"إلغاء" مهرجان "كانّ" 2020: الظرف استثنائيٌّ جداً

"إلغاء" مهرجان "كانّ" 2020: الظرف استثنائيٌّ جداً

15 ابريل 2020
يرفض تييري فريمو فكرة العرض الافتراضي (توماس سامسون/Getty)
+ الخط -
بعد 52 عاماً من تعرّضه لـ"هزّة احتجاجية" أوقفت دورته الـ21 (10 ـ 24 مايو/ أيار 1968)، في منتصفها تقريباً (19 مايو/ أيار)، بعد تدخّل سينمائيين عديدين، أبرزهم جان ـ لوك غودار وفرنسوا تروفو، لدعم الحركة الطالبية والعمالية في فرنسا، في ما يُعرف بـ"مايو/ أيار 1968"، وجد منظّمو مهرجان "كانّ" السينمائي أنفسهم أمام معضلةٍ غير متمكّنين من مواجهتها. فالإعلان الرسمي عن ضرورة التزام العزلة المنزلية في فرنسا (15 مارس/ آذار 2020)، بعد تفشّي فيروس كورونا، وإغلاق المؤسّسات والمتاحف والصالات وغيرها من الأمكنة العامة، أفضى إلى تأجيل الدورة الـ73، المحدّد موعدها بين 12 و23 مايو/ أيار 2020، إلى نهاية يونيو/ حزيران ـ بداية يوليو/ تموز المقبلين، من دون تحديد أي شكلٍ ستتّخذه تلك الدورة، التي لم يكن أحدٌ يعرف مصيرها.

لكن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بدا كأنّه حسم الأمر، وإنْ بشكلٍ غير نهائي بالمطلق. ففي خطابه الأخير، مطلع الأسبوع الجاري، الذي تناول فيه الاستراتيجية الفرنسية لمواجهة فيروس كورونا، ذكر أنّ المهرجانات والأحداث الكبيرة ذات الجمهور العريض، "لا يُمكنها إقامة دوراتها الجديدة، أقلّه حتى منتصف يوليو/ تموز المقبل".


بحسب منظّمي مهرجان "كانّ"، إنّ تأجيلاً جديداً "لم يعد وارداً"، والحدث السينمائي الدولي الأهمّ في العالم مُطالَبٌ بـ"العثور على أشكال جديدة لدورة 2020". ذلك أنّ المهرجان عاجزٌ عن تنظيم دورته تلك "بالشكل المعتاد"، فالظرف الاستثنائي الذي يعيشه العالم برمّته، جرّاء الفيروس المتفشّي في بلدانٍ كثيرة، يفرض على الجميع اتّخاذ خطواتٍ استثنائية، بعضها يتمثّل بعرض الأفلام حديثة الإنتاج، عبر منصّات ومواقع خاصّة، علماً أن مهرجاناتٍ عدّة، وإنْ كان عددها قليلاً إلى الآن، نظّمت وستنظّم دوراتها الجديدة عبر تلك الوسائل الحديثة والمختلفة، أبرزها "مهرجان قابس سينما فن" في تونس، الذي أقام دورته الثانية بين 3 و11 إبريل/ نيسان 2020 افتراضياً، ومهرجان "رؤية الواقع" (Visions Du Reel) في سويسرا، الذي يُقيم دورته الـ51 بين 24 إبريل/ نيسان و2 مايو/ أيار 2020، بالطريقة نفسها.


لكن تييري فريمو، المندوب العام لمهرجان "كانّ"، يرفض فكرة "العرض الافتراضيّ". ففي تصريحٍ صحافي له نهاية الأسبوع الماضي، قال إنّ هذا النموذج من العروض السينمائية "لا يُمكن اعتماده" في مهرجانٍ كمهرجان "كانّ"، بروحه وتاريخه وتأثيراته، وبموقعه كـ"تقاطع سينمائي دولي"، وكـ"أداة أساسية في دعم الصناعة السينمائية". أضاف فريمو متسائلاً ومتعجّباً من إمكانية حصول أمرٍ كهذا: "مُشاهدة أفلام ويس أندرسن أو بول فرهوفِن على جهاز كمبيوتر؟ اكتشاف "توب غان 2" أو جديد "بيكسار" في مكان آخر غير الصالة؟". وأكّد أنّ إطلاق عروض تلك الأفلام "تأجّل" (إلى وقتٍ لاحق)، لتُصبح مشاهدتها على شاشة كبيرة "أمراً ممكناً".


هذا "شعورٌ" يقول به أيضاً ألبيرتو باربيرا، المدير الفني لـ"لا موسترا" (مهرجان فينيسيا السينمائي الدولي)، الذي يُفترض بدورته الـ77 أنْ تُقام بين 2 و12 سبتمبر/ أيلول 2020. لكن مصير هذه الدورة غير معروف إلى الآن "بشكلٍ رسمي".

البيان الأخير لإدارة مهرجان "كانّ" أشار إلى أنّ المسؤولين بدأوا سلسلة استشارات مع مهنيين في فرنسا وخارجها، للتفكير معاً في الخطط التي يُمكن اعتمادها لتنظيم الدورة الـ73، خصوصاً أنْ لا تأكيدات واضحة تشي بأنّ الوضع الصحي الدولي سيتحسن قريباً: "نتمنّى أنْ نتمكّن، في أقرب وقت ممكن، من إعلان الأشكال التي يُمكن المهرجان اتّخاذها بخصوص دورته تلك".

وبحسب "آلوسيني" (الموقع الإلكتروني الفرنسي المتخصّص بالسينما والتلفزيون)، فإنّ مهرجان "كانّ" السينمائي "يجد نفسه مضطرّاً إلى إعادة النظر في خططه". لكن إلغاء الدورة الـ73 "غير وارد حتى اللحظة" (كما في مقالة "آلوسيني"، المنشورة في 14 إبريل/ نيسان 2020). ذلك أنّ فريق المهرجان "مستمرٌ في التفكير بخيارات أخرى". يُذكر أنّ 16 إبريل/ نيسان الجاري كان الموعد الرسمي لإعلان برمجة تلك الدورة الجديدة.

"عند جلاء الأزمة الصحية، التي نولي أهمية أساسية وأولوية كبيرة لأبعادها، يجب أنْ نكتشف مجدّداً أهمية السينما، بنتاجاتها وفنانيها ومهنيّيها وصالاتها وجمهورها، ومكانة هؤلاء جميعهم في حياتنا"، كما جاء في البيان الرسمي لإدارة مهرجان "كانّ"، الذي أضاف أنّ المهرجان وسوقه السينمائية وأقسامه الموازية للمسابقة الرسمية ("أسبوع النقاد" و"نصف شهر المخرجين" و"نظرة ما" وACID) "تُساهم كلّها في تأكيد هذا، والحرص عليه".

المساهمون