حصار التعليم في غزة

حصار التعليم في غزة

10 يونيو 2015
مشاكل عدة للطلبة بسبب الحصار (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -
اضطر الطالب الفلسطيني، محمد نعيم، (23 عاماً)، برفقة زميليه، سليمان حمادة ومحمد مصطفى، إلى تأخير موعد تخرجهم من كلية الهندسة بجامعة الأزهر في مدينة غزة، ستة أشهر كاملة، بسبب فشل محاولاتهم كافة في إدخال بعض القطع الإلكترونية اللازمة لإتمام مشروع تخرجهم من الجامعة، في تخصص هندسة الميكاترونكس.
وتسبب الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة منذ نحو تسع سنوات، بجانب استمرار إغلاق معبر رفح البري، الخاضع لسيطرة السلطات المصرية، في إعاقة المسيرة التعليمية لمئات الطلبة الملتحقين بمختلف جامعات وكليات القطاع؛ نتيجة غياب بعض المتطلبات الأساسية لمشاريعهم الجامعية من الأسواق المحلية.
ولم تتوقف معاناة نعيم وزميليه عند غياب بعض القطع الإلكترونية ومستلزمات العمل، بل تفاقمت معاناتهم بعدما دمرت الطائرات الحربية الإسرائيلية في العدوان الأخير على القطاع صيف العام الماضي، النموذج الأول لمشروع تخرجهم المتمثل بـتصميم وتصنيع ماكينة تحكم رقمي باستخدام جهاز الحاسوب.
ويقول نعيم، لـ"العربي الجديد"، إنّ فريق العمل شرع في تنفيذ مخططات المشروع مع مطلع العام الماضي 2014، وبعد عدة أسابيع أخذت المعيقات بالظهور تباعا، بداية من افتقار السوق المحلي لأربع قطع أساسية مطلوبة في مشروع التخرج، وثانيا بارتفاع أسعار مستلزمات المشروع المتوفرة بندرة شديدة في السوق.
وتوجه المهندسون الثلاثة بعد فشل محاولاتهم كافة في إدخال القطع المطلوبة عبر معبر رفح البري، أو من خلال المنافذ الحدودية الخاضعة لسيطرة الاحتلال الإسرائيلي، نحو تصنيع بعض القطع محليا واستخدام بعض البدائل المتوفرة في السوق رغم عدم ملاءمتها كليا لمتطلبات العمل وفكرة المشروع.
ويضيف نعيم: "أنجزنا النسخة الأولى من الماكينة في شهر يونير/حزيران 2014 وفق الإمكانيات المتاحة، وبعد ذلك بأسابيع قليلة دمرت الطائرات الإسرائيلية منزل الطالب، سليمان حمادة، الذي احتضن مراحل إنجاز مشروع التخرج، وفي إثر القصف تحولت الماكينة إلى أجزاء متناثرة تحت ركام المنزل المدمر".
ويقول الطالب سليمان، لـ "العربي الجديد": "لم تنكسر عزيمتنا بعدما شاهدنا عملنا الدؤوب وقد تحول إلى أجزاء متناثرة، بل شرعنا فور انتهاء الحرب في إعادة تصنيع الماكينة مجددا في ظل ذات المعيقات السابقة"، مبيناً أنّ مشكلة انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة رافقت فترة تجهيز المشروع التي استمرت لنحو 17 شهراً.
ولفت سليمان إلى أنّ الماكينة تختص بتصميم وإنتاج الأشكال الهندسية المعقدة والزخارف بأنواعها على عدة مواد، مثل الخشب والبلاستيك والألمنيوم واللوحات الإلكترونية، من خلال برمجة حاسوبية خاصة، بما يوفر الوقت والجهد على المستخدم، مشيرا إلى أن المشروع نال أعلى درجات الامتياز على مستوى الجامعة.
ولا تختلف فصول معاناة الطلاب الثلاثة، في كلية الهندسة بجامعة الأزهر، عن معاناة الطالب محمد أبو عنزة، الذي يعمل مع طالبين من قسم الهندسة الكهربائية في كلية الهندسة بالجامعة الإسلامية، على إنتاج طائرة عمودية رباعية المراوح تستخدم في أغراض مدنية عديدة كالأرصاد الجوية والتصوير وعمليات البحث العلمي.
ويقول أبو عنزة (22 عاما)، لـ "العربي الجديد"، إنّ الفريق انطلق في تنفيذ مشروع الطائرة رباعية المراوح قبل أكثر من ثمانية أشهر، وكان من المخطط إنجازه خلال ستة أشهر، لكن المعيقات التي واجهت مراحل العمل أخرت موعد التسليم النهائي الذي لم يتبق له إلا بضعة أيام.
ويضيف: "لم نستطع تنفيذ فكرة المشروع عمليا لذا اضطررنا إلى إيجاد بديل آخر عن طريق محاكاة المشروع بواسطة برامج الحاسب الآلي، بسبب عدم توفر خمس قطع أساسية للمشروع في الأسواق المحلية، في ظل إغلاق المعابر الحدودية والحصار الإسرائيلي، الذي منع عملية إدخالها من خارج القطاع".
وتعرقل مشروع الطلاب الثلاثة في غياب خمس قطع متمثلة بموتور مكون من مئات اللفات النحاسية، ودائرة إلكترونية، ووحدة قياس الاتزان والتسارع، وكذلك لوحة Arduino المسؤولة عن التشغيل والتحكم في أجزاء الطائرة، بجانب بطارية ليثيوم القابلة للشحن.
وبيّن أبو عنزة أن الفريق حاول إدخال القطع المطلوبة بعدة طرق باءت كلها بالفشل، سواء عن طريق معبر رفح المغلق منذ أشهر، أو عبر معبر إيرز/بيت حانون، ولكن الاحتلال يمنع إدخالها لغزة، وكذلك بواسطة البريد السريع، مشيرا إلى أن المشاكل التي واجهها مع فريقه هي مشاكل عامة في القطاع بسبب الحصار.

المساهمون