الدراما المصرية... مسلسلات يقتسمها الجيش والداخلية

الدراما المصرية... مسلسلات يقتسمها الجيش والداخلية

31 مايو 2018
يشتكي صناع الدراما من الرقابة (جوليان لوف/ Getty)
+ الخط -
بعد أن ينتهي من تهديدهما بالتعذيب، إن لم يفصحا عما لديهما من معلومات، يؤمّ ضابط الأمن الوطني، فتحي عبد الوهاب، متهمين إسلاميين في الصلاة ضمن أحداث مسلسل "عوالم خفية" لعادل إمام، ثم يبدأ في الحديث معهما بلطف بالغ عن كونهما مغسولي العقل وضحيتين.
أما في "نسر الصعيد"؛ فتغرق الشاشة في مشاهد طويلة لتدريبات عسكرية تخال أنها فيديو أنتجته الشؤون المعنوية في القوات المسلحة، وليس مجرّد حلقة من مسلسل درامي يُبثّ في رمضان، فيما يسخر أحد الشخصيات في حلقة أخرى من عمل الطبيب وجدواه مقارنة بضابط الشرطة.
هكذا، لم يعد الأمر مجرّد رسائل ضمنية تمرر بين حديث الشخصيات في الأعمال التلفزيونية، بل أصبحت مباشرة؛ إذ احتلت الشاشة إهداءات إلى أفراد الشرطة، إلى جانب ربط فج بين الأحداث الراهنة في الواقع، وأحداث الحلقات، وصل إلى حد سخرية قطاع من المشاهدين من الطريقة التي قسمت بها أعمال هذا العام بين الداخلية والجيش.

يشتكي كثير من صناع الدراما، سرّاً، هذا العام، مما وصلت إليه القيود والأوامر ودرجات الرقابة والحذف والتعديل التي تمر بها المشاهد والعبارات، وحتى أماكن التصوير، قبل أن تظهر على الشاشة. لا يقتصر الأمر على الرقابة الرسمية ولا لجنة الدراما ولا ما تقوم به القنوات نفسها، خشية أن تطاوله يد عليا. لكن الأعمال التي لا تنتجها شركات تابعة أو قريبة من الدولة تبتعد قدر ما تستطيع عما يجلب إليها ملاحظات ويضعها في قائمة سوداء مستقبلية.
لكن أعمال الشركات التي تحب الدولة وتسعى جاهدة إلى تنفيذ فكرتها عن دور الفن في المشاركة في الحشد والتعبئة وإزالة الفارق بين الدراما والمواد التي تنتجها إدارة الإعلام في وزارة الداخلية وضباط الشؤون المعنوية، وصلت إلى حد التطرق إلى موضوعات، لسوء حظها، تأتي بنتائج عكسية تماماً، كما حدث في الحلقة الحادية عشرة من مسلسل "مليكة" الذي تلعب بطولته دينا الشربيني وأنتجته شركة "سينرجي" المملوكة لرجل الأعمال القريب من الأجهزة الأمنية، تامر مرسي.
في العمل التلفزيوني، يقف المسؤول الأمني، هادي الجيار، ليخبر زميله بأن السفارة الكندية تواصلت مع وزارة الخارجية ورئاسة الجمهورية للاستفسار عن مواطنتهم المختفية والإعلان عن مكانها خلال ساعات، وإلا صعدوا الأمر إعلامياً. يسأل زميله إن كان هناك حل لكسب الوقت؛ فينفي الجيار ويقول إن أي تأخير سيؤدي إلى فهم خاطئ، ويضيف: "وإنت عارف إحنا بنحسس الأيام دي على الرعايا الأجانب.. مش عايزينهم يلبسونا قضية تانية زي قضية ريجيني". هكذا، بكل وضوح وصراحة.
لا علاقة لهذا العمل بأي أحداث راهنة، إلا أن العبارة أُقحمت بهذه الطريقة وسط الأحداث، ظناً أن ذلك يزيد من انتشار رأي الدولة وإعلامها بأن مقتل الباحث الإيطالي كان جزءاً من مؤامرة على مصر، على الرغم من أن التحقيقات أثبتت خضوعه لمراقبة الأمن المصري قبل اختفائه. لكن المفارقة أن الحلقة عُرضت في اليوم ذاته الذي اكتشفت فيه عائلة باحث آخر في جامعة واشنطن أن ابنها الذي اختفى لمدة يومين أثناء لقاء قانونيين وشخصيات بارزة مصرية لدراسته قد ظهر في نيابة أمن الدولة ويواجه تهم نشر أخبار كاذبة والانضمام إلى جماعة إرهابية.

المساهمون