باكستان تحلم بأن تصبح جنة للمتزلجين.. حتى حلّت كورونا

باكستان تحلم بأن تصبح جنة للمتزلجين.. حتى حلّت كورونا

12 ابريل 2020
متزلجون في منتجع مالام جابا (فرانس برس)
+ الخط -
في مصعد التزلج في مالام جابا، عُلِّق ملصق يلفت الانتباه بلونه الأصفر وسط بياض المشهد، كتب عليه "يمنع التدخين. يمنع حمل أسلحة".

يصور منتجع التزلج هذا الذي سبق أن دمّرته حركة طالبان، عزم باكستان على إنعاش قطاع السياحة الشتوية مغتنمة الطبيعة الجبلية، بعد سنوات دامية.

كان المكان يغصّ بالمتزلجين المتعرّجين بين القضبان المنصوبة، وزلاجاتهم تصدر أزيزاً على الثلج، وبالمتنزهين الجالسين في الشمس، حتى إغلاقه في مارس/ آذار من ضمن التدابير المتخذة لمنع تفشي فيروس كورونا الجديد الذي سبّب نحو ستين وفاة في البلد.

وقال متحدث باسم المنتجع، سيد عدنان: "لم تسجل أي إصابة هنا. نأمل أن ينتهي الأمر بعد شهرين". مضيفاً: "ليست هذه أول مرة نواجه أزمة"، غير أن الأزمة الصحية الحالية ضربت قطاعي السياحة والنقل الجوي بصورة خاصة، وأجبرت نصف سكان العالم على لزوم منازلهم.

وقبل إغلاقه، كان المنتجع الواقع في جبال الهملايا يأمل بعد تحسن الوضع الأمني في البلد، اجتذاب متزلجين من جميع أنحاء العالم ليصبح "مركزاً دولياً" للتزلج، كما يقول رئيس فريقه التقني جلال باشا.

وهذا يندرج ضمن جهود رئيس الوزراء عمران خان لتحويل نظرة العالم إلى بلاده "من الإرهاب إلى السياحة"، بحسب تعبير حزبه.

ويصور منتجع مالام جابا الذي طُوِّر في الثمانينيات في وادي سوات القريب من الحدود الأفغانية إلى الشمال الغربي، تاريخ البلاد بتقلباته.

فبين 2007 و2009، احتلت حركة طالبان باكستان الوادي وفرضت فيه أحكامها المستمدة من تفسير متشدد للشريعة، فحظرت أي وسيلة ترفيه وأحرقت المدارس، وأعدمت كل من قاومها. ودمر الفندق الفخم ومصعد التزلج.

وروى سيد لياقات علي السائق البالغ من العمر 28 عاماً أنهم "قطعوا الأعمدة وأعادوا بيع فولاذها".

وفي 2010 اجتاحت فيضانات وادي سوات. لكن بعد أقل من عام، جرت مباراة تزلج في مالام جابا، في مؤشر على عودة الأمور إلى طبيعتها. وأعادت مجموعة باكستانية شراء الموقع، فأعيد بناء مصعد التزلج، ثم شيّد فندق فخم على أنقاض السابق.

وعاد السياح الباكستانيون تدريجاً، ما استحدث مئات الوظائف في الوادي الفقير. وقال جلال باشا: "السياحة بدلت حياة الناس. إنها بركة".

وبعدما كانت المنطقة في الماضي محطة لا بدّ منها، على طريق القنب الهندي الذي سلكه آلاف الغربيين أيام حركة الهيبي في السبعينيات، إلى أن عرف باسم "طريق الهيبي"، توقف سيل الزائرين الأجانب بين 2001 و2015 مع تزايد الهجمات.

وإزاء وضع اقتصادي صعب، قررت إسلام آباد إنعاش هذا القطاع، وقامت في هذا السياق بتليين نظام منح تأشيرات الدخول، فشهدت إقبال نحو 18 ألف سائح أجنبي بحسب الأرقام الرسمية عام 2018.

ولباكستان مزايا تجعل منها قبلة سياحية، بدءاً بمنطقتها الجبلية في الشمال، وأنهارها الجليدية التي يزيد عددها على سبعة آلاف.

 وقال المخرج جيروم تانون الذي صور في هذا البلد فيلمه "زابارداست" عن التزلج، إن "جميع متسلقي الجبال يتفقون على أن باكستان جوهرة ينبغي صقلها".

لكنه لفت إلى أن هذا البلد المسلم "الشديد التدين" حيث "الرجال في كل مكان وكأن النساء لا وجود لهنّ"، يعاني من نقص صارخ في البنى التحتية.

فليس فيه سوى ثلاث محطات تزلج، اثنتان منها مملوكتان للجيش، ولا يمكن دخولهما. وتعتزم السلطات بناء أربع محطات جديدة.

في مالام جابا، أحدث المحطات، فإن الكيلومترات الأخيرة من الميدان تعمها الفوضى والزحمة، كذلك إن معظم فنادق المنتجع متقادمة.

ورأى أندرياس بانتيليجيس من الاتحاد الدولي للتزلج أن على باكستان "استثمار الكثير من أجل توفير الحد الأدنى للأوروبيين أو الأميركيين"، وإلا فسوف يأتون مرة واحدة "من أجل التجربة، لكنهم لن يعودوا".

ومصعد التزلج الوحيد في المنتجع بطيء، وخدمته محصورة بميدان تزلج واحد.

وقال ناصر فرهادوف القادم من أذربيجان: "سيكون الأمر مملاً بالنسبة إلى المتزلجين البارعين. لكن إن أرادوا ممارسة التزلج الجبلي، فسيكون بإمكانهم الذهاب إلى أي مكان" آخر.

ومن أول هذه الأماكن الأخرى المتاحة مدكلشت، وهي بلدة صغيرة محاطة بالجبال، يمكن رؤية أطفال فيها يتسلقون منحدراً مكسواً بالثلج، ثم ينزلقون فوقه على ألواح خشبية.

ولا يمكن الوصول إلى البلدة الواقعة على مسافة يوم براً من إسلام آباد، إلا بسيارة رباعية الدفع، ويتحتم المبيت فيها عند أحد السكان، إذ ليس فيها أي فندق.

لكن بعض منحدراتها تمتد على "طول خمسة أو ستة كيلومترات، ميادين تزلج طبيعية"، بحسب هشام الملك الذي نظم فيها مهرجان ألعاب شتوية.

وأوضح شهيد نديم السكرتير السابق للاتحاد الباكستاني للتزلج، الذي انتقل للعمل في السياحة: "تتفرد باكستان بأن منحدراتها بكر. هناك الكثير من الثلج الجديد". لكنّ كل ذلك كان قبل حلول فيروس كورونا الجديد.

(فرانس برس)

المساهمون