"جيميني مان": التقنية وحدها لا تكفي

"جيميني مان": التقنية وحدها لا تكفي

05 نوفمبر 2019
لا تكفي التقنية وحدها لصمود الفيلم ونجاحه (Imdb)
+ الخط -
هناك أفلام تكتسب أهميتها الأساسية من الجانب التقني فيها، بابتكارها شيئاً مختلفاً في المؤثّرات الخاصة، وفي كيفية استخدامها أيضًا. "رجل الجوزاء" (Gemini Man)، لآنغ لي، اكتسب هذه الأهمية قبل عرضه، لاستخدامه تقنية جديدة، تسمّى The de-aging، تُصغِّر عمر الممثل بالمؤثّرات، مع الاحتفاظ بانفعالاته وحركاته كلّها.

ورغم أنّ هذه ليست المرّة الأولى التي تُستخدم فيها تلك التقنية، لاستخدامها في "كابتن مارفِل" (2019)، لآنّا بودن وراين فْلاك، مع صامويل إل. جاكسون، الذي أدّى شخصية نِك فيوري، إلّا أنّها المرة الأولى التي تشهد بناء فيلم كامل عليها، إلى درجة تصديره كـ"بطولة مشتركة" بين وِلْ سميث في الخمسين من عمره، ووِلْ سميث في العشرين.
لكن، وكما يحدث دائمًا، لا تكفي التقنية وحدها، مهما كانت ثورية، لصمود الفيلم ونجاحه، إنْ لم يكن يملك مقوّمات فنية.
تروي القصّة حكاية هنري، القاتل المأجور الأمهر في العالم، الذي يقرّر التقاعد، ورغم هذا يُلاحَق من قاتل آخر، يُفاجأ هنري أنه نسخة منه عندما كان صغيرا. مع تأكّده أنّ ليس له ابن، يحاول البحث عن تفسير لهذا الاستنساخ، فيكتشف أنّه نتيجة مشروع خطِر لاستخدام "الحمض النووي"، وإنتاج نُسخ أخرى من البشر بصفات مختلفة، كأنْ يكون منعدم المشاعر، لاستخدامه كآلة قتل. أثناء محاولات الاغتيال، وتعاطفه مع النسخة الأصغر منه، يحاول هنري النجاة بحياته. 
مشروع "رجل الجوزاء" يعود إلى عام 1997. منذ ذلك الحين، تغيّر مخرجون كثيرون له، وممثلون أيضًا، أمثال نيكولاس كايج وهاريسون فورد وتوم كروز وغيرهم، إلى أنّ تمّ الاستقرار، عام 2016، على الثنائي لي ـ سميث. معلومات كهذه ربما تفسّر الجانب الأكبر من مشاكل الفيلم، وهي ـ باستثناء الـThe de-aging ـ أنّه قديم جدًا في قصّته ومسار أحداثه، إلى درجة أنّ الفكرة نفسها عن قاتِل متقاعِد يواجه نسخته الأصغر منه مُقدّمة بابتكار واختلاف وأبعاد متعدّدة، في Looper، الذي أخرجه راين جونسن عام 2012.
لم يُراعٍ سيناريو "رجل الجوزاء" الفرق الحاصل بين تسعينيات القرن الماضي وعام 2019، على مستوى الشكل المعتَمَد في مشاهد الحركة، التي تُثير شعورًا بأنّها مُشَاهدة سابقًا، كالقاتِل المعتزل، ومحاولة اغتياله بسبب تاريخه، والذكاء الاصطناعي، وهذه كلّها جوانب أساسية. 
إلى جانب مشكلة السرد، لا يملك الفيلم منظورًا أو وجهة نظر حقيقية إزاء ما يرويه. فالفكرة نفسها تملك احتمالات كثيرة عن الذكاء الاصطناعي، وعن فرق النشأة الذي يُنتج أشخاصًا مختلفين (حتى مع الحامض النووي نفسه)، وعن البُعد السياسي في المشروع، وكيفية استخدامه. هكذا، يستسلم "رجل الجوزاء" تمامًا إلى كونه "مجرّد فيلم حركة بتقنية جديدة"، وهذا غريب على مخرج مثل آنغ لي، يأخذ أفلامه إلى خطوة أبعد من الإبهار التقني، كما في فيلمه المُنجز عام 2012، بعنوان "حياة بي (Life Of Pi)"، وهو المثل الأبرز على ذلك، وأفلامه المُنجزة في تايوان والصين.
هنا، يبدو آنغ لي بعيدًا جدًا عن حماسته وألقه المعتادين. حتّى في تنفيذه مَشاهد الحركة، بدا كأنّه لا يزال في التسعينيات الماضية، من دون مشهد واحد مُبهر، قياسًا على الأفلام التجارية اليوم. لذلك، فإنّ تقنية الـThe de-aging ستستمر بالتأكيد، لكن هذا الفيلم لن يتذكّره أحد، وخسائره كبيرة، إذْ حقّق، بين 11 و20 أكتوبر/ تشرين الأول 2019 مثلاً، 36 مليونًا و326 ألفًا و621 دولارا أميركيا كإيرادات أميركية، مقابل 138 مليون دولار أميركي ميزانية إنتاج، علمًا أن العروض الدولية في الفترة نفسها حقّقت 82 مليونًا و200 ألف دولار أميركي.

دلالات

المساهمون