النحت على السرسوع

النحت على السرسوع

17 فبراير 2016
نحت على الخشب (getty)
+ الخط -
كان لأشجار السرسوع نصيبٌ كبير في أعمال الحرفيين والفنانين القدامى في الشرق الأقصى. كما عرفه الفراعنة وقاموا بزراعته في جنوب مصر، وصنعوا منه أثاثهم المنزلي وأوانيهم وبعض التماثيل. ولا تزال تحتفظ قرية حجازة، في محافظة قنا، بشهرة عالمية في فنون النجارة عموماً، والنحت على خشب السرسوع خاصة.

والسرسوع أو الساسم أو الساسو، شجرة بقوليّة تصل أحياناً إلى ثمانين قدمًا، وموطنها الأصلي إقليم البنجاب في باكستان، كما يكثر في الهند وجنوب إيران، ولا يزرع في مصر إلا في جنوب الصعيد. وتدخل الأوراق واللحاء والزيوت المستخرجة منه، في العديد من التركيبات الطبية، كما تُستخدَم مخلفات تقطيعه، في صنع فحمٍ جيّد.

وأخشاب السرسوع، ذات متانة وصلابة عالية وليونة تجعلها سهلة التشكيل والنحت. ونظراً لخواصه تلك، فإنه يدخل في صناعة السفن، وهو السر وراء ندرته في الأسواق، والسبب الأول في ارتفاع أسعار الأثاث المنزلي المصنوع منه. كما أنَّ الأشجار تحتاج إلى حوالي أربع سنوات حتى تجف وتكون صالحة للاستخدام، لذا فإنها تحتاج إلى أماكن واسعة للتخزين في مناطق حارة وجافة.


الورش اليدوية المتكاثرة في قرية حجازة، التابعة لمركز قوص، تغلبت على أزمة الخشب بزراعته وجلبه من مناطق قريبة مثل كوم أمبو وأسوان. وهي قرية ذات كثافة سكانية تبلغ حوالى 160 ألف نسمة، معظمهم يعمل في مجال النجارة والتجارة فيها. وكثير منهم أصبح ذا سمعة عالمية في فن النحت على أخشاب السرسوع؛ حيث يتم تسويق أغلب المنتجات للسائحين أو عبر تصديرها للخارج. وقد درجت الورش والجمعيات المعنية بالفنون التراثية، على إقامة المعارض الخارجية للترويج لمنتجات حجازة.


المهنة المتوارثة منذ آلاف السنين في حجازة ظلّت تقليدية، وتتأرجح بين حالات تدهور وصحوات مفاجئة، حتى قيّض لها سنة 1979 مستشرق فرنسي أحب مصر، هو الفنان التشكيلي فرانسوا جيو، بالتعاون مع مواطنه الراهب بيترو أيون الذي عاش في حجازة 27 سنة ودفن فيها. فقد قررا افتتاح ورشة لصناعة الأثاث، وتدريب العمالة على طرق مبتكرة في النحت اليدوي، وأعمال النجارة الفنية.

في البداية، حصل الحرفيون عبر الرجلين على صور لمجموعات أثرية لمنتجات خشبية من العصور المختلفة، مثلت العمود الفقري لإنتاج الورشة، التي صارت فيما بعد عشرات الورش.
معظم المنتجات تعد صورة مطابقة للأعمال المتحفية القديمة في العصور الفرعونية والقبطية والإسلامية، إضافة إلى الأشكال المبتكرة. وهي تستمد من الطبيعة أشكالاً تستخدم في كافة مجالات الحياة، مثل كراسي الأساس، أو تحف الزينة واللوحات المجسمة، أو أدوات منزلية في المطبخ كالأواني والملاعق والقدور، وتمتاز بعض الآلات الموسيقية بأنها تصنع من خشب السرسوع مثل "العود" و"الكمان" والغيتار".

من أكثر ما يعانيه فن النحت على الخشب في قرية حجازة اليوم، زيادة الطلب للتصدير، مقارنة بقلة الأخشاب المتوفرة. إضافة إلى سوق التقليد الذي أصبح رائجاً، ويستخدم أنواعاً أخرى من الأخشاب أقل جودة وسعراً من السرسوع.

إقرأ أيضاً:  ميلاد اسكندنافي.. بهجة رغم المنغصات

دلالات

المساهمون