سينما فلسطين ــ الدوحة... شغف الصورة وفن الحكاية

سينما فلسطين ــ الدوحة... شغف الصورة وفن الحكاية

16 أكتوبر 2019
من فيلم "الببغاء" (الملف الصحافي)
+ الخط -
قبل عام، انطلقت الدورة الأولى من "مهرجان سينما فلسطين ــ الدوحة"، في العاصمة القطرية. تظاهرة تتطلّع إلى رصد مجموعة من الأفلام، سواء الروائية أو الوثائقية، وجمعها معاً في مهرجانٍ واحد، بهدف متابعة الحركة السينمائية، سواء العربية أو الغربية، ومتابعة رؤية هذه الحركة التي تتمحور حول القضية الفلسطينية. كيف ينظر هؤلاء المخرجون إلى فلسطين؟ ما هي الرؤية التي يحملونها؟ لعلّ الدورة الثانية من المهرجان، التي تنطلق اليوم في الدوحة، تجيب أكثر عن هذه التساؤلات. في نظرة سريعة إلى برنامج الدورة الحالية، نلاحظ أن القيّمين على المهرجان يسعون إلى التوسّع أكثر، من خلال حضور مجموعة أفلام أنجزها مخرجون أجانب، أو عرب، ليسوا فلسطينيين وقطريين فقط. تحت عنوان "تداخلات إبداعية"، تُعرض مجموعة من الأفلام، أبرزها "الهوية الفلسطينية" (1983)، للمخرج العراقي قاسم حول. يذهب هذا الفيلم التسجيلي إلى توثيق أحداث شهدتها المراكز الثقافية والتعليمية المُدمّرة والمُحترقة في بيروت، وقد سرق منها جيش الاحتلال، آنذاك، أفلاماً وصوراً ومخطوطات تاريخية ومعاصرة مهمّة. يتضمن الفيلم مقابلات مع الأعضاء الرئيسيين في المشهد الثقافي الفلسطيني في ذلك الوقت، مثل الشاعر الراحل محمود درويش، والتشكيلي الراحل إسماعيل شموط، إلى جانب القائمين على المراكز الثقافية والتعليمية تلك. بهذا، يحاول الفيلم أن يقدّم فهماً ثقافياً يمثّل محاولة الكيان الصهيوني لتدمير الهوية الفلسطينية والاستيلاء على ذاكرتها.

إلى جانب فيلم "الهوية الفلسطينية"، يُعرض أيضاً فيلم "زهرة المدائن" (1969)، من إخراج علي صيام، وسينماتوغرافيا هاني جوهريّة. يعرض الفيلم صورة متجانسة للحياة المدنية الفلسطينية التي أرّقها جيش الاحتلال الإسرائيلي بعد حرب عام 1967. يُعرض، أيضاً، ضمن هذه المجموعة، فيلمان لـ إسماعيل شمّوط، هما "وهج الذكريات" (1972)، و"النداء العاجل" (1973)، إضافة إلى فيلم بعنوان "فلسطين في العين" (1976)، لـ مصطفى أبو علي. فئة أُخرى من الأفلام سيعرضها المهرجان تحت عنوان "نكبة ديجا فو". بدايةً، يستوقفنا هذا العنوان. لماذا "نكبة ديجا فو"؟ نسأل مؤسسة المهرجان ومبرمجته، رفيا العريدي، لتجيب، في حديث إلى "العربي الجديد": "لم تنتهِ نكبة فلسطين في عام 1948، ولم تنحصر في التهجير القسري للشعب الفلسطيني، ولا بمصادرة الأراضي والبيوت والثروات، بل ما زالت مستمرّة حتى يومنا هذا، لكن في أوجه مختلفة من الحياة". في "نكبة ديجا فو"، تُعرض الأفلام الآتية: "أبوكي خلق عمره 100 سنة، زيّ النكبة" لـ رزان الصلاح، و"ولادة صورة" لـ فراس خوري، و"المنطقة ج" لـ صلاح أبو نعمة، و"الفعل الماضي المستمر" لـ ديمة حوراني، و"ذاكرة الأرض" لـ سميرة بدران، و"دلّة قهوة" لـ ثائر العزّة، و"الببغاء" لـ دارين سلّام وأمجد الرشيد. الأفلام كلّها قصيرة، لا يزيد أطولها عن 18 دقيقةً، تستلهم في معظمها آثار النكبة المستمرّة حتى يومنا هذا، وما سبّبته من تأثيرات على الجغرافيا الاجتماعية الفلسطينية. 
كالدورة الماضية أيضاً، وتحت عنوان "مسرّات قطر"، سيكون الجمهور على موعد مع ليلتين مخصصتين للأفلام القصيرة التي أنجزها مخرجون قطريون وعرب مقيمون في قطر. هل ثمة رابط يجمع بين الأفلام الفلسطينية، والأفلام القصيرة التي ستُعرض في "مسرّات قطر"؟
تُجيب العريدي في حديث سابق إلى "العربي الجديد": "كما ذكرت سالفا، تتباين الخبرة السينمائية وعمر التجربة إجمالاً بين المشهدين السينمائيين في فلسطين وقطر بشكل كبير، لكن برأينا أن العامل المشترك يبقى شغف الصورة وفن الحكاية، فهي النواة الأساسية لكل الأفلام التي يسعى الكتاب والكاتبات والمخرجات والمخرجون لمشاركتها مع الناس، الصورة والحكاية".
وحول هذه الأفلام، تقول: "ما لفتنا في هذه الأفلام هو جودتها العالية رغم كونها أعمالًا أولى، والحماسة التي نراها في أعين صانعاتها وصنّاعها للتجربة الشيقة التي مرّوا بها منذ بداية تطوير المشاريع مرورًا بالإنتاج وما بعد، إلى أن تصل أعمالهم لشاشات سينمائية عملاقة لجمهور متذوق للسينما من كل أقطاب الأرض".

المساهمون