"جدار الصوت"...حرب حزب الله على السوريين لتجسيد عدوان إسرائيل

"جدار الصوت"...حرب حزب الله على السوريين لتجسيد عدوان إسرائيل

24 اغسطس 2019
الفيلم يعرض في مهرجان البندقية الشهر المقبل (تويتر)
+ الخط -
نقاش حادّ أثاره فيلم "جدار الصوت" للسينمائي اللبناني أحمد غصين، وإن ظل ناقصاً قبل مشاهدة العمل، ذلك أن غصين صوّر بعضاً من مشاهد فيلمه في مدينة القصير السورية، علماً أن أحداثه تدور خلال حرب يوليو/تموز عام 2006 في بلده الأمّ. الإشكالية واضحة: هل يمكن "استعارة" موقع مأساة معينة في تقديم عمل فني عن مأساة أخرى؟ قد يكون الردّ الأسهل بالإيجاب وتكرار معزوفة "فصل الفن عن السياسة"، على اعتبار أن الأعمال الفنية ليست إلا استعارات ورموزاً، وبالتالي لن يضر استخدام مواقع أحداث تراجيدية آنية في أحداث حصلت سابقاً، ولا سيما أن الفيلم ليس وثائقياً بل روائيٌ طويل.

لكن في حالة فيلم "جدار الصوت"، لا يمكن التغاضي عن حقائق عدة: في مايو/أيار عام 2013 تدخّل "حزب الله" اللبناني في معركة القصير حيث صوّرت بعض مشاهد الفيلم، وأنقذ النظام السوري من السقوط على يد الشعب السوري. منذ ذلك التاريخ، حُولت المدينة إلى منطقة عسكرية، من بقي من سكانها على قيد الحياة مهجر ممنوع عليه العودة إلى منطقته التي أصبحت خاضعة تماماً لـ"حزب الله". ووفقاً لتحقيق كتبه الزميل عمار الحلبي في "العربي الجديد"، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، فإن 90 في المائة من سكان القصير إما مهجرون أو قتلى.

وقد تواصل "العربي الجديد" مع غصين للاستفسار حول ما حصل، وليقدم روايته لتصويره مشاهد في القصير وكأنها في جنوب لبنان، فطلب استمهاله ساعة من الزمن، ثم لم يعاود الردّ على الاتصالات. ولم يكن ممكناً لغصين دخول مدينة القصير السورية، المغلقة في وجه أهلها السوريين والفنانين أيضاً (إلا من مطبّلي النظام السوري وحلفائه طبعاً)، إلا بموافقة مطلقة من "حزب الله" والنظام السوري. وطبعاً، سيكون من السخافة القول إن الحزب المذكور سمح لغصين بدخول منطقة يحتلها، إدراكاً منه بأهمية الفن والسينما. فلنتذكر أن النائب (المستقيل) عن حزب الله، نواف الموسوي هدد المسرورين بنجاح فيلم "كفرناحوم" لنادين لبكي سابقاً بأن "وقت الجدّ ما فيه غير سلاحك بيحميك" (حسابه على تويتر معلّق حالياً).

لذا فإن استعانة عمل فني بمشاهد من دمار وخراب تسبب بهما "حزب الله" نفسه في سورية لمقارنته بدمار وخراب تسبب به الاحتلال الإسرائيلي في لبنان ليس إلا فضيحة أخلاقية وسياسية جناها مخرج الفيلم على نفسه، وخصوصاً أن مشاهد الدمار الإسرائيلي لعدوان تموز موجودة وموثقة في آلاف ساعات التصوير وفي أرشيف تلفزيونات وشركات إنتاج محلية وأجنبية. أما "حزب الله" الذي منح الإذن بالتصوير فقد دان نفسه بنفسه، وكأنه يقول للعالم إن الخراب الذي تسبب به في سورية يشبه ذلك الذي اقترفته إسرائيل في لبنان أو يفوقه بشاعة.

تجدر الإشارة إلى أن الفيلم الروائي "جدار الصوت" لم يعرض بعد في الصالات السينمائية اللبنانية، ويدور حول خمسة أشخاص يحاولون الهرب من القصف في قرية صغيرة جنوب لبنان، خلال الأيام الأخيرة من حرب يوليو/ تموز عام 2006. وسيكون عرضه العالمي الأول ضمن "أسبوع النقّاد"، في "مهرجان البندقية (فينيسيا) السينمائي الدولي"، في سبتمبر/أيلول المقبل.

وكان أول من أثار قضية التصوير في منطقة القصير الصحافي اللبناني، روجيه عوطة، على موقع "فيسبوك" حين كتب: "لقد عمّ الانحطاط أيها الأصدقاء، لقد عمّ وفاض في لبنان. وهذه المرة، لا يصدر عن الوسط السياسي، إنما، وبالتوازي مع ذلك، يستكمله وسط غيره هو الوسط الفني...".

وتبع ما كتبه عوطة على مواقع التواصل الاجتماعي تعليقات متباينة من لبنانيين وسوريين.


المساهمون