النظام السوري يعاقب نجومه: تطبيلٌ ناقص

النظام السوري يعاقب نجومه: تطبيلٌ ناقص

15 يونيو 2019
غضب غير مفهوم على عابد فهد (فرانس برس)
+ الخط -

قبل أن يصحو الوسط الفني من صدمة اعتزال الفنانة أمل عرفة للفن، على خلفية ما أصدر بحقها من قرارات تمنع ظهورها في وسائل الإعلام الرسمية السورية، عقاباً لها على اعتذارها من المعارضين السوريين، على ضوء ما قدمته بمشهد "الكيماوي" في مسلسلها الأخير "كونتاك"؛ تداولت وسائل الإعلام البديلة في سورية، قرارات شفهية مشابهة أصدرتها وزارة الإعلام التابعة للنظام السوري، تمنع كلاً من الفنانين عابد فهد وعباس النوري من الظهور في وسائل الإعلام السورية الحكومية والخاصة. كما أشيع أنه صدر قرار من الهيئة العامّة للإذاعة والتلفزيون، يقضي بمنع عرض أي مشاهد لهما في الأعمال الدرامية، بعد أن ألغيت مقابلة إذاعية مع عابد فهد على إذاعة "صوت الشباب"، بسياق مشابه لما حدث مع أمل عرفة.

وعقب انتشار تلك الأخبار، صرّح عابد فهد لوسائل الإعلام، بأنه لم يتم تبليغه بأي من تلك القرارات، وأنه لا يعلم مدى صحتها. ولم يذكر فهد أي تفاصيل عن سبب إلغاء مقابلته الإذاعية. أما زوجته الإعلامية زينة يازجي، فغردت على حسابها الشخصي على "تويتر" تغريدة، طالبت فيها وزارة الإعلام السورية بإصدار تصريح رسمي حول الموضوع، وورد في التغريدة: "التعليق عند وزارة الإعلام السورية، فهي الأدرى إذا كان صحيحاً أو لا... وبعدها لكل حادثٍ حديث".

ومن المستغرب وضع اسم عابد فهد على القائمة السوداء الجديدة الخاصة بالفنانين السوريين، ولا سيما أن هذا القرار جاء بعد أشهر قليلة من تصريح فهد عن مواقفه الداعمة للنظام السوري. إذْ قام مؤخراً بإهداء جائزة "موريكس دور"، التي حصل عليها عن فئة أفضل ممثل عربي، للجيشين السوري واللبناني. إلا أنّ البعض تناقل أخباراً مسرّبة، بأن سبب المنع قد يكون البلبلة التي حصلت حول مسلسل "دقيقة صمت"، الذي عرض مؤخراً ولعب فيه فهد دور البطولة، فالمسلسل أثار جدلاً كثيراً من النوع الذي لا يرغب النظام باستمراره، عقب تصريحات كاتب العمل، سامر رضوان، حول توجهات العمل السياسية المعارضة للنظام السوري.
أما الفنان عباس النوري، فجاء قرار منعه على خلفية حواره الأخير الذي أجراه على إذاعة "صوت الشباب" قبل عدة أشهر، والذي عبّر فيه عن رأيه بالقائد التاريخي صلاح الدين الأيوبي، ووصفه بالكذاب! وهو الأمر الذي أثار الجدل في الشارع السوري، إلا أن الأخير نفى خبر منعه من الظهور، مؤكداً أنه لم يتم إخباره بأيٍ من تلك القرارات من قبل أي جهة رسمية. وأكد أنه سيظهر في لقاء ضمن التلفزيون السوري في وقت قريب. وصرّح النوري بأن تلك الأخبار هي مجرد إشاعات "فيسبوكية"، واستشاط النوري بخياله بعيداً، ورجح أن تكون إسرائيل وراء تلك البلبلة الإلكترونية التي تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي. ورغم أن تصريح النوري بدا كوميدياً للبعض، ولكنه لا يختلف فعلياً عن ما كان يذاع في الأعوام الأخيرة عبر منصاته عن نظرية المؤامرة.


وفعلياً، إن منع النظام السوري لظهور فنانين عبر شاشاته ومحطاته الإذاعية ليس بالأمر الغريب عنه. فسبق للنظام أن منع كافة الإذاعات والقنوات السورية التابعة له، من بث أغاني الفنانة أصالة بعد أن صرحت بموقفها المعارض لنظام الأسد في بداية الثورة السورية. كما سبق أن عرضت القنوات السورية مسلسلات قديمة اقتطعت منها مشاهد الممثلين المعارضين، كما حدث في مسلسل "هومي هون"، الذي حذفت منه شخصية سلافة عويشق، وحلقة كان ضيفها مكسيم خليل. ولكن الغريب هذه المرة أن الشخصيات التي يمنع النظام ظهورها كانت تميل إليه في السنوات الماضية. وربما تكون تلك قرارات هي مجرد قرارات مرحلية، الهدف منها خلق حالة من التعاطف مع هؤلاء الفنانين الذين خسروا الكثير من جمهورهم عقب ما صرحوا به وقدموه من مواقف سياسية لإعادتهم للساحة الشعبية. وربما ما يحدث الآن من بلبلة في الوسط الفني ليس سوى انعكاس لتدهور حال البلاد في الداخل السوري، عقب الأزمات الاقتصادية التي تضرب البلاد، والتي شارك بتسليط الضوء عليها عدد من الفنانين الموالين في بداية العام.

دلالات

المساهمون