغاربة بالماء والخضرة

الأناضول

avata
الأناضول
09 مايو 2015
+ الخط -
ينسابُ الماء رقراقاً من أعالي جبل "كندر"، بسلسلة جبال الأطلس المتوسط، شمالي المغرب، وتتدفق شلالاته العذبة في مدينة إيموزار (تعني الشلالات باللغة الأمازيغية) على ارتفاع 1350 متراً عن سطح البحر، بهدير صاخب يكسرُ سُكون الغابات المجاورة.

وتلمع ينابيع الماء المُنبثقة من تجاويف الصخور براقة في انحدار سيلها في اتجاه السفُوح، فلا تنضب صيفاً أو شتاء، فيما يتقاطر على "عين السلطان"، أشهر عيون المدينة، على مدار السنة زوار مغاربة وأجانب، والذين يقدَّرون بمئات الآلاف سنوياً، للاستمتاع بأجوائها العليلة وظلال أشجار الأرز والصنوبر الوارفة.

على جنبات "عين السلطان" تتوافد النساء من أجل غسل ملابس أسرهن، وتنظيف أواني بيوتهن، فيما ترعى مواشي القرويين قرب ضفاف سيلها وترتوي من مياهه الدافقة، بينما يستمتع زوار المنطقة بهذه المناظر الآسرة التي تجردهم من صخب مدنهم، ودوامة الحياة المعاصرة الراكضة بها، ويقبلون عليها، خاصة في فصلي الربيع والصيف، لخضرة طبيعتها، فيما تستحيل شتاء إلى عين تنساب من جوف أرض غارقة في بياض الثلوج التي تهطل بكثافة على المنطقة خلال تلك الفترة من السنة.

والمنطقة بالنظر إلى جمالها وطبيعتها الساحرة، هي قبلة للسائحين المغاربة ومتنفس لسكان مدينة ايموزار والمدن المجاورة، وعلى خلاف منتزهات مدينة افران وبحيرة "ضاية عوا"، تبقى عين السلطان ذات شهرة محلية، بالرغم من أن بعض السياح الأجانب يقصدون المنطقة، في إطار جولاتهم في منطقة الأطلس المتوسط المعروفة بوفرة مياهها وعلو جبالها وكثرة ينابيعها وعيونها.

أحمد سويلة (46 سنة) مواطن مغربي يقيم في الإمارات واعتاد زيارة المغرب سنوياً، قال وهو يتأمل أسراب البط السابحة في أحد السيول المُجاورة لـ "عين السلطان"، وهي تندفع في مجرى المياه اللامع بفعل أشعة الشمس الربيع الدافئة في الأطلس، "كل عام أزور المغرب عائداً من الإمارات العربية، حيث أقطن رفقة عائلتي، وأقصد عين السلطان لأقتنص لحظات صفاء خاصة، فصوت خرير المياه، وخضرة الطبيعة ربيعاً وصيفاً، تبعث على السكينة والهدوء".

الجولة بـ "عين السلطان" لمُحبي السياحة في الجبال ربيعاً، تقودهم أيضاً إلى بحيرات وغابات وعيون مجاورة، لا تقل طبيعتها بهاء عن "عين السلطان"، حيث تغص المنطقة الواقعة بين مدينتي "إفران" و"إيموزار" بالسياح والرحلات المدرسية والعائلات المصطافة، خاصة خلال عطلة نهاية الأسبوع، وتقام المقاهي ويركن إليها الزائرون لتناول وجبات تقليدية محلية، منها و"أطباق الشواء" مرفقاً بكؤوس الشاي المغربي المُنعنع.

أما محمد الوزاني (55 سنة) أحد زوار منتزه عين "السلطان" بمدينة إيمواز (224 كلم شمال الرباط)، يمد كفيه ليغرف رشفة من مياه العين المنعش، قائلاً للأناضول إن "المنتزه بحاجة للمزيد من العناية، وإقامة مواقع للترفيه والاصطياف بالقرب منه". وأضاف "أتيحت لي الفرصة لزيارة عدد من المواقع الطبيعية خارج المغرب، لكن لم يبهرني جمال أحدها كما أبهرتني طبيعة "عين سلطان" الخلابة، ومياه العيون المُنسابة من أعالي الجبال".

وتعني "إيمواز" باللغة الأمازيغية (الشلالات)، وتشتهر المنطقة المعروفة بمرتفعاتها وغاباتها المُمتدة على مساحات شاسعة، بالكهوف والمغارات العديدة المنتشرة على امتداد جبالها، والتي كان السكان الأوائل للمنطقة يتخذون منها مساكن وحظائر لقطعان ماشيتهم، بحسب حفريات أركيولوجية أقيمت بالمنطقة، إذ تعد "إيموزار" إحدى أقدم البلدات في المغرب، وموطناً عبرته قبائل واستوطنته به مجموعات بشرية متنوعة، من يهود ومسلمين وعرب وأمازيغ.
وكان السلطان العلوي (نسبة للدولة العلوية الحاكمة حالياً بالمغرب) "مولاي إسماعيل" قد أقام قصبة (قلعة عسكرية) سنة 1090 بالقرب من المدينة من أجل تعزيز سلطاته على المناطق الجبلية وضبط تحركات قبائلها، ومراقبة تحركاتهم، خاصة في اتجاه مدينة مكناس (عاصمة ملكه).

وتشتهر مدينة إيموزار بتعدد عيونها ووفرة مياهها، فبالإضافة لعين "السلطان" التي أقيم بالقرب منها مصنع لإنتاج مياه الشرب، المستقاة من العين، يتم توزيعه على المستوى الوطني، توجد عيون أخرى لا تقل جنباتها وضفاف سيولها جمالاً عن "عين السلطان" كـ "عين الشفاء" و"عين أجراح" و"عين سيدي ميمون" و"عين الركادة" و"عين أدبيس" وغيرها، كذلك يوجد في المناطق المجاورة لها عدد من البحيرات المائية كـ "ضاية عوا" وبحيرة " أيفرح" وبحيرة "حشلاف".

ورغم وجود مصنع كبير للمياه الطبيعية يحمل اسم "عين السلطان" توزع في مختلف أنحاء المغرب، ووجود مؤهلات طبيعية متنوعة بالمنطقة، وبعض مراكز للاصطياف، إلا أن الاهتمام بالبنيات التحية لمنتزه عين السلطان تبقى متواضعة، ولا توجد بالقرب منها مراكز للترفيه واستقبال السياح، مما يضعف وضع المنطقة على صعيد السياحة الدولية.






اقرأ أيضاً:
بحيرة "ضاية عوا" المغربية: سياحة الهدوء مع الطيور والأسماك

المساهمون