صناعة "النعال الزبيري": شغف وأصالة وفن

صناعة "النعال الزبيري": شغف وأصالة وفن

الدوحة
أنور الخطيب
أنور الخطيب
صحافي أردني. مراسل "العربي الجديد" في قطر.
24 أكتوبر 2017
+ الخط -
بأدوات بسيطة ينجح الشاب إبراهيم يوسف العيسى الذي يشارك والده شغفه بالتراث القديم، في تحويل قطعة من الجلد الطبيعي في متجره بسوق واقف في الدوحة، إلى نعل زبيرية ملونة ومزخرفة، تباع لعشاق التراث القديم وللسائحين بعشرات الدولارات، إذ تجذبهم الصناعة اليدوية، فيقبلون على شرائها، واستخدامها، والاحتفاظ بها كقطعة تراثية.

ووفق إبراهيم فإن للنعال الزبيرية زبائن، في قطر، ودول الخليج العربية الأخرى، لا يقبلون بديلا عنها، وهم يطلبونها وفق مواصفات محددة، وهي تنتشر أكثر في سلطنة عمان والكويت، وفي منطقة نجد في السعودية. وتعد "النعال الزبيري" التي تتمتع بألوان زاهية وزخارف جميلة من أقدم أنواع الأحذية المعروفة في الخليج العربي.

ويقول إبراهيم، يصنع هذا النوع من الأحذية، من الجلود التي يتم دباغاتها طبيعيًا، وهي جلود الإبل والبقر والأغنام، بينما يستخدم جلد الإبل، عادة، لقاعدة النعال أو «الدعسة»، لما يتمتع به من متانة تختلف عن الجلود الأخرى، في حين تصنع باقي أجزاء النعال من جلود البقر أو الأغنام.




ويعمل والد إبراهيم، يوسف العيسى في مهنته منذ 40 عاماً وحرص على تعليم ابنه الذي يساعده، حتى أصبح محترفاً في جميع مراحل تصنيع نوعية "النعل" والتي تتكون من خمسة أجزاء، النعل والـشسع والـفتخة والنعش والجوبار.

وعن احترافه للمهنة، يقول إنه تعلمها من والده، الذي تعلمها بدوره قبل أكثر من أربعين عاماً من صديق له في منطقة الزبير في العراق، ومنها جاءت تسمية النعال بـ "الزبيرية".

وتمر النعال الزبيرية بمراحل في الصناعة بدءًا من الدباغة والقص والتجميع، كذلك التلوين حتى الزخارف. ولقد حافظت على شكل التصميم التقليدي لها وهو ذات إصبع واحدة، بينما يغطي مشط القدم قطعة جلدية بشكل مائل، وهذه القطعة هي أهم ما في النعال، حيث اللون والزخارف، وأحيانًا تكون خالية من الزخارف، حسب رغبة الزبون.




ورغم التطور الذي أدخله صناع النعال في الخليج عليه لكي يواكب الزمن ويرضي الأذواق، حيث يتم استخدام الألوان خاصة الأصفر والأبيض، والتفنن في الزخرفة، إلا أنها حافظت على تصميمه الأول، حيث يفضل العديد من الزبائن، اللون البني لأنه يتميز عن غيره بوضوح شكل التطريزات والنقشات بصورة أجمل وأكثر أناقة فضلا عن أنه يعتبر اللون الأصلي لـ"النعال الزبيري".

ويلفت إبراهيم الى أن هذه النوعية من النعال تصنع بطريقة يدوية فلا يوجد لديه أية معدات تعمل بالكهرباء أو البطارية، وصانع هذا النوع من الأحذية يملك فقط السكين والمقص والمطرقة و"البرداخ" و"المخراز" والخيوط منها الخاصة بالتطريز وأخرى خاصة بتخييط جميع الأجزاء في "النعل" نفسها.

وعن المدة التي يستغرقها في صناعة هذا النوع من "النعل" أشار إلى أن الخبرة تلعب دوراً كبيراً في التمكن من الانتهاء من صناعة النعال في وقت قياسي، فيمكن للخبير الانتهاء من 3 أزواج في اليوم الواحد.




لا يخفي إبراهيم أن الإقبال على "النعال الزبيري" قلّ في السنوات الأخيرة، وقلّ عدد العاملين فيها خصوصاً بعد أن ظهرت "النعال" الإيطالية والصينية بأشكال وتصميمات مختلفة، وبات استخدامها في قطر مقتصراً على المناسبات التراثية فأصبحت جزءا من الملابس التراثية التي يحرص القطريون على ارتدائها في الأعياد والمناسبات السنوية مثل الاحتفال بالقرنقعوة، لكن كبار السن من المواطنين الذين كانوا يلبسونها في طفولتهم وشبابهم ما زالوا يقبلون عليها ومنهم من يستغرب أن مثل هذه النوعية من الأحذية ما زالت تصنع في سوق واقف، فيشتريها ويخبر أصدقاءه وأقاربه.

ورغم الإقبال القليل من القطريين عليها إلا أن الزوار الخليجيين حريصون على شرائها من الدوحة حيث تباع هذه النعال في بلادهم بأسعار أعلى، والسياح الأجانب يرغبون بها ويفضلونها ليكملوا زينتهم مع الملابس التراثية التي يشترونها من السوق.

وتعمل إدارة سوق واقف في الدوحة، على تشجيع الصناعات اليدوية والتراثية، حيث توفر المواد الطبيعية الخام لأصحاب المحلات مجاناً لعدة سنوات، كما لا تتقاضى منهم أجورا على محلاتهم لمدة أربع سنوات، ثم تبدأ باستيفاء إيجار رمزي منهم لا يتجاوز الـ 250 دولارا شهريا.




وتتنوع أذواق الزبائن الذين يأتون لشراء النعال الزبيرية لاسيما أن السياح الأجانب يفضلون الصناعات التقليدية اليدوية، ويشعرون بسعادة بالغة عند مشاهدتهم مراحل صنع النعال ويلتقطون الصور لها، فمنهم من يختار التطريزات والنقوش الخاصة به ومنهم من يفضلها بلا نقوش، وأما الخليجيون فهم يقبلون بكثافة على شراء "النعال الزبيري" ويفضلون الجلد الناعم ويبتعدون عن شراء النوعيات الأخرى.




ذات صلة

الصورة
سورلينغ

رياضة

حلت السويدية بيترا سورلينغ، رئيسة الاتحاد الدولي لكرة الطاولة، ضيفة على "العربي الجديد"، للحديث عن النسخة المقبلة لبطولة العالم، التي من المقرر أن تقام بالدوحة.

الصورة
المنتدى السنوي لفلسطين- اليوم الثالث (العربي الجديد)

سياسة

أكد باحثون، اليوم الاثنين، أهمية "المنتدى السنوي لفلسطين" باعتباره "رافعة مهمّة للبحث العلمي حول فلسطين والقضايا العديدة المرتبطة بها.
الصورة
كأس آسيا شهدت نجاحاً كبيراً (العربي الجديد/Getty)

رياضة

وصلت رحلة بطولة كأس آسيا لكرة القدم لنهايتها، وشهدت تتويج منتخب قطر باللقب بعد الفوز في النهائي الذي أقيم على استاد لوسيل أمام المنتخب الأردني بنتيجة 3-1.

الصورة
المغترب الفلسطيني محمد صيام (حسين بيضون)

مجتمع

فاق مجموع من فقدتهم عائلة الفلسطيني محمد صيام خلال العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة الـ 50 شهيداً، من بينهم والده ووالدته، وبقية العائلة بين مصابين ونازحين.

المساهمون