"قطر اليوم"... صالة فريدة بالمتحف الوطني تروي حكاية التطور

"قطر اليوم"... صالة عرض فريدة بالمتحف الوطني تروي تطور البلاد عبر التاريخ

الدوحة

محمد هديب

محمد هديب
محمد هديب
كاتب وصحافي أردني
26 ديسمبر 2019
+ الخط -
بأيدي صناع أفلام وفنانين وتقنيين ومنتجين ينتمون لاثنتي عشرة دولة، ظهرت في متحف قطر الوطني، صالة العرض الأخيرة بعنوان "قطر اليوم"، وتسلط الضوء على أبرز عناوين تاريخ قطر الحديث.

بإخراج مميز، تم تقديم أرشيف حي في الصالة، يتوزع بين عرض المواد على الأرفف والطاولات، وبين أحدث طرق العرض التقنية، كما هي الحال مع التحفة التركيبية الرقمية التي تستخدم مشاهد تُبث على مرايا عاكسة، مصنوعة من 14 وسيلة عرض رقمي متوازية، كل منها يعرض محتوى وثائقياً مدته 12 دقيقة دون توقف.

يتنقل الأرشيف التاريخي من بدايات تأسيس ملامح الدولة، حتى الاستقلال، وصعوداً إلى منتصف التسعينيات؛ الفترة التي ستبدأ فيها قطر إستراتيجية بعيدة المدى، مستندة إلى اقتصاد قوي بعد أن شكّل غاز الشمال الرافعة القادرة على تنفيذ سياسات جديدة غير تقليدية.

كما تعرض الصالة أكثر من خمسين ساعة من التسجيلات الأرشيفية المأخوذة من قناة "الجزيرة" وتلفزيون قطر، وتلفزيون "الريان" و"beIN"، وغيرها من الوسائل الإعلامية.

وتُعد صالة العرض الأخيرة هذه، من أغنى صالات المتحف. ويأتي تدشينها إيذاناً بافتتاح المرحلة الثانية من متحف قطر الوطني، معززة بذلك مكانة المتحف كصرح عالمي يوفر بين أروقته تجربة تفاعلية لمحبي الفنون والثقافة.

وتصل صالة العرض إلى حصار قطر الذي فُرض عليها، من قبل السعودية والإمارات والبحرين ومصر، منذ الخامس من يونيو/حزيران 2017، وكيف انطلقت الدولة في رحلة جديدة نحو الاكتفاء الذاتي.


يعود الأرشيف إلى أواخر الأربعينيات، حيث تسجل الصالة إنشاء المؤسسات الحكومية بين 1949 و1951، ومن ذلك الشرطة النظامية، وأول ميزانية، وأول مكتب بريد، والعديد من النوادي الأهلية، والمدارس.

ويعبر التاريخ إلى عام 1956 الذي تشهد فيه الصور الفوتوغرافية على المد الشعبي إلى الساحات والشوارع دعماً لمصر إبان العدوان الثلاثي.

على حوامل عرض تتوسط البهو منشورات ووثائق وصور للعملة التي كان اسمها عام 1966 "ريال قطر ودبي".

كما تخصص زاوية للأدوات المنزلية، بما يوثق الحياة الشعبية، والتي شهدت لاحقاً التخلي عن هذه الأدوات، بعد أن حقق النفط وفرة مالية منذ بداية الخمسينيات،  لتبدأ التقنيات الحديثة تحل محل التقليدية.


كل المعروضات تمثل ملخصاً بصرياً يمنح الزائر فكرة شاملة عن التحولات التي تجمع النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية.

يمر العرض إلى ركائز النظام الأساسي المؤقت وتأسيس مجلس الوزراء عام 1970، وأول دستور مؤقت لدولة قطر. صاغ النظام حسن كامل المستشار القانوني للشيخ أحمد بن علي، ونص على تشكيل أول مجلس وزراء برئاسة الشيخ خليفة بن حمد نائب الحاكم، وتوزيع المهام الحكومية على تسع وزارات، وتنظيم عمل الأجهزة الحكومية الأخرى.

وبالوصول إلى عام 2004، يعرج المعرض إلى إقرار أول دستور دائم لقطر. إذ كلفت لجنة من 32 شخصاً يمثلون المجتمع، إعادة النظر في دستور 1970 الذي صيغ قبل استقلال البلاد.



وتضمن الدستور الجديد تعديلات جذرية شملت حرية الرأي والإعلام والنشاط الاقتصادي، بالإضافة إلى حرية العبادة والتجمع وإنشاء المؤسسات غير الحكومية.

يؤرشف "الغاليري" أول سلام وطني 1954 وصولاً الى النشيد الوطني 1996 "قسماً" المعتمد حالياً وهو من تأليف الشيخ مبارك بن سيف آل ثاني، وتلحين الموسيقار القطري عبد العزيز ناصر.

يمر الأرشيف إلى استقلال قطر، في 3 سبتمبر/ أيلول 1971، وتقليد الشيخ أحمد بن علي لقب أول أمير لدولة قطر المستقلة، وإلغاء معاهدة الحماية البريطانية وإبرام معاهدة صداقة بدلاً عنها.



تتضمن الفترة منذ منتصف التسعينيات المفاصل الكبرى التي يقدم فيها "الغاليري" صورة "قطر اليوم"، لجهتين؛ الأولى تراكم تاريخي، والثانية قفزة نوعية ارتبطت بتولي الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني مقاليد الحكم.

وعيّن الشيخ جاسم بن حمد ولياً للعهد، لكنه تنازل عنها لأخيه تميم، في 5 أغسطس/ آب 2003، وصولاً إلى عام 2013، حين تنازل الشيخ حمد بن خليفة عن الحكم للشيخ تميم بن حمد، وخاطب شعبه متمنياً المزيد من الازدهار في ظل الأمير الجديد.

يستعيد "الغاليري" محطة تأسيس مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، عام 1995، والتي تولت رئاسة مجلس إدارتها الشيخة موزا بنت ناصر المسند، ومن أهدافها تطوير الاقتصاد من خلال التركيز على التعليم والبحوث والعلوم. تضم المؤسسة مجموعة من الجامعات، والمدارس، والمعاهد، والمراكز البحثية.

في العام الموالي 1996، تظهر في "الغاليري" علامة اقتصادية هامة، متمثلة في تصدير أول شحنة من الغاز الطبيعي المسال من قطر إلى اليابان من رأس لفان الذي يعتبر أكبر ميناء صناعي في العالم، ويضم أضخم منشأة لتصدير الغاز الطبيعي المسال.

ووصولاً إلى عام 2008 ستكون رؤية قطر 2030 التي جاءت بعد دراسة مستفيضة للموارد الاقتصادية والبيئية والعوامل الاجتماعية والأهداف السياسية للبلاد.



على شاشات عملاقة يتعرف الزائر إلى ضيف لم يعد جديداً، لكنه في عام 1996، كان قراراً قسم تاريخ الإعلام العربي إلى ما قبل وما بعد، ألا وهو إطلاق قناة "الجزيرة" أول قناة إخبارية عربية مستقلة.

وبعد ثلاث سنوات ستعرف قطر أول انتخابات عام 1999 لتنمية المشاركة الشعبية في القرارات الإدارية. 

وعلى الصعيد السياسي الخارجي يوثق "الغاليري" المصالحة اللبنانية عام 2008، مختتمة مؤتمر الحوار اللبناني للعمل على حل النزاع بين القوى السياسية المختلفة. وفي عام 2011 تظهر في "الغاليري" اتفاقية الدوحة لحل أزمة دارفور.


وفي الشأن الرياضي عدة علامات كبرى إقليمياً وقارياً وعالمياً، ومن ذلك دورات كأس الخليج وبطولة الألعاب الآسيوية عام 2006، وأخرى ضمت 39 رياضة و434 فعالية، وفي عام 2010 فوز قطر باستضافة كأس العالم 2022.

وفي الشأن الحدودي يظهر في "الغاليري" ترسيم الحدود البحرية 1969 مع إيران وهو الاتفاق الضامن الأساسي لحقوق قطر في استثمار حقول الشمال، وفي عام 2011 قرار محكمة العدل الدولية الذي حسم الخلاف الحدودي بين قطر والبحرين.

المساهمون